responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فتاوى السبكي المؤلف : السبكي، تقي الدين    الجزء : 1  صفحة : 308
الْمَصْلَحَةُ بِخِلَافِ الْحَاضِرِ، وَقَدْ رَأَيْت كَلَامَ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ يَقْتَضِي أَنَّ لَهُ وِلَايَةً عَلَيْهِ قَالَ الْقَفَّالُ لَيْسَ لِلْقَاضِي التَّصَرُّفُ فِي مَالِ الْأَجِنَّةِ بِخِلَافِ الْغَائِبِينَ وَاتَّفَقَ كَلَامُ الْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ وَالْمُتَوَلِّي وَالْبَغَوِيِّ وَالرَّافِعِيِّ أَنَّ الْقَاضِيَ نَائِبٌ عَنْ الْغَائِبِينَ فِي الْحِفْظِ، وَالْقَبْضِ، وَالْقِسْمَةِ وَنَحْوِهَا.
وَقَالَ الْقَفَّالُ الْكَبِيرُ الشَّاشِيُّ: إنَّ الْقَاضِيَ مَنْصُوبٌ لِلْغُيَّبِ، وَالْحُضُورِ مَعًا، وَذَكَرَ هُوَ وَغَيْرُهُ فِي تَحْلِيفِ الْقَاضِي غَرِيمَ الْغَائِبِ أَنَّ الْحَاكِمَ قَائِمٌ مَقَامَ الْغَائِبِ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ: وَإِذَا كَانَتْ الضَّالَّةُ فِي يَدِ الْوَالِي فَبَاعَهَا، فَالْبَيْعُ جَائِزٌ وَلِسَيِّدِ الضَّالَّةِ ثَمَنُهَا، وَإِنْ كَانَتْ الضَّالَّةُ عَبْدًا فَزَعَمَ سَيِّدُ الْعَبْدِ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ قَبْلَ الْبَيْعِ قُلْت: قَوْلُهُ: وَفَسَخْت الْبَيْعَ، وَفِيهِ قَوْلٌ آخَرُ أَنَّهُ لَا يُفْسَخُ الْبَيْعُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ أَيْضًا فِي الْأُمِّ: فَإِذَا أَخَذَ السُّلْطَانُ الضَّوَالَّ، فَإِنْ كَانَ لَهَا حِمًى وَإِلَّا بَاعُوهَا، وَدَفَعُوا أَثْمَانَهَا لِأَرْبَابِهَا، وَمَنْ أَخَذَ ضَالَّةً وَأَرَادَ أَنْ يَرْجِعَ بِمَا أَنْفَقَ فَلْيَذْهَبْ إلَى الْحَاكِمِ حَتَّى يَفْرِضَ لَهَا نَفَقَةً وَيُوَكِّلَ غَيْرَهُ بِأَنْ يَقْبِضَ لَهَا تِلْكَ النَّفَقَةَ مِنْهُ وَيُنْفِقَ عَلَيْهَا، وَلَا يَكُونُ لِلسُّلْطَانِ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهَا إلَّا الْيَوْمَ، وَالْيَوْمَيْنِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَقَعُ مِنْ ثَمَنِهَا مَوْقِعًا، فَإِذَا جَاوَزَ أَمَرَ بِبَيْعِهَا.
وَقَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ فِي الْعَبْدِ الْآبِقِ إذَا رَأَى الْقَاضِي الْمَصْلَحَةَ فِي بَيْعِهِ وَحِفْظِ ثَمَنِهِ لَهُ ذَلِكَ، وَمِنْ الدَّلِيلِ فِي ذَلِكَ مَا رَوَى مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّإِ عَنْ عُثْمَانَ أَنَّهُ أَمَرَ فِي الضَّوَالِّ بِمَعْرِفَتِهَا ثُمَّ تُبَاعُ، فَإِذَا جَاءَ صَاحِبُهَا أُعْطِيَ ثَمَنُهَا، فَكَمَا يَقُومُ الْقَاضِي مَقَامَهُ فِي هَذِهِ الْأُمُورِ، كَذَلِكَ يَقُومُ مَقَامَهُ فِي بَيْعِ الرَّهْنِ إذَا رَأَى الْمَصْلَحَةَ فِيهِ لِيَنْفَكَّ بِهِ الرَّهْنُ وَتَنْدَفِعَ مُطَالَبَةُ الْمُرْتَهِنِ بِبَيْعِهِ، وَلَا نُفَرِّقُ بِأَنَّ الضَّوَالَّ فِي يَدِ الْقَاضِي فَلَهُ وِلَايَةٌ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّا نَقُولُ: هَذَا صَحِيحٌ، وَلَكِنَّ الْقَاضِيَ أَيْضًا لَهُ وِلَايَةُ وَفَاءِ الدَّيْنِ وَتَخْلِيصُ الْمَرْهُونِ مِنْ الْمُرْتَهِنِ، وَبَيْعُ غَيْرِهِ وَسِيلَةٌ إلَيْهِ تَدْعُو إلَيْهِ الْحَاجَةُ، وَنَقَلَ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ ابْنِ الصَّبَّاغِ أَنَّ الْحَاكِمَ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَى الْغَائِبِ، وَلَفْظُ ابْنِ الصَّبَّاغِ فَإِنْ قِيلَ: الْحَاكِمُ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَى الْبَالِغِ الْعَاقِلِ، وَذَكَرَ ذَلِكَ فِي أَنَّ الْقَائِلَ يُحْبَسُ حَتَّى يَقْدَمَ الْغَائِبُ.
وَبِالْجُمْلَةِ قَدْ تَبَيَّنَ مِنْ كَلَامِ الْأَكْثَرِينَ أَنَّ لَهُ وِلَايَةً عَلَيْهِ، وَلَكِنْ لَيْسَتْ وِلَايَةً مُطْلَقَةً فِي جَمِيعِ التَّصَرُّفَاتِ، وَإِنَّمَا هِيَ فِي الْحِفْظِ، وَالْقَبْضِ، وَالْقِسْمَةِ وَنَحْوِهَا، وَبَيْعُ غَيْرِ الْمَرْهُونِ لِحِفْظِ الْمَرْهُونِ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ فِيمَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ مَأْمُورٌ بِأَدَاءِ دَيْنِ الْغَائِبِ وَبَيْعِ مَالِهِ فِي ذَلِكَ بِاتِّفَاقِ الْأَصْحَابِ، فَإِذَا دَارَ الْأَمْرُ بَيْنَ بَيْعِ الرَّهْنِ وَبَيْعِ غَيْرِهِ فَعَلَ الْقَاضِي مَا فِيهِ الْمَصْلَحَةُ كَمَا إذَا دَارَ الْأَمْرُ بَيْنَ بَيْعِ الْعَبْدِ الْآبِقِ لِحِفْظِ ثَمَنِهِ وَبَيْنَ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ. فَإِنْ قُلْت: هَلْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ حَالَ الْغَائِبِ يُخَالِفُ حَالَ الْمُمْتَنِعِ فَلَا يَسْتَحِقُّ الْمُرْتَهِنُ بَيْعَ الرَّهْنِ فِي الْغَيْبَةِ، وَإِنْ كَانَ يَسْتَحِقُّهُ فِي الِامْتِنَاعِ. قُلْت: لَا بَلْ حُكْمُ الِامْتِنَاعِ، وَالْغَيْبَةِ فِي ذَلِكَ وَاحِدٌ، وَإِنَّمَا فِي الِامْتِنَاعِ

اسم الکتاب : فتاوى السبكي المؤلف : السبكي، تقي الدين    الجزء : 1  صفحة : 308
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست