responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فتاوى السبكي المؤلف : السبكي، تقي الدين    الجزء : 1  صفحة : 95
الْأَفْعَالُ.
وَالْآيَةُ شَامِلَةٌ لِذَلِكَ وَالْخَلْقُ وَالْأَلْوَانُ وَنَحْوُهَا وَإِنَّمَا أَخَذْنَا الْكَبِيرَةَ مِنْ قَوْله تَعَالَى {بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا} [الأحزاب: 58] وَقَوْلُهُ (احْتَمَلُوا) وَذَكَرَهُ بَعْدَ أَذَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَلَعْنَةِ فَاعِلِهِ وَإِنْ لَمْ يَصِلْ إلَى دَرَجَتِهِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ مَجْمُوعِ الْآيَةِ مَعَ الْحَدِيثِ أَنَّ كُلَّ مَا يَكْرَهُهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَقِّهِ فَذِكْرُهُ إيذَاءٌ لَهُ. فَمَنْ فَعَلَهُ فَهُوَ مَلْعُونٌ كَافِرٌ.
وَقَدْ نَبَّهَ الزَّمَخْشَرِيُّ عَلَى أَنَّ أَذَى الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَكُونُ إلَّا بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبَ، فَلِذَلِكَ أَطْلَقَ وَقَيَّدَ فِي الْمُؤْمِنِينَ خَاصَّةً وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ " أَخَذُوا عَامِلًا فِي " مَلْعُونِينَ " لِأَنَّ مَا بَعْدَ الشَّرْطِ لَا يَعْمَلُ فِيمَا قَبْلَهُ وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ هُوَ مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ وَمَذْهَبُ الْكِسَائِيّ أَنَّهُ يَعْمَلُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ انْتَهَى.

[قَوْله تَعَالَى الْحِلْمُ وَالْأَنَاةُ فِي إعْرَابِ غَيْرَ نَاظِرِينَ إنَاهُ]
(الْحِلْمُ وَالْأَنَاةُ فِي إعْرَابِ قَوْله تَعَالَى غَيْرَ نَاظِرِينَ إنَاهُ)
(آيَةٌ أُخْرَى) قَوْله تَعَالَى {لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ} [الأحزاب: 53] الَّذِي يُخْتَارُ فِي إعْرَابِهَا: أَنَّ قَوْله تَعَالَى {أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ} [الأحزاب: 53] حَالٌ، وَيَكُونُ مَعْنَاهُ مَصْحُوبِينَ. وَالْبَاءُ مُقَدَّرَةٌ مَعَ أَنَّ تَقْدِيرَهُ بِأَنْ؛ أَيْ مُصَاحِبًا وَقَوْلُهُ {غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ} [الأحزاب: 53] حَالٌ بَعْدَ حَالٍ، وَالْعَامِلُ فِيهِمَا الْفِعْلُ الْمُفَرَّغُ فِي " لَا تَدْخُلُوا " وَيَجُوزُ تَعَدُّدُ الْحَالِ، وَجَوَّزَ الشَّيْخُ أَبُو حَيَّانَ أَنْ تَكُونَ الْبَاءُ لِلسَّبَبِيَّةِ، وَلَمْ يُقَدِّرْ الزَّمَخْشَرِيُّ حَرْفًا أَصْلًا، بَلْ قَالَ: إنَّ " أَنْ يُؤْذَنَ " فِي مَعْنَى الظَّرْفِ، أَيْ وَقْتَ أَنْ يُؤْذَنَ.
وَأَوْرَدَ عَلَيْهِ أَبُو حَيَّانَ بِأَنَّ " أَنْ " الْمَصْدَرِيَّةَ لَا تَكُونُ فِي مَعْنَى الظَّرْفِ وَإِنَّمَا ذَلِكَ فِي الْمَصْدَرِ الصَّرِيحِ. نَحْوَ أَجِيئُك صِيَاحَ الدِّيكِ؛ أَيْ وَقْتَ صِيَاحِ الدِّيكِ. وَلَا تَقُولُ: أَنْ يَصِيحَ. فَحَصَلَ خِلَافٌ فِي أَنَّ " أَنْ يُؤْذَنَ " ظَرْفٌ أَوْ حَالٌ فَإِنْ جَعَلْنَاهَا ظَرْفًا كَمَا قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ فَقَدْ قَالَ: إنَّ " غَيْرَ نَاظِرِينَ " حَالٌ مِنْ لَا تَدْخُلُوا وَهُوَ صَحِيحٌ، لِأَنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ مُفَرَّغٌ مِنْ الْأَحْوَالِ، كَأَنَّهُ قَالَ: لَا تَدْخُلُوا فِي حَالٍ مِنْ الْأَحْوَالِ إلَّا مَصْحُوبِينَ غَيْرَ نَاظِرِينَ. عَلَى قَوْلِنَا، أَوْ وَقْتَ أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ غَيْرَ نَاظِرِينَ عَلَى قَوْلِ الزَّمَخْشَرِيِّ.
وَإِنَّمَا لَمْ يَجْعَلْ (غَيْرَ نَاظِرِينَ) حَالًا مِنْ " يُؤْذَنَ " وَإِنْ كَانَ جَائِزًا مِنْ جِهَةِ الصِّنَاعَةِ لِأَنَّهُ يَصِيرُ حَالًا مُقَدَّرَةً، وَلِأَنَّهُمْ لَا يَصِيرُونَ مَنْهِيِّينَ عَنْ الِانْتِظَارِ، بَلْ يَكُونُ ذَلِكَ قَيْدًا فِي الْإِذْنِ، وَلَيْسَ الْمَعْنَى عَلَى ذَلِكَ، بَلْ عَلَى أَنَّهُمْ نُهُوا أَنْ يَدْخُلُوا إلَّا بِالْإِذْنِ، وَنُهُوا إذَا دَخَلُوا أَنْ يَكُونُوا نَاظِرِينَ إنَاهُ. فَلِذَلِكَ امْتَنَعَ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنْ يَكُونَ الْعَامِلُ فِيهِ " يُؤْذَنَ " وَأَنْ يَكُونَ حَالًا مِنْ مَفْعُولِهِ؛ فَلَوْ سَكَتَ الزَّمَخْشَرِيُّ عَلَى هَذَا لَمْ يُرَدَّ عَلَيْهِ شَيْءٌ، لَكِنَّهُ زَادَ

اسم الکتاب : فتاوى السبكي المؤلف : السبكي، تقي الدين    الجزء : 1  صفحة : 95
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست