responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فتاوى السبكي المؤلف : السبكي، تقي الدين    الجزء : 1  صفحة : 358
الْآخَرِ، وَأَمَّا إذَا رَهَنَا عَلَى دَيْنِ غَيْرِهِمَا فَمَا ثَمَّ إلَّا التَّعَدُّدُ فَقَطْ، وَنَحْنُ لَا يَضُرُّنَا أَنْ نَقُولَ: هُمَا رَهْنَانِ بِمَعْنَى أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا رَهَنَ نِصْفَهُ بِجَمِيعِ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ، وَضْعُ الرَّهْنِ، وَالتَّعَدُّدُ لَا يُنَافِيه، وَالتَّقْسِيطُ لَا مُوجِبَ لَهُ، وَقَدْ يَضْمَنُ الْفَقِيهُ بِهَذَا الْفَنِّ عَلَى غَيْرِ أَهْلِهِ، وَنَقُولُ: إنَّمَا يَتَعَدَّدُ إذَا تَعَدَّدَ، وَالدَّيْنُ لَهُمَا أَمَّا هُنَا فَالدَّيْنُ، وَاحِدٌ لِغَيْرِهِمَا عَلَى غَيْرِهِمَا، وَهُمَا قَدْ جَعَلَا مَالَهُمَا فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ رَهْنًا عَلَيْهِ، وَوَضَعَ الشَّرْعُ أَنَّ الرَّهْنَ كُلُّ جُزْءٍ مِنْهُ مَرْهُونٌ بِكُلِّ جُزْءٍ مِنْ الدَّيْنِ.
فَإِنْ قُلْت: لَا نُسَلِّمُ أَنَّ هَذَا عَقْدٌ وَاحِدٌ. قُلْت: هُوَ عَقْدٌ وَاحِدٌ فِي الصُّورَةِ؛ وَلِهَذَا إذَا بَاعَ اثْنَانِ عَبْدَيْنِ بِثَمَنٍ وَاحِدٍ لَمْ يَعْلَمْ كُلٌّ مِنْهُمَا مَالَهُ تَرَدَّدْنَا فِيهِ، وَالصَّحِيحُ الْبُطْلَانُ، وَلَوْ كَانَ الْبَيْعُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا لِنِصْفِهِ بِمَا لَا يَعْلَمُ بَطَلَ قَطْعًا. فَإِنْ قُلْت: مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّهُمَا إذَا بَاعَا لَمْ يَبِعْ كُلٌّ مِنْهُمَا إلَّا مَا يَمْلِكُهُ، وَإِذَا رَهَنَا لَمْ يَرْهَنْ كُلٌّ مِنْهُمَا إلَّا مَا يَمْلِكُهُ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَقُولَا: رَهَنَّا، وَبِعْنَا، أَوْ يَقُولَ كُلُّ وَاحِدٍ: رَهَنْت نَصِيبِي، وَبِعْت نَصِيبِي، وَجَرَيَانُ الْخِلَافِ فِي الْبَيْعِ لَا وَجْهَ لَهُ، وَيَحْتَجُّ بِالْأَقْوَالِ الضَّعِيفَةِ.
قُلْت: لَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ إذَا اجْتَمَعَا عَلَى بَيْعٍ، أَوْ رَهْنٍ بِصِيغَةٍ وَاحِدَةٍ فَقَدْ جَعَلَا أَنْفُسَهُمَا بِمَنْزِلَةِ الْعَاقِدِ الْوَاحِدِ، وَقَابَلَاهُ بِثَمَنٍ وَاحِدٍ، وَوَضْعُ الْعَقْدِ يَقْتَضِي التَّقْسِيطَ فَمِنْ قَائِلٍ يَصِحُّ لِذَلِكَ، وَمِنْ قَائِلٍ يَبْطُلُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْغَرَرِ، وَالْجَهَالَةِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا، وَفِي الرَّهْنِ لَا غَرَرَ، وَلَا جَهَالَةَ، وَقَدْ نَزَّلَا أَنْفُسَهُمَا مَنْزِلَةَ الشَّخْصِ الْوَاحِدِ، وَرَهَنَا مَالَهُمَا كَالْمَالِ الْوَاحِدِ فَتَجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَامُ الرَّهْنِ، وَلَا يَنْفَكُّ شَيْءٌ مِنْهُ إلَّا بِالْبَرَاءَةِ مِنْ جَمِيعِ الدَّيْنِ، وَالضَّمَانُ مِثْلُ الرَّهْنِ؛ لِأَنَّ الضَّامِنَيْنِ بِقَوْلِهِمَا: ضَمِنَّا جَعَلَا ذِمَّتَيْهِمَا وَثِيقَةً بِذَلِكَ الدَّيْنِ كَالضَّامِنِ الْوَاحِدِ فَلَا يَبْرَأُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا إلَّا بِقَضَاءِ جَمِيعِ الدَّيْنِ، وَلَا يَحْتَاجُ أَنْ نَقِيسَ الضَّمَانَ عَلَى الرَّهْنِ بَلْ الْمَسْأَلَةُ وَاحِدَةٌ فَإِنَّ رَهْنَ الرَّجُلَيْنِ مَالَهُمَا عَلَى دَيْنٍ غَيْرِهِمَا ضَمَانٌ مِنْهُمَا لِذَلِكَ الدَّيْنِ فِي غَيْرِ ذَلِكَ الْمَالِ قَوْلًا وَاحِدًا، وَلَا يَجْرِي فِيهِمَا قَوْلُ الْعَارِيَّةِ فَهِيَ مَسْأَلَةُ الضَّمَانِ بِعَيْنِهَا، وَقَدْ جَزَمَ الْمُتَوَلِّي بِهَا، وَقَاسَ عَلَيْهَا.
فَإِنْ قُلْت: فَقَدْ قَالَ غَيْرُهُ: إنَّهُ لَوْ تَعَدَّدَ مَالِكُ الرَّهْنِ فِي صُورَةِ الِاسْتِعَارَةِ، وَالرَّهْنُ وَاحِدٌ، وَقَصَدَ فَكَّ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا بِدَفْعِ مَا عَلَيْهِ فَأَظْهَرُ الْقَوْلَيْنِ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ، وَالْحَاوِي، وَغَيْرِهِمَا الِانْفِكَاكُ، وَهَذَا يُخَالِفُ مَا قَالَهُ صَاحِبُ التَّتِمَّةِ. قُلْت: لَا مُخَالَفَةَ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَسْأَلَةَ التَّتِمَّةِ إذَا رَهَنَا بِأَنْفُسِهِمَا بِصِيغَةٍ وَاحِدَةٍ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ إذَا اسْتَعَارَ مِنْهُمَا فَرَهَنَ. عَلَى أَنَّ الشَّيْخَ أَبَا حَامِدٍ نَقَلَ أَنَّ عِبَارَةَ الشَّافِعِيِّ فِي الْأُمِّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ نَصٌّ عَلَى عَدَمِ الِانْفِكَاكِ، وَقَدْ رَأَيْت أَنَّ هَذَا النَّصَّ فِي الْأُمِّ فِي الرَّهْنِ الصَّغِيرِ فِي رَهْنِ الْمُشَاعِ، وَلَفْظُهُ: وَإِنْ كَانَ عَبْدٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَأَذِنَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ أَنْ يَرْهَنَ الْعَبْدَ فَالرَّهْنُ جَائِزٌ، وَهُوَ كُلُّهُ رَهْنٌ بِجَمِيعِ الْحَقِّ لَا يَنْفَكُّ بَعْضُهُ

اسم الکتاب : فتاوى السبكي المؤلف : السبكي، تقي الدين    الجزء : 1  صفحة : 358
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست