responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فتاوى السبكي المؤلف : السبكي، تقي الدين    الجزء : 1  صفحة : 422
ابْنُ حَزْمٍ التَّأْقِيتَ فِيهَا مُفْسِدًا وَلَا دَلِيلَ لَهُ عَلَى ذَلِكَ. وَاَلَّذِي دَلَّ الْحَدِيثُ عَلَيْهِ جَوَازُهَا غَيْرَ مُؤَقَّتَةٍ، فَإِنْ قَالَ: لَا نَقُولُ بِالْجَوَازِ إلَّا فِيمَا وَرَدَ فِيهِ الْحَدِيثُ فَيَلْزَمُهُ أَنْ لَا نَقُولَ بِالْجَوَازِ فِي غَيْرِ النَّخْلِ.
وَقَدْ قَالَ: يَجُوزُ فِي كُلِّ الشَّجَرِ وَادَّعَى أَنَّهُ فِي خَيْبَرَ رُمَّانٌ وَلَمْ أَجِدْ ذَلِكَ فِي كَلَامِ غَيْرِهِ، وَلَوْ صَحَّ فَعَلَى ظَاهِرِيَّتِهِ يَلْزَمُ أَنْ لَا يَجُوزَ إلَّا فِي مِثْلِ مَا كَانَ فِي خَيْبَرَ مِنْ الْأَشْجَارِ، وَالزَّرْعِ؛ لِأَنَّهَا وَاقِعَةُ حَالٍ وَلَا دَلِيلَ فِيهَا إلَّا مِنْ الْفِعْلِ، وَالْفِعْلُ لَا عُمُومَ لَهُ، فَإِنْ احْتَجَّ بِإِطْلَاقِ الثَّمَرِ، وَالزَّرْعِ قُلْنَا: لِمَا كَانَ فِيهَا لَا لِغَيْرِهِ وَاَلَّذِي صَرَّحَتْ الرِّوَايَةُ بِأَنَّهُ كَانَ فِيهَا مِنْ الشَّجَرِ هُوَ النَّخْلُ لَمْ يُعْلَمْ غَيْرُهُ وَالشَّافِعِيُّ إنَّمَا أَلْحَقَ الْكَرْمَ بِهِ قِيَاسًا لَا خَبَرًا وَلَمْ يَتَرَدَّدْ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي إلْحَاقِهِ بِهِ؛ لِأَنَّهُ يُشْبِهُهُ فِي جَمِيعِ مَعَانِيهِ مِنْ بُرُوزِ الثَّمَرَةِ وَوُجُوبِ الزَّكَاةِ، وَالْحَاجَةِ إلَى الْعَمَلِ وَغَيْرِ ذَلِكَ.

(فَصْلٌ نُلَخِّصُ فِيهِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْأَحَادِيثِ)
أَمَّا حَدِيثُ رَافِعٍ رَوَاهُ عَنْهُ حَنْظَلَةُ فِي الْبُخَارِيِّ كَانَ أَحَدُنَا يُكْرِي أَرْضَهُ فَيَقُولُ: هَذِهِ الْقِطْعَةُ لِي فَالنَّهْيُ لِذَلِكَ وَأَبُو النَّجَاشِيِّ عَنْهُ عَنْ عَمِّهِ ظُهَيْرٍ فِي الْبُخَارِيِّ أَيْضًا يُؤَاجِرُهَا عَلَى الرُّبْعِ وَعَلَى الْأَوْسُقِ، وَالثَّمَرِ. وَابْنُ ح م عُمَرَ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «نَهَى عَنْ كِرَاءِ الْمَزَارِعِ» ، وَقَدْ اخْتَلَفَ الْأُصُولِيُّونَ هَلْ الْحُجَّةُ فِي الْمَحْكِيِّ، أَوْ الْحِكَايَةِ، وَالْبَحْثُ هُنَا فِيهِ يَقْوَى لِمَا فِيهِ مِنْ الْقَرَائِنِ عَلَى إرَادَةِ الْمَحْكِيِّ وَلَا عُمُومَ فِيهِ وَحَنْظَلَةُ عَنْهُ عَنْ عَمَّيْهِ.
وَهُوَ لَا يَقْتَضِي مَنْعَهَا الْمُخْتَلَفِ فِيهِ قَالَ اللَّيْثُ: فِيهِ أَنَّهُ لَوْ نَظَرَ فِيهِ ذُو الْفَهْمِ لَمْ يُجِزْهُ، وَمِنْ صَحِيحِ مُسْلِمٍ ابْنُ عُمَرَ عَنْ رَافِعٍ عَنْ بَعْضِ عُمُومِيَّتِهِ ذَكَرَ فِيهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ «نَهَى عَنْ كِرَاءِ الْأَرْضِ» . وَابْنُ عُمَرَ أَيْضًا عَنْ رَافِعٍ سَمِعْت عَمَّيَّ وَكَانَا شَهِدَا بَدْرًا يُحَدِّثَانِ أَهْلَ الدَّارِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ كِرَاءِ الْأَرْضِ» . وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ عَنْ رَافِعٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ عُمُومَتِهِ «نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ نُحَاقِلَ بِالْأَرْضِ عَلَى الثُّلُثِ، وَالرُّبْعِ، وَالطَّعَامِ الْمُسَمَّى وَأَمَرَ رَبَّ الْأَرْضِ أَنْ يَزْرَعَهَا، أَوْ يُزْرِعَهَا وَكَرِهَ كِرَاءَهَا، وَمَا سِوَى ذَلِكَ» وَلَمْ يَسْمَعْهُ أَيُّوبُ مِنْ يَعْلَى بْنِ حَكِيمٍ، وَقَدْ كَثُرَتْ طُرُقُ حَدِيثِ رَافِعٍ جِدًّا وَوَجَدْنَاهُ إذَا سَمَّى شَرْحَ صُورَةٍ لَا يُخْتَلَفُ فِي بُطْلَانِهَا وَتَارَةً يُطْلِقُ فَإِطْلَاقُهُ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مَحْمُولًا عَلَى مَا سَمَّاهُ فَلَا يُؤْخَذُ بِعُمُومِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْكِ لَفْظَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الَّذِي يَقْتَضِي عُمُومًا فِي تِلْكَ الْوَاقِعَةِ وَغَيْرِهَا هَذَا مَعَ قَوْلِ التِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهَا أَنَّهُ مُضْطَرِبٌ وَالشَّافِعِيُّ إنَّمَا رَوَاهُ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ رَافِعٍ، وَهِيَ إحْدَى طُرُقِهِ.
وَقَدْ أَطْلَقَ فِيهَا وَابْنُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - تَرَكَ الْمُزَارَعَةَ لِذَلِكَ تَوَرُّعًا؛ لِأَنَّهُ كَانَ فِي غَايَةِ الْوَرَعِ فَلَمْ تَقُمْ لَنَا حُجَّةٌ عَلَى التَّحْرِيمِ بِحَدِيثِ الْمَذْكُورِ بِحَيْثُ يَنْشَرِحُ

اسم الکتاب : فتاوى السبكي المؤلف : السبكي، تقي الدين    الجزء : 1  صفحة : 422
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست