responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فتاوى السبكي المؤلف : السبكي، تقي الدين    الجزء : 1  صفحة : 94
يَجْعَلْ إجْلَاءَهُمْ مُسَبَّبًا عَنْهُ وَرُبَّمَا سَأَلَ لَهُمْ، فَجَعَلَ عَدَمَ إيتَائِهِمْ سَبَبًا فِي إغْرَائِهِ بِهِمْ وَفِي إجْلَائِهِمْ عَنْهُ بَعْدَ قَلِيلٍ، حَتَّى لَا يَكُونَ لَهُمْ عَلَيْهِ حَقُّ الْجِوَارِ وَيَسْتَمِرُّ أَثَرُ الْإِغْرَاءِ بِهِمْ فِي قِتَالِهِمْ حَيْثُ كَانُوا. قَوْلُهُ (مَلْعُونِينَ) جَعَلَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ حَالًا فِي جَوَازِ الِاسْتِثْنَاءِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي {غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ} [الأحزاب: 53] وَهُوَ صَحِيحٌ.
وَقَدْ تَقَدَّمَ قَوْلُ الْأُصُولِيِّينَ وَغَيْرِهِمْ فِي الْفِرَارِ مِنْ اسْتِعْمَالِ اللَّفْظِ فِي مَعْنَيَيْهِ أَنَّهُ يُقَدَّرُ (إنَّ اللَّهَ يُصَلِّي وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ) يَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّ التَّقْدِيرَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِنْ جِنْسِ الْمَنْطُوقِ لَفْظًا وَمَعْنًى وَلَا تَكْفِي الْمُسَاوَاةُ لِأَنَّهُ يَصِيرُ كَشَبَهِ الْمُشْتَرَكِ وَجَمْعِهِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فَلْيُنْظَرْ هَذَا فَإِنِّي لَمْ أَرَهُ مَنْقُولًا. وَاَلَّذِي يَظْهَرُ هَذَا وَاَلَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ الْمَحْذُوفُ يَدُلُّ عَلَيْهِ الْمَلْفُوظُ بِلَفْظِهِ وَمَعْنَاهُ. فَإِنَّ الْمَعْنَى هُوَ الْمَقْصُودُ، وَإِذَا كَانَ تَعَيَّنَ أَنْ تَكُونَ الصَّلَاةُ مِنْ اللَّهِ بِمَعْنَى الصَّلَاةِ مِنْ الْمَلَائِكَةِ وَهِيَ التَّعْظِيمُ إذَا أُرِيدَ الْفِرَارُ مِنْ اسْتِعْمَالِ اللَّفْظِ فِي مَعْنَيَيْهِ، وَأَنْ يُقَالَ إنَّهُ اُسْتُعْمِلَ فِي مَعْنَيَيْهِ وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ، لِأَنَّهَا تَحِيَّةٌ وَاحِدَةٌ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْمُؤْمِنِينَ.

قَوْلُهُ {بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا} [الأحزاب: 58] مُوَافِقٌ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ فَقَدْ بَهَتَّهُ» وَالتَّطْبِيقُ بَيْنَ الْآيَةِ وَالْحَدِيثِ يَقْتَضِي تَفْسِيرَ الْأَذَى بِمَا يَكْرَهُ «فَذِكْرُك أَخَاك بِمَا يَكْرَهُ إنْ كَانَ فِيهِ فَهُوَ غِيبَةٌ» سَوَاءٌ أَكَانَ اكْتَسَبَهُ كَالْمَعَاصِي وَالْأَفْعَالِ الرَّذِيلَةِ وَنَحْوِهَا أَمْ كَانَ لَمْ يَكْتَسِبْهُ مِنْ صِفَاتِ بَدَنِهِ وَنَحْوِهَا مِمَّا يُكْرَهُ؟
وَكُلُّهُ حَرَامٌ، إلَّا أَنَّ ذِكْرَهُ بِمَا فِيهِ مِمَّا يَكْرَهُ وَلَيْسَ بِمُكْتَسِبٍ لَهُ مُقْتَضَى الْحَدِيثِ أَنَّهُ غِيبَةٌ، وَعُمُومُ الْآيَةِ مُقْتَضٍ أَنَّهُ بَهْتٌ وَلَا يَبْعُدُ تَخْصِيصُ الْآيَةِ بِالْحَدِيثِ، لِأَنَّهُ الْأَقْرَبُ إلَى الْفَهْمِ مِنْ الْجَرَيَانِ عَلَى مُقْتَضَى الْعُمُومِ فِي هَذَا الْمَكَانِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ فَهُوَ بَهْتٌ، سَوَاءٌ أَكَانَ مِمَّا يُكْتَسَبُ مِنْ الْمَعَاصِي وَالرَّذَائِلِ أَمْ لَا مِنْ الْخَلْقِ وَالصِّفَاتِ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُكْتَسَبَةٍ، لِأَنَّ غَيْرَ الْمُكْتَسَبِ يَشْمَلُ مَا يَصِحُّ اكْتِسَابُهُ وَمَا لَا يَصِحُّ اكْتِسَابُهُ، وَقُوَّةُ الْآيَةِ تَقْتَضِي الْبَهْتَ كَبِيرَةً وَيُوَافِقُهُ الْحَدِيثُ «إنَّ اللَّهَ وَضَعَ الْحَرَجَ إلَّا مَنْ اقْتَرَضَ مِنْ عِرْضِ أَخِيهِ شَيْئًا فَذَلِكَ الَّذِي حَرَجَ وَأَثِمَ» لَكِنَّ الْحَدِيثَ خَاصٌّ بِالْقَرْضِ، وَظَاهِرُهُ

اسم الکتاب : فتاوى السبكي المؤلف : السبكي، تقي الدين    الجزء : 1  صفحة : 94
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست