responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك المؤلف : عليش، محمد بن أحمد    الجزء : 1  صفحة : 386
وَالْأَضْرَارِ وَالْمَفَاسِدِ الدِّينِيَّةِ وَالدُّنْيَوِيَّةِ طُولَ الْأَعْمَارِ:
مِنْهَا أَنَّ غَرَضَ الشَّرْعِ أَنْ تَكُونَ كَلِمَةُ الْإِسْلَامِ وَشَهَادَةُ الْحَقِّ قَائِمَةً عَلَى ظُهُورِهَا عَالِيَةً عَلَى غَيْرِهَا مُنَزَّهَةً عَنْ الِازْدِرَاءِ بِهَا وَمِنْ ظُهُورِ شَعَائِرِ الْكُفْرِ عَلَيْهَا وَمُسَاكَنَتِهِمْ تَحْتَ الذِّلَّةِ وَالصِّغَارِ تَقْتَضِي وَلَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْكَلِمَةُ الشَّرْعِيَّةُ الشَّرِيفَةُ الْعَالِيَةُ الْمُنِيفَةُ سَافِلَةً لَا عَالِيَةً وَمُزْدَرًى بِهَا لَا مُنَزَّهَةً وَحَسْبُك بِهَذِهِ الْمُخَالَفَةِ لِلْقَوَاعِدِ الشَّرْعِيَّةِ وَالْأُصُولِ، وَمَنْ يَتَحَمَّلُهَا وَيَصْبِرُ عَلَيْهَا طُولَ عُمْرِهِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ وَلَا إكْرَاهٍ وَمِنْهَا إكْمَالُ الصَّلَاةِ الَّتِي تَلِي الشَّهَادَتَيْنِ فِي الْفَضْلِ وَالتَّعْظِيمِ وَالْإِعْلَانِ وَالظُّهُورُ لَا يَكُونُ وَلَا يُتَصَوَّرُ إلَّا بِكَمَالِ الظُّهُورِ وَالْعُلَا وَالنَّزَاهَةِ مِنْ الِازْدِرَاءِ وَالِاحْتِقَارِ فِي مُسَاكَنَةِ الْكُفَّارِ وَمُلَابَسَةِ الْفُجَّارِ تَعْرِيضُهَا لِلْإِضَاعَةِ وَالِازْدِرَاءِ وَالْهُزُؤِ وَاللَّعِبِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ} [المائدة: 58] وَحَسْبُك بِهَذِهِ الْمُخَالَفَةِ أَيْضًا.
وَمِنْهَا إيتَاءُ الزَّكَاةِ وَلَا يَخْفَى عَلَى ذِي بَصِيرَةٍ وَسَرِيرَةٍ مُسْتَنِيرَةٍ أَنَّ إخْرَاجَ الزَّكَاةِ لِلْإِمَامِ مِنْ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ وَشَعَائِرِ الْأَنَامِ وَحَيْثُ لَا إمَامَ فَلَا إخْرَاجَ لِعَدَمِ شَرْطِهَا فَلَا زَكَاةَ لِفَقْدِ مُسْتَحِقِّهَا، فَهَذَا رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ مُنْهَدِمٌ بِهَذِهِ الْمُوَالَاةِ الْكُفْرِيَّةِ، وَأَمَّا إخْرَاجُهَا لِمَنْ يَسْتَعِينُ بِهَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ فَلَا يَخْفَى أَيْضًا مَا فِيهِ مِنْ الْمُنَاقَضَةِ لِلْمُتَعَبَّدَاتِ الشَّرْعِيَّةِ كُلِّيًّا وَمِنْهَا صِيَامُ رَمَضَانَ وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ فَرْضٌ عَلَى الْأَعْيَانِ وَزَكَاةُ الْأَبَدَانِ وَهِيَ مَشْرُوطَةٌ بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ ابْتِدَاءً وَانْقِضَاءً وَفِي أَكْثَرِ الْأَحْوَالِ إنَّمَا تَثْبُتُ الرُّؤْيَةُ بِالشَّهَادَةِ وَالشَّهَادَةُ لَا تُؤَدَّى إلَّا عِنْدَ الْأَئِمَّةِ وَخُلَفَائِهِمْ وَحَيْثُ لَا إمَامَ وَلَا خَلِيفَةَ فَلَا شَهَادَةَ فَيَكُونُ الشَّهْرُ إذْ ذَاكَ مَشْكُوكُ الْأَوَّلِ وَالْآخِرِ فِي الْعَمَلِ الشَّرْعِيِّ وَمِنْهَا حَجُّ الْبَيْتِ، وَالْحَجُّ وَإِنْ كَانَ سَاقِطًا عَنْهُمْ لِعَدَمِ الِاسْتِطَاعَةِ؛ لِأَنَّهَا مَوْكُولَةٌ إلَيْهِمْ بِالْجِهَادِ لِإِعْلَاءِ كَلِمَةِ الْحَقِّ، وَمَحْوُ الْكُفْرِ مِنْ قَوَاعِدِ الْأَعْمَالِ الْإِسْلَامِيَّةِ، وَهُوَ فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ وَعِنْدَ مَسِيسِ الْحَاجَةِ وَلَا سِيَّمَا بِمَوَاضِعِ هَذِهِ الْإِقَامَةِ الْمَسْئُولِ عَنْهَا وَمَا يُجَاوِرُهَا لِمِثْلِهِمْ إنَّمَا هُوَ ضَرُورَةٌ مَانِعَةٌ مِنْهُ عَلَى الْإِطْلَاقِ كَالْعَازِمِ عَلَى تَرْكِهِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ وَالْعَازِمُ عَلَى التَّرْكِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ كَالتَّارِكِ قَصْدًا مُخْتَارًا، وَأَمَّا مُقْتَحِمُو نَقِيضِهِ بِمُعَاوَنَةِ أَوْلِيَائِهِمْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ إمَّا بِالنُّفُوسِ.
وَإِمَّا بِالْأَمْوَالِ فَيَصِيرُونَ حِينَئِذٍ حَرْبِيِّينَ مَعَ الْمُشْرِكِينَ وَحَسْبُك بِهَذَا مُنَاقَضَةً وَضَلَالًا، وَقَدْ اتَّضَحَ بِهَذَا التَّقْرِيرِ نَقْصُ صَلَاتِهِمْ وَصِيَامِهِمْ وَزَكَاتِهِمْ وَجِهَادِهِمْ وَإِخْلَالِهِمْ بِإِعْلَاءِ كَلِمَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَشَهَادَةِ الْحَقِّ وَإِهْمَالِهِمْ لِإِجْلَالِهَا وَتَعْظِيمِهَا وَتَنْزِيهِهَا عَنْ ازْدِرَاءِ الْكُفَّارِ وَتُلَاعِبْ الْفُجَّارِ فَكَيْفَ يَتَوَقَّفُ مُتَشَرِّعٌ، أَوْ يَشُكُّ مُتَوَرِّعٌ فِي تَحْرِيمِ هَذِهِ الْإِقَامَةِ مَعَ اسْتِلْزَامِهَا لِمُخَالَفَةِ جَمِيعِ هَذِهِ الْقَوَاعِدِ الْإِسْلَامِيَّةِ الشَّرْعِيَّةِ الْجَلِيلَةِ مَعَ مَا يَنْضَمُّ إلَيْهَا وَيَقْتَرِنُ بِهَذِهِ الْمُسَاكَنَةِ الْمَقْهُورَةِ مِمَّا لَا يَنْفَكُّ عَنْهَا غَالِبًا مِنْ التَّنْقِيصِ الدُّنْيَوِيِّ وَتَحَمُّلِ الذِّلَّةِ وَالْمَهَانَةِ، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ مُخَالِفٌ لِمَعْهُودِ عِزَّةِ الْإِسْلَامِ وَرِفْعَةِ أَقْدَارِهِمْ وَدَاعٍ إلَى احْتِقَارِ الدِّينِ وَاهْتِضَامِهِ وَمِنْ أُمُورٍ تُصَمُّ مِنْهَا الْمَسَامِعُ مِنْهَا الْإِخْلَالُ وَالِاحْتِقَارُ وَالْإِهَانَةُ، وَقَدْ قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَا يَنْبَغِي لِمُسْلِمٍ أَنْ يُذِلَّ نَفْسَهُ» وَقَالَ «الْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنْ الْيَدِ السُّفْلَى» وَمِنْهَا الِازْدِرَاءُ وَالِاسْتِهْزَاءُ وَلَا يَتَحَمَّلُهُمَا ذُو مُرُوءَةٍ فَاضِلَةٍ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ وَمِنْهَا السَّبُّ وَالْإِذَايَةُ فِي الْعِرْضِ وَرُبَّمَا كَانَتْ فِي الْبَدَنِ وَالْمَالِ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ مِنْ خِسَّةِ الْهِمَّةِ وَالْمُرُوءَةِ وَمِنْهَا الِاسْتِقْرَارُ فِي مُشَاهَدَةِ الْمُنْكَرَاتِ وَالتَّعَرُّضِ لِمُلَابَسَةِ النَّجَاسَاتِ وَأَكْلِ الْمُحَرَّمَاتِ وَالْمُتَشَابِهَات وَمِنْهَا مَا يُتَوَقَّعُ مَخُوفًا فِي هَذِهِ الْإِقَامَةِ وَهِيَ أُمُورٌ أَيْضًا مِنْهَا نَقْضُ الْعَهْدِ مِنْ الْمِلْكِ وَالتَّسَلُّطُ عَلَى النَّفْسِ وَالْأَهْلِ وَالْوَلَدِ وَالْمَالِ: وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - نَهَى عَنْ الْإِقَامَةِ بِجَزِيرَةِ الْأَنْدَلُسِ مَعَ أَنَّهَا كَانَتْ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ رِبَاطًا لَا يُجْهَلُ فَضْلُهُ وَمَعَ مَا كَانَ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِ مِنْ الْقُوَّةِ وَالظُّهُورِ وَوُفُورِ الْعَدَدِ وَالْعُدَدِ لَكِنْ مَعَ ذَلِكَ نَهَى عَنْهُ خَلِيفَةُ الْوَقْتِ الْمُتَّفَقُ عَلَى دِينِهِ وَفَضْلِهِ وَصَلَاحِهِ وَنَصِيحَتِهِ لِرَعِيَّتِهِ خَوْفَ التَّغْرِيرِ فَكَيْفَ بِمَنْ أَلْقَى نَفْسَهُ

اسم الکتاب : فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك المؤلف : عليش، محمد بن أحمد    الجزء : 1  صفحة : 386
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست