responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فتاوى السبكي المؤلف : السبكي، تقي الدين    الجزء : 1  صفحة : 54
مُقِيمًا فِي عَسْقَلَانَ فَشُهِرَ ذَلِكَ فِي الشَّامِ عَنْهُ وَأَخَذَهُ عَنْهُ عُثْمَانُ بْنُ مَرْزُوقٍ، فَزَادَ أَصْحَابُهُ الْمَشْهُورُونَ الْيَوْمَ بِالْمَرَازِقَةِ فِي الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ الِاسْتِثْنَاءَ فِي كُلِّ شَيْءٍ، وَهُوَ بِدْعَةٌ وَضَلَالٌ، أَعْنِي مَا زَادُوهُ. وَأَمَّا الْأَصْلُ وَهُوَ " أَنَا مُؤْمِنٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ " فَهُوَ صَحِيحٌ وَالنَّاسُ فِيهِ عَلَى ثَلَاثَةِ مَذَاهِبَ، مِنْهُمْ مَنْ يُوجِبُهُ وَيَمْنَعُ الْقَطْعَ بِقَوْلِهِ " أَنَا مُؤْمِنٌ " وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْنَعُهُ وَيُوجِبُ الْقَطْعَ.
وَمِنْهُمْ مَنْ يُجَوِّزُ الْأَمْرَيْنِ وَهُوَ الصَّحِيحُ. وَالْكَلَامُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ طَوِيلٌ يَحْتَاجُ إلَى مَوَادَّ كَثِيرَةٍ، وَقَوَاعِدَ مُنْتَشِرَةٍ، وَقَلْبٍ سَلِيمٍ، وَفِكْرٍ مُسْتَقِيمٍ، وَمُخَاطَبَةِ مَنْ يَفْهَمُ عَنْك مَا تَقُولُ، وَيُعَانِي مِثْلَ مَا تُعَانِيهِ فِي الْمَنْقُولِ وَالْمَعْقُولِ وَارْتِيَاضٍ فِي الْعُلُومِ وَاعْتِدَالٍ فِي الْمَنْطُوقِ وَالْمَفْهُومِ، وَطَبِيعَةٍ وَقَّادَةٍ وَقَرِيحَةٍ مُنْقَادَةٍ، وَتَجَرُّدٍ فِي عِلْمِ الطَّرِيقِ وَالسُّلُوكِ، وَتَقْوَى وَتَذَكُّرٍ إذَا عَرَضَ مَسٌّ مِنْ الشَّيْطَانِ فَيَصْبِرُ مَا تَنْزَاحُ بِهِ عَنْهُ الشُّكُوكُ وَقَدْ يَأْتِي فِي مَبَاحِثِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَا أَضْمَنُ بِهِ عَنْ كُلِّ أَحَدٍ لِقِلَّةِ مَنْ يَفْهَمُهُ أَوْ يَسْلَمُ فِي الْمُعْتَقَدِ، لَكِنِّي أَرْجُوهُ مِنْ اللَّهِ أَنْ يُوَفِّقَك لِفَهْمِهِ وَيَعْصِمَكَ، وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَلَدٌ.
وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تُسْتَمَدُّ مِنْ مَسَائِلَ إحْدَاهَا تَحْقِيقُ مَعْنَى الْإِيمَانِ وَقَدْ صَنَّفْت فِيهِ مُجَلَّدَاتٍ وَيَكْفِي قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنْ تُؤْمِنَ بِاَللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ» وَذَكَرَ اللُّغَوِيُّونَ قَوْلَيْنِ فِي " أَنْ تُؤْمِنَ " وَمَعْنَى الْإِيمَانِ. أَحَدُهُمَا وَهُوَ الْمَشْهُورُ أَنْ تُصَدِّقَ. وَالْبَاءُ لِلتَّعَدِّيَةِ. فَالْإِيمَانُ التَّصْدِيقُ بِهَذِهِ الْأُمُورِ الْخَمْسَةِ. وَالثَّانِي أَنْ تُؤَمِّنَ نَفْسَك مِنْ الْعَذَابِ. وَالْبَاءُ لِلِاسْتِعَانَةِ أَوْ السَّبَبِيَّةِ. فَالْإِيمَانُ جَعْلُ النَّفْسَ آمِنَةً بِسَبَبِ اعْتِقَادِ هَذِهِ الْأُمُورِ الْخَمْسَةِ، وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ يَظْهَرُ جَوَازُ الِاسْتِثْنَاءِ. لِأَنَّ الْأَمْنَ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مَشْرُوطٌ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ بِلَا إشْكَالٍ. وَتَخْرِيجُ الِاسْتِثْنَاءِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ لَمْ أَجِدْهُ مَنْقُولًا وَإِنَّمَا ذَكَرْته وَهَذَا الْقَوْلُ فِي اللُّغَةِ لَمْ يَذْكُرْهُ الْأَكْثَرُونَ. وَلَكِنَّ الْوَاحِدِيَّ ذَكَرَهُ فِي أَوَّلِ تَفْسِيرِهِ. وَنَاهِيك بِهِ فَفَرَّعْت أَنَا عَلَيْهِ هَذَا الْجَوَابَ.
(الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ) هَلْ الْأَعْمَالُ دَاخِلَةٌ فِي مُسَمَّى الْإِيمَانِ أَوْ خَارِجَةٌ عَنْهُ؟ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ أَنَّهَا خَارِجَةٌ عَنْهُ.
وَقَدْ اُشْتُهِرَ عَلَى أَلْسِنَةِ السَّلَفِ دُخُولُ الْأَعْمَالِ وَهَا هُنَا احْتِمَالَاتٌ أَرْبَعَةٌ أَحَدُهَا أَنْ تَجْعَلَ الْأَعْمَالَ مِنْ مُسَمَّى الْإِيمَانِ دَاخِلَةً فِي مَفْهُومِهِ دُخُولَ الْأَجْزَاءِ الْمُقَوَّمَةِ حَتَّى يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهَا عَدَمُهُ. وَهَذَا مَذْهَبُ الْمُعْتَزِلَةِ

اسم الکتاب : فتاوى السبكي المؤلف : السبكي، تقي الدين    الجزء : 1  صفحة : 54
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست