responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فتاوى السبكي المؤلف : السبكي، تقي الدين    الجزء : 1  صفحة : 79
الشَّرِّ صَحِيحٌ وَلَيْسَ مِثْلَهُ لِأَنَّ خَرَجَتْ كَلَامٌ تَامٌّ وَلَيْسَ بَعْدَهُ إلَّا مَخَافَةُ الشَّرِّ، فَتَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ تَعْلِيلًا، وَلَيْسَ نَظِيرَ الْآيَةِ لِاحْتِمَالِهَا الْوَجْهَيْنِ وَقَوْلُهُ حَسِبْت خُرُوجَهُ أَحَدُهُمَا يَتَعَيَّنُ أَنْ يَكُونَ مَخَافَةَ الشَّرِّ هُوَ الثَّانِي إلَّا إنْ جَوَّزْنَا أَنَّ خُرُوجَهُ يَقَعُ فِي مَوْضِعِ الْمَفْعُولَيْنِ فَيَكُونُ نَظِيرَ الْآيَةِ وَيَخْرُجُ عَنْ النَّظِيرَيْنِ اللَّذَيْنِ قَبْلَهُ انْتَهَى.

(فَصْلٌ) قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الْفَرْقُ بَيْنَ صَرِيحِ الْمَصْدَرِ وَ " أَنْ وَالْفِعْلِ " الْمُؤَوَّلَيْنِ بِهِ مَعَ اشْتِرَاكِهِمَا فِي الدَّلَالَةِ عَلَى الْحَدَثِ أَنَّ مَوْضِعَ صَرِيحِ الْمَصْدَرِ الْحَدَثُ فَقَطْ. وَهُوَ أَمْرٌ تَصَوُّرِيٌّ وَ " أَنْ وَالْفِعْلُ " يَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ بِالْحُصُولِ إمَّا مَاضِيًا وَإِمَّا حَالًا أَوْ مُسْتَقْبَلًا وَإِنْ كَانَ إثْبَاتًا وَبِعَدَمِ الْحُصُولِ فِي ذَلِكَ إنْ كَانَ نَفْيًا، وَهُوَ أَمْرٌ تَصْدِيقِيٌّ وَلِهَذَا يَسُدُّ " أَنْ وَالْفِعْلُ " مَسَدَّ الْمَفْعُولَيْنِ، لِمَا فِيهِمَا مِنْ النِّسْبَةِ، فَإِنْ قُلْت مِنْ أَيْنَ جَاءَتْ الدَّلَالَةُ عَلَى الْحُصُولِ أَوْ عَدَمِهِ؛ وَهُمَا فِي قُوَّةِ الْمُفْرَدِ؟ قُلْت مِنْ دَلَالَةِ الْفِعْلِ، فَإِنَّ الْفِعْلَ يَدُلُّ عَلَى الْحُدُوثِ فَحَافَظْنَا عَلَى تِلْكَ الدَّلَالَةِ مَعَ " أَنْ " فَإِنْ قُلْت وَمِنْ أَيْنَ لِلْفِعْلِ الدَّلَالَةُ عَلَى الْحُدُوثِ، وَإِنَّمَا يَدُلُّ عَلَى الْحُدُوثِ وَالزَّمَانِ لَا عَلَى الْوُقُوعِ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ وَلَا عَدَمِهِ؟ قُلْت بَلْ هُوَ يَدُلُّ عَلَى الْوُقُوعِ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ وَهَذَا هُوَ الَّذِي امْتَازَ بِهِ الْفِعْلُ عَنْ الِاسْمِ فَإِنَّ اسْمَ الزَّمَانِ يَدُلُّ عَلَى الزَّمَانِ كَأَمْسِ وَغَدٍ وَالْآنَ عَلَى الْأَزْمِنَةِ الثَّلَاثَةِ. وَكُلٌّ مِنْهَا يَدُلُّ عَلَى حَدَثٍ وَزَمَنٍ وَلَيْسَتْ بِأَفْعَالٍ، وَالصَّبُوحُ يَدُلُّ عَلَى حَدَثٍ وَزَمَانٍ وَلَيْسَ بِفِعْلٍ؛ وَضَارِبٌ اسْمُ فَاعِلِ مَعْنَى الْمَاضِي أَوْ الْحَالِ أَوْ الِاسْتِقْبَالِ وَإِنْ سَلَّمْنَا دَلَالَتَهُ عَلَى أَحَدِ الْأَزْمِنَةِ الثَّلَاثَةِ وَأَنَّ مَوْضُوعَهُ الْإِشْعَارُ لَهُ بِالْحُصُولِ وَلَا عَدَمِهِ بَلْ هُوَ تَصَوُّرٌ مَحْضٌ بِخِلَافِ الْفِعْلِ فَإِنَّهُ دَالٌّ عَلَى الْحُصُولِ وَدَلَالَتُهُ عَلَى الزَّمَانِ كَذَلِكَ وَقَوْلُ مَنْ قَالَ إنَّهُ يَدُلُّ عَلَى الزَّمَانِ بِهَيْئَتِهِ وَأَوْزَانِهِ وَعَلَى الْحَدَثِ بِمَادَّتِهِ صَحِيحٌ، وَلَكِنَّهُ قَاصِرٌ عَمَّا قُلْنَاهُ وَعَمَّا يَقْتَضِيهِ الْفِعْلُ، فَإِنَّك إذَا قُلْت ضَرَبَ زَيْدٌ تَسْتَفِيدُ مِنْ ضَرَبَ نِسْبَةَ الضَّرْبِ فِي الزَّمَانِ الْمَاضِي. وَهَذِهِ ثَلَاثَةُ أُمُورٍ وَالضَّرْبُ وَزَمَانُهُ وَهُمَا تَصَوُّرَانِ، وَنِسْبَتُهُ التَّصْدِيقِيَّةُ. غَيْرَ أَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى الْفَاعِلِ الَّذِي صَدَرَ مِنْهُ الضَّرْبُ لَا الْمَفْعُولِ الَّذِي حَلَّ بِهِ الضَّرْبُ، إنْ بَنَى الْفِعْلَ لِلْمَفْعُولِ حَتَّى يَتِمَّ الْكَلَامُ وَالتَّصْدِيقُ، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ الْفِعْلَ كَلِمَةٌ تُسْنَدُ أَبَدًا وَالْإِسْنَادُ نِسْبَةٌ فَبِمُجَرَّدِ اللَّفْظِ بِالْفِعْلِ عَرَفْت الْإِسْنَادَ وَبَقِيت مُحْتَاجًا إلَى الْمُسْنَدِ إلَيْهِ. وَإِذَا تَأَمَّلْت هَذَا الْمَعْنَى عَرَفْت أَنَّهُ زَائِدٌ عَلَى مَا قَالَهُ كَثِيرٌ مِنْ النُّحَاةِ؛ وَأَنَّهُ حَقٌّ، وَتَحَقَّقَتْ بِهِ دَلَالَةُ: " أَنْ وَالْفِعْلِ " عَلَى الْوُقُوعِ إمَّا ثَابِتًا وَإِمَّا مَنْفِيًّا بِخِلَافِ صَرِيحِ الْمَصْدَرِ، فَإِنَّهُ إنَّمَا يَدُلُّ عَلَى الْمَعْنَى لَا إشْعَارَ لَهُ بِوُقُوعٍ أَلْبَتَّةَ. وَكَيْفَ يَتَوَقَّفُ فِي ذَلِكَ وَنَفْسُ ضَرَبَ الْمُتَحَرِّكِ الْوَسَطِ الَّذِي هُوَ فِعْلٌ يَدُلُّ عَلَى حُدُوثِ فِعْلٍ فِي الْمَاضِي بَلْ لَيْسَ

اسم الکتاب : فتاوى السبكي المؤلف : السبكي، تقي الدين    الجزء : 1  صفحة : 79
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست