responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فتاوى السبكي المؤلف : السبكي، تقي الدين    الجزء : 1  صفحة : 70
مِنْ أَنَّهُمَا رَسُولَا رَبِّهِ أَنْ يُرْسِلَ مَعَهُمَا بَنِي إسْرَائِيلَ وَلَا يُعَذِّبْهُمْ، وَمَجِيئُهُمَا بِآيَةٍ مِنْ رَبِّهِ. فَهَذَا هُوَ مَقْصُودُ الرِّسَالَةِ. وَخَتَمَاهُ بِالسَّلَامِ مُعَرَّفًا عَلَى عَادَةِ السَّلَامِ فِي آخِرِ الرَّسَائِلِ فَهُوَ سَلَامُ دُعَاءٍ لَا سَلَامُ تَحِيَّةٍ. وَالسَّلَامُ التَّحِيَّةُ يَكُونُ فِي صَدْرِ الرِّسَالَةِ مُنَكَّرًا وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ الْوَاوُ فِي {وَالسَّلامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى} [طه: 47] عَاطِفَةً لِهَذِهِ الْجُمْلَةِ مِنْ كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى تَعْلِيمًا لَهُمَا أَنْ يَكُونَ هَذَا الْقَوْلُ مِنْهُمَا فِي كُلِّ وِرْدٍ وَصَدْرِ أَوَّلِ الْكَلَامِ وَآخِرِهِ. وَكَانَ تَقْدِيمُ ذَلِكَ عَلَى قَوْلِهِمَا {إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنَا أَنَّ الْعَذَابَ عَلَى مَنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى} [طه: 48] مُتَعَيِّنًا لِأَنَّهُ فِي تَقْدِيرِ الْمُعَلَّقِ كَأَنَّهُ قِيلَ وَالْعَذَابُ عَلَى مَنْ لَمْ يَتَّبِعْ الْهُدَى، وَلِأَنَّهُ وَعِيدٌ عَلَى عَدَمِ الِانْقِيَادِ لِمَا أُرْسِلَا بِهِ. فَلَيْسَ مَقْصُودًا آخَرَ زَائِدًا عَلَى مَضْمُونِ الرِّسَالَةِ بَلْ هُوَ مِنْ آثَارِهَا. وَمَضْمُونُ الرِّسَالَةِ قَدْ كَمُلَ أَدَاؤُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ انْتَهَى.

[قَوْله تَعَالَى وَاَلَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا]
(آيَةٌ أُخْرَى) قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَوْلُهُ (وَاَلَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا) قَدْ يَسْتَأْنِسُ بِهِ فِي أَنَّ مَرْيَمَ - عَلَيْهَا السَّلَامُ -، لِأَنَّهَا ذُكِرَتْ مَعَ الْأَنْبِيَاءِ فِي سُورَةِ الْأَنْبِيَاءِ فَيُشْبِهُ أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ، وَهُوَ اخْتِيَارُ جَمَاعَةٍ. وَقَدْ مَالَ خَاطِرِي إلَيْهِ لِهَذِهِ الْإِشَارَةِ وَإِنْ كَانَ الْمَشْهُورُ خِلَافَهُ؛ فَإِنَّ مَا رَأَيْنَاهُ فِي هَذِهِ السُّورَةِ ذَكَرَ مَعَ الْأَنْبِيَاءِ غَيْرَهُمْ؛ وَهَذِهِ قَرِينَةٌ يُسْتَفَادُ مِنْهَا ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[قَوْله تَعَالَى وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ]
(آيَةٌ أُخْرَى) قَوْله تَعَالَى {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} [الزخرف: 87] إنَّ " اللَّهُ " اسْمٌ مُفْرَدٌ إذَا قُصِدَ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْجَوَابِ، وَهُوَ إفَادَةُ تَصَوُّرِ مَنْ خَلَقَهُمْ. وَاَلَّذِي يُقَدِّرُهُ النُّحَاةُ مِنْ أَنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَوْ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ مَحْذُوفٌ وَنَحْوُ ذَلِكَ إنَّمَا يَصِحُّ بِطَرِيقِينَ أَحَدُهُمَا أَنْ لَا يُرَادَ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْجَوَابِ، بَلْ زِيَادَةُ إفَادَةِ الْإِخْبَارِ كَقَوْلِهِ: {خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ} [الزخرف: 9] وَيَحْصُلُ فِي ضِمْنِ ذَلِكَ الْجَوَابِ، وَهُوَ إفَادَةُ التَّصَوُّرِ.
وَالثَّانِي أَنْ يُرَادَ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْجَوَابِ لَفْظًا وَيَدُلُّ بِالِالْتِزَامِ عَلَى الْمَعْنَى التَّصْدِيقِيِّ وَهُوَ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَهُمْ، فَنَظَرَ النُّحَاةُ إلَى هَذَا الْمَعْنَى الِالْتِزَامِيِّ وَأَعْرَبُوا عَلَيْهِ لِأَنَّ صِنَاعَتَهُمْ تَقْتَضِي النَّظَرَ فِيهِ. لِيَكُونَ كَلَامًا تَامًّا، وَلَيْسَ مِنْ صِنَاعَتِهِمْ النَّظَرُ فِي الْمُفْرَدِ، لَكِنْ يَبْقَى بَعْدَ هَذَا بَحْثٌ، وَهُوَ أَنَّهُ إذَا كَانَ مُفْرَدًا فَحَقُّهُ أَنْ لَا يُعْرِبَ لِأَنَّ الْأَسْمَاءَ قَبْلَ النَّقْلِ وَالتَّرْكِيبِ لَا مُعْرِبَةٌ وَلَا مُبِينَةٌ؛ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ مُعْرِبًا فَحَقُّهُ أَنْ يُنْطَقَ بِهِ مَوْقُوفًا وَهُوَ قَدْ جَاءَ فِي الْقُرْآنِ مَرْفُوعًا. فَأَصْلُ هَذَا مُرَاعَاةٌ لِمَا اُسْتُفِيدَ مِنْهُ بِدَلَالَةِ الِالْتِزَامِ، فَجُعِلَ كَالْمُرَكَّبِ، وَهُوَ الَّذِي بَنَى عَلَيْهِ النُّحَاةُ إنْ ثَبَتَ أَنَّ

اسم الکتاب : فتاوى السبكي المؤلف : السبكي، تقي الدين    الجزء : 1  صفحة : 70
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست