responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك المؤلف : عليش، محمد بن أحمد    الجزء : 1  صفحة : 385
حُكْم اللَّه تَعَالَى فِي ذَلِكَ كُلّه، وَهَلْ مِنْ شَرْط الْهِجْرَة أَنْ لَا يُهَاجِر إلَّا إلَى دُنْيَا مَضْمُونَة يُصِيبهَا عَاجِلًا عِنْد وُصُوله جَارِيَة عَلَى وَفَّقَ غَرَضه حَيْثُ حَلَّ أَبَدًا فِي نَوَاحِي الْإِسْلَام، أَوْ لَيْسَ ذَلِكَ بِشَرْطِ بَلْ تُجِبْ عَلَيْهِمْ الْهِجْرَة مِنْ دَار الْكُفْر إلَى دَار الْإِسْلَام إلَى حِلُّو، أَوْ مَرَّ، أَوْ وَسِعَ، أَوْ ضَيِّق أَوْ يَسِرْ، أَوْ عُسْر بِالنِّسْبَةِ إلَى أَحْوَالِ الدُّنْيَا، وَإِنَّمَا الْمَقْصِدُ بِهَا سَلَامَةُ الدِّينِ وَالْأَهْلِ وَالْوَلَدِ مَثَلًا وَالْخُرُوجُ مِنْ حُكْمِ الْمِلَّةِ الْكَافِرَةِ إلَى حُكْمِ الْمِلَّةِ الْمُسْلِمَةِ إلَى مَا شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ حُلْوٍ، أَوْ مُرٍّ، أَوْ ضِيقِ عَيْشٍ، أَوْ سِعَتِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ الْأَحْوَالِ الدُّنْيَوِيَّةِ بَيَانًا شَافِيًا مُجَرَّدًا مَشْرُوحًا كَافِيًا يَأْجُرُكُمْ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَالسَّلَامُ الْكَرِيمُ يَعْتَمِدُ مَقَامَكُمْ الْعَالِيَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى وَبَرَكَاتُهُ.

ثُمَّ قَالَ فِي الْمِعْيَارِ عَقِبَ الْجَوَابِ السَّابِقِ مَا نَصُّهُ وَكَتَبَ إلَى الْفَقِيهِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمَذْكُورِ أَيْضًا بِمَا نَصُّهُ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ جَوَابُكُمْ يَا سَيِّدِي رَضِيَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَمَتَّعَ الْمُسْلِمِينَ بِحَيَاتِكُمْ فِي نَازِلَةٍ وَهِيَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ آفِلَةَ مَعْرُوفٌ بِالْفَضْلِ وَالدِّينِ تَخَلَّفَ عَنْ الْهِجْرَةِ مَعَ أَهْلِ بَلَدِهِ لِيَبْحَثَ عَنْ أَخٍ لَهُ، فَقَدْ قُتِلَ فِي قِتَالِ الْعَدُوِّ بِأَرْضِ الْحَرْبِ فَبَحَثَ عَنْ خَبَرِهِ إلَى الْآنَ فَلَمْ يَجِدْهُ وَأَيِسَ مِنْهُ فَأَرَادَ أَنْ يُهَاجِرَ فَعَرَضَ لَهُ سَبَبٌ آخَرُ، وَهُوَ أَنَّهُ لِسَانُ عَوْنٍ لِلْمُسْلِمِينَ عَلَى الذِّمِّيِّينَ حَيْثُ سُكْنَاهُ وَلِمَنْ جَاوَرَهُمْ أَيْضًا مِنْ أَمْثَالِهِمْ بِقَرْيَةِ الْأَنْدَلُسِ يَتَكَلَّمُ عَنْهُمْ مَعَ حُكَّامِ النَّصَارَى فِيمَا يَعْرِضُ لَهُمْ مَعَهُمْ مِنْ نَوَائِبِ الدَّهْرِ وَيُخَاصِمُ عَنْهُمْ وَيُخَلِّصُ كَثِيرًا مِنْهُمْ مِنْ وَرَطَاتٍ عَظِيمَةٍ بِحَيْثُ إنَّهُ يَعْجِزُ عَنْ تَعَاطِي ذَلِكَ مِنْهُمْ أَكْثَرُهُمْ قَلَّ مَا يَجِدُونَ مِثْلَهُ فِي ذَلِكَ الْفَنِّ إنْ هَاجَرَ وَبِحَيْثُ إنَّهُمْ يَلْحَقُهُمْ فِي فَقْدِهِ ضَرَرٌ كَثِيرٌ إنْ فَقَدُوهُ فَهَلْ يُرَخَّصُ لَهُ فِي الْإِقَامَةِ مَعَهُمْ تَحْتَ حُكْمِ الْمِلَّةِ الْكَافِرَةِ لِمَا فِي إقَامَتِهِ هُنَالِكَ مِنْ الْمَصْلَحَةِ لِأُولَئِكَ الْمَسَاكِينِ قَبْلَ الذِّمِّيِّينَ مَعَ أَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى الْهِجْرَةِ مَتَى شَاءَ، أَوْ لَا يُرَخَّصُ لَهُ إذْ لَا رُخْصَةَ لَهُمْ أَيْضًا فِي إقَامَتِهِمْ هُنَاكَ تَجْرِي عَلَيْهِمْ أَحْكَامُ الْكُفْرِ لَا سِيَّمَا، وَقَدْ سُمِحَ لَهُمْ فِي الْهِجْرَةِ مَعَ أَنَّ الْأَكْثَرَ قَادِرُونَ عَلَيْهَا مَتَى أَحَبُّوا، وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنْ لَوْ رُخِّصَ لَهُمْ فِي ذَلِكَ فَهَلْ يُرَخَّصُ لَهُ أَيْضًا فِي الصَّلَاةِ بِثِيَابِهِ حَسَبَ اسْتِطَاعَتِهِ إذْ لَا تَخْلُو فِي الْغَالِبِ عَنْ نَجَاسَةٍ لِكَثْرَةِ مُخَالَطَةِ النَّصَارَى وَتَصَرُّفِهِ بَيْنَهُمْ وَرُقَادِهِ وَقِيَامِهِ فِي دِيَارِهِمْ فِي خِدْمَةِ الْمُسْلِمِينَ عِنْدَ الذِّمِّيِّينَ حَسْبَمَا ذُكِرَ بَيِّنُوا لَنَا حُكْمَ اللَّهِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ مَأْجُورِينَ مَشْكُورِينَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَالسَّلَامُ الْكَرِيمُ يَعْتَمِدُ مَقَامَكُمْ الْعَالِيَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى وَبَرَكَاتُهُ.
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ تَعَالَى وَحْدَهُ الْجَوَابُ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَلِيُّ التَّوْفِيقِ بِفَضْلِهِ أَنَّ إلَهَنَا الْوَاحِدَ الْقَهَّارَ قَدْ جَعَلَ الْجِزْيَةَ وَالصِّغَارَ فِي أَعْنَاقِ مَلَاعِينِ الْكُفْرِ سَلَاسِلَ وَأَغْلَالًا يَطُوفُونَ بِهَا فِي الْأَقْطَارِ وَفِي أُمَّهَاتِ الْمَدَائِنِ وَالْأَمْصَارِ إظْهَارًا لِعِزَّةِ الْإِسْلَامِ وَشَرَفِ نَبِيِّهِ الْمُخْتَارِ، فَمَنْ حَاوَلَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ عَصَمَهُمْ اللَّهُ وَوَفَّرَهُمْ انْقِلَابَ تِلْكَ السَّلَاسِلِ وَالْأَغْلَالِ فِي عُنُقِهِ، فَقَدْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَعَرَّضَ بِنَفْسِهِ إلَى سَخَطِ الْعَزِيزِ الْجَبَّارِ وَحَقِيقٌ أَنْ يُكَبْكِبَهُ مَعَهُمْ فِي النَّارِ {كَتَبَ اللَّهُ لأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ} [المجادلة: 21]
فَالْوَاجِبُ عَلَى كُلِّ مُؤْمِنٍ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ السَّعْيُ فِي حِفْظِ رَأْسِ الْإِيمَانِ بِالْبُعْدِ وَالْفِرَارِ عَنْ مُسَاكَنَةِ أَعْدَاءِ حَبِيبِ الرَّحْمَنِ وَالِاعْتِلَالُ لِإِقَامَةِ الْفَاضِلِ الْمَذْكُورِ بِمَا عَرَضَ مِنْ عَرَضِ التَّرْجَمَةِ بَيْنَ الطَّاغِيَةِ وَأَهْلِ ذِمَّتِهِ مِنْ الذِّمِّيِّينَ الْعُصَاةِ لَا يَخْلُصُ مِنْ وَاجِبِ الْهِجْرَةِ وَلَا يُتَوَهَّمُ مُعَارَضَةُ مَا سُطِّرَ فِي السُّؤَالِ مِنْ الْأَوْصَافِ الطَّرْدِيَّةِ بِحُكْمِهَا الْوَاجِبِ إلَّا مُتَجَاهِلٌ أَوْ جَاهِلٌ مَعْكُوسُ الْفِطْرَةِ لَيْسَ مَعَهُ مِنْ مَدَارِكِ الشَّرْعِ خِبْرَةٌ؛ لِأَنَّ مُسَاكَنَةَ الْكُفَّارِ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَالصِّغَارُ لَا تَجُوزُ وَلَا تُبَاحُ سَاعَةً مِنْ النَّهَارِ لِمَا تُنْتِجُهُ مِنْ الْأَدْنَاسِ

اسم الکتاب : فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك المؤلف : عليش، محمد بن أحمد    الجزء : 1  صفحة : 385
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست