responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك المؤلف : عليش، محمد بن أحمد    الجزء : 1  صفحة : 85
أَبُو الطَّاهِرِ بْنُ يُسْرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي شَرْحِهِ لِلُمَعِ الشِّيرَازِيَّةِ عَلَى الْجَزْمِ وَالْقَطْعِ بِبِنَاءِ هَذَا الْخِلَافِ عَلَى الْخِلَافِ فِي تَصْوِيبِ كُلِّ مُجْتَهِدٍ أَوْ وَاحِدٍ كَمَا تَجَاسَرَ عَلَيْهِ عِزُّ الدِّينِ وَإِنَّمَا عُبِّرَ بِلَفْظِ هَلْ الْمُقْتَضِي عَدَمُ الْجَزْمِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

وَمَعْنَى قَوْلِهِمْ إنَّ كُلَّ مُجْتَهِدٍ مُصِيبٌ أَوْ الْمُصِيبُ وَاحِدٌ أَنَّ الْأَئِمَّةَ إنْ اخْتَلَفُوا هَلْ عِنْدَ اللَّهِ حُكْمٌ مُعَيَّنٌ تَرْجِعُ إلَيْهِ الظُّنُونُ فَيُصِيبُهُ بَعْضُهُمْ وَيُخْطِئُهُ آخَرُونَ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِمْ الْمُصِيبُ وَاحِدٌ أَوْ لَيْسَ عِنْدَ اللَّهِ حُكْمٌ ظَاهِرٌ وَلَا مَغِيبٌ سِوَى مَا يَظُنُّهُ كُلُّ فَقِيهٍ أَنَّهُ هُوَ الصَّوَابُ فَيُخَاطِبُهُ اللَّهُ تَعَالَى حِينَئِذٍ بِأَنَّ هَذَا حُكْمِي عَلَيْكَ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِمْ كُلُّ مُجْتَهِدٍ مُصِيبٌ.
وَهَذَا الْمَذْهَبُ الثَّانِي هُوَ مَذْهَبُ الْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ وَأَبِي الْهُذَيْلِ وَالْجُبَّائِيِّ وَابْنِهِ وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ الْمَازِرِيِّ وَابْنِ الْعَرَبِيِّ فِي الْمَسَالِكِ وَالْمَحْصُولِ وَابْنِ بَشِيرٍ وَابْنِ رُشْدٍ فِي الْأَجْوِبَةِ وَالْمُقَدِّمَاتِ وَالنَّوَوِيِّ وَعِيَاضٍ فِي الْإِكْمَالِ وَأَبِي حَامِدٍ فِي الْمُسْتَصْفَى قَالَ أَبُو حَامِدٍ لَا يَتَنَاظَرُ فِي الْفُرُوعِ إلَّا الضَّعِيفُ مِنْ الْفُقَهَاءِ يَظُنُّ أَنَّ الْحَقَّ وَاحِدٌ وَلَيْسَ كُلُّ مُجْتَهِدٍ مُصِيبًا وَحِكَايَةُ الْمَازِرِيِّ الْإِجْمَاعَ عَلَى صِحَّةِ اقْتِدَاءِ الْأَئِمَّةِ الْمُخْتَلِفِينَ فِي الْفُرُوعِ الظَّنِّيَّةِ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ يُوَضِّحُهُ قَوْلُهُ وَكَأَنَّ هَؤُلَاءِ يَرَوْنَ الْأَحْكَامَ تَابِعَةً لِلظُّنُونِ وَالظُّنُونُ هِيَ الْمُثْمِرَةُ لَهَا وَالْأَحْكَامُ هِيَ الثَّمَرَةُ كَالْمَعْلُومِ فِي كَوْنِهَا تَابِعَةً لِلْمَعْلُومِ عَلَى أَيِّ حَالٍ صَادَفَتْهُ تَعَلَّقَتْ بِهِ وَالْقَوْلُ بِأَنَّ الْمُصِيبَ وَاحِدٌ لِابْنِ فُورَكٍ وَالْأُسْتَاذِ أَبِي إِسْحَاقَ الْإسْفَرايِينِيّ وَاخْتِيَارُ سَيْفِ الدِّينِ الْآمِدِيِّ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَغَيْرِهِمَا.
وَنُقِلَ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ التَّخْطِئَةُ وَالتَّصْوِيبُ وَرَأَيْت لِبَعْضِ شُيُوخِ الْأُصُولِيِّينَ مَا نَصُّهُ " لَا أَعْلَمُ خِلَافًا بَيْنَ الْحُذَّاقِ مِنْ شُيُوخِ الْمَالِكِيِّينَ وَنُظَّارِهِمْ مِنْ الْبَغْدَادِيِّينَ مِثْلِ إسْمَاعِيلَ بْنِ إِسْحَاقَ وَأَبِي بَكْرٍ الطَّيَالِسِيِّ وَمَنْ دُونَهُمْ كَأَبِي الْفَرَجِ الْمَالِكِيِّ وَأَبِي الطَّيِّبِ وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهْوَيْهِ وَأَبِي الْحَسَنِ بْنِ الْمُنْتَابِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ الشُّيُوخِ وَالْمِصْرِيِّينَ الْمَالِكِيِّينَ كُلٌّ يَحْكِي أَنَّ مَذْهَبَ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي اجْتِهَادِ الْمُجْتَهِدِينَ إذَا اخْتَلَفُوا فِيمَا يَجُوزُ فِيهِ التَّأْوِيلُ مِنْ نَوَازِلِ الْأَحْكَامِ أَنَّ الْحَقَّ مِنْ ذَلِكَ عِنْدَ اللَّهِ وَاحِدٌ مِنْ أَقْوَالِهِمْ وَاخْتِلَافِهِمْ قَالَ وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الَّذِي عَلَيْهِ أَكْثَرُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَهُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِيمَا حَكَاهُ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ وَفِيمَا حَكَاهُ الْحُذَّاقُ مِنْ أَصْحَابِهِمْ مِثْلُ عِيسَى بْنِ أَبَانَ وَمُحَمَّدِ بْنِ شُجَاعٍ الْبَلْخِيّ وَمَنْ تَأَخَّرَ عَنْهُمْ مِثْلُ أَبِي سَعِيدٍ الْبَرَاذِعِيِّ وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْجُرْجَانِيِّ وَأَبِي الْحَسَنِ الْكَرْخِيِّ وَغَيْرِهِ مِمَّنْ رَأَيْنَا وَشَاهَدْنَا وَالْحُجَّةُ لِهَذَا الْقَوْلِ اخْتِلَافُ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَتَخْطِئَةُ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ وَنَظَرُ بَعْضِهِمْ فِي أَقْوَالِ بَعْضٍ وَتَعَقُّبُهَا فَلَوْ كَانَ قَوْلُهُمْ كُلُّهُمْ عِنْدَهُمْ صَوَابًا مَا فَعَلُوا ذَلِكَ، وَقَالَ أَشْهَبُ سَمِعْت مَالِكًا يَقُولُ مَا الْحَقُّ إلَّا وَاحِدٌ قَوْلَانِ مُخْتَلِفَانِ لَا يَكُونَانِ صَوَابًا مَعًا مَا الْحَقُّ وَالصَّوَابُ إلَّا وَاحِدٌ

اسم الکتاب : فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك المؤلف : عليش، محمد بن أحمد    الجزء : 1  صفحة : 85
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست