responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فتاوى السبكي المؤلف : السبكي، تقي الدين    الجزء : 1  صفحة : 78
حَتَّى يَقَعَ بَعْدَهَا الْمَفْعُولُ الثَّانِي أَوْ يَقَعَ صَرِيحُ الْمَصْدَرِ مَقْصُودًا بِهِ التَّصْدِيقِيُّ حَتَّى يَسُدَّ مَسَدَّ الْمَفْعُولَيْنِ؟ لَمْ أَرَ لِلنُّحَاةِ تَصْرِيحًا بِذَلِكَ، وَيَحْتَاجُ إلَى سَمَاعٍ مِنْ الْعَرَبِ وَالْأَقْرَبُ خِلَافُهُ.
فَعَلَى هَذَا يَضْعُفُ مَا قَصَدَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ، وَإِنْ صَحَّ فَيَمْشِي مَا قَالَهُ. وَهَلْ يَصِحُّ مَثَلًا أَنْ يُقَالَ: حَسِبْت أَنْ يَقُومَ خَيْرًا مِنْ أَنْ يَقْعُدَ؟ هَذَا يَحْتَاجُ إلَى سَمَاعٍ وَلَمْ أَجِدْهُ. فَلِذَلِكَ أُوَافِقُ الزَّمَخْشَرِيَّ عَلَى التَّصْرِيحِ بِالْمَفْعُولَيْنِ وَاكْتَفَيْت بِالتَّتِمَّةِ بِالتَّعْلِيلِ وَالْحَالِ لِحُصُولِ مَقْصُودِ الْآيَةِ الَّذِي قَصَدَهُ وَقَصَدَ بِهِ بِذَلِكَ دُونَ ارْتِكَابِ أَمْرٍ لَمْ يَشْهَدْ لَهُ كَلَامُ النُّحَاةِ.
وَأَمَّا قَوْلُ الزَّمَخْشَرِيِّ: إنَّ التَّرْكَ مِنْ التَّرْكِ الَّذِي هُوَ بِمَعْنَى التَّصْيِيرِ فَلَا دَلِيلَ لَهُ عَلَى ذَلِكَ وَلَا ضَرُورَةَ إلَيْهِ، هُوَ مُحْتَمِلٌ لِذَلِكَ وَلَأَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى الْإِهْمَالِ وَالتَّخْلِيَةِ. وَالْبَيْتُ الَّذِي أَنْشَدَهُ مُحْتَمِلٌ لَهُمَا وَالْمَعْنَى الْمَقْصُودُ يَحْصُلُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا بِلَا ضَرُورَةٍ. وَأَمَّا قَوْلُهُ تَقْدِيرُهُ أَحَسِبُوا تَرَكَهُمْ. فَحَمَلَهُ عَلَيْهِ قَوْلُ النُّحَاةِ أَنَّ " أَنْ وَالْفِعْلَ " بِتَأْوِيلِ الْمَصْدَرِ، وَلَكِنْ قَدْ أَشَرْنَا إلَى الْفَرْقِ وَإِنْ اشْتَرَكَا فِي أَصْلِ الْمَعْنَى.
وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي تَقْدِيرِهِ غَيْرَ مَفْتُونِينَ، فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَفْعُولًا ثَانِيًا أَلَا تَرَى أَنَّهُ جَعَلَهُ مِنْ التَّصْيِيرِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ حَالًا. وَيَشْهَدُ لَهُ أَنَّهُ سَبَكَهُ مِنْ قَوْلِهِ {وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ} [العنكبوت: 2] فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلَ فَمَا الدَّلِيلُ عَلَيْهِ؟ وَقَوْلُهُ {وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ} [العنكبوت: 2] لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ ثَانِيًا لِأَجْلِ الْوَاوِ وَإِنْ كَانَ الثَّانِي فَهُوَ مُخَالِفٌ لِنَصِّ كَلَامِهِ، وَإِذَا كَانَ قَدْ سَبَكَهُ فِي مَعْنَى {وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ} [العنكبوت: 2] يَجِبُ صِحَّةُ وُقُوعِهِ مَوْقِعَهُ وَلَوْ وَقَعَ {وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ} [العنكبوت: 2] مَوْقِعَهُ لَكَانَ مِنْ أَبْعَاضِ الصِّلَةِ، فَلَمَّا تَأَخَّرَ فِي الْآيَةِ وَوَقَعَ الْخَبَرُ قَبْلَهُ وَالْخَبَرُ أَجْنَبِيٌّ مِنْ الصِّلَةِ لَزِمَ الْفَصْلُ بَيْنَ أَبْعَاضِ الصِّلَةِ بِأَجْنَبِيٍّ، وَهُوَ لَا يَجُوزُ.
وَقَوْلُهُ: وَقَوْلُهُمْ آمَنَّا هُوَ الْخَبَرُ يَعْنِي فِي الْأَصْلِ وَهُوَ الْآنَ مَفْعُولٌ ثَانٍ عَلَى رَأْيِهِ وَقَوْلُهُ وَأَمَّا غَيْرُ مَفْتُونِينَ فَتَتِمَّةُ التَّرْكِ صَحِيحٌ؛ لَكِنْ لَمْ يُبَيِّنْ أَنَّهُ مَفْعُولٌ أَوْ حَالٌ؛ وَقَدْ بَيَّنَّاهُ فِيمَا تَقَدَّمَ. وَقَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مِنْ التَّرْكِ الَّذِي هُوَ بِمَعْنَى التَّصْيِيرِ مَمْنُوعٌ لِمَا تَقَدَّمَ، وَلَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ لِأَنَّهُ تَتِمَّةٌ سَوَاءٌ كَانَ بِمَعْنَى التَّصْيِيرِ أَمْ بِالْمَعْنَى الْآخَرِ.
وَقَوْلُهُ (أَنْ يَقُولُوا) عِلَّةُ تَرْكِهِمْ غَيْرَ مَفْتُونِينَ يَعْنِي مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى؛ أَمَّا مِنْ جِهَةِ الصِّنَاعَةِ فَيَسْتَحِيلُ إذْ هُوَ خَبَرٌ أَنْ يَكُونَ عِلَّةً، وَقَوْلُهُ " كَمَا تَقُولُ خُرُوجُهُ لِمَخَافَةِ الشَّرِّ " لَيْسَ مِثْلُهُ لِأَنَّ خُرُوجَهُ مُفْرَدٌ وَالْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ بَعْدَهُ وَحْدَهُ فَاحْتَجْنَا أَنْ نَجْعَلَ أَحَدَهُمَا مُبْتَدَأً وَالْآخَرَ خَبَرًا وَالْآيَةُ فِيهَا مَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ كَلَامًا تَامًّا قَبْلَ اللَّامِ، فَاحْتَمَلَتْ الْأَمْرَيْنِ.
وَقَوْلُهُ خُرُوجُهُ مَخَافَةَ

اسم الکتاب : فتاوى السبكي المؤلف : السبكي، تقي الدين    الجزء : 1  صفحة : 78
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست