responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فتاوى السبكي المؤلف : السبكي، تقي الدين    الجزء : 1  صفحة : 307
وَكَّلَ فِي بَيْعِهِ، وَلِأَنَّ الرَّاهِنَ يُطَالَبُ أَوَّلًا بِالْوَفَاءِ، فَإِنْ امْتَنَعَ يُطَالَبُ بِبَيْعِ الرَّهْنِ، فَإِنْ امْتَنَعَ يُبَاعُ.
هَكَذَا رَتَّبَ الرُّويَانِيُّ فَالْبَيْعُ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ طَلَبِ الْمُرْتَهِنِ بَيْعَ الرَّهْنِ، وَبِذَلِكَ تُرِكَ طَلَبُ مُطْلَقِ الْوَفَاءِ، فَلَيْسَ لِلْقَاضِي الرُّجُوعُ إلَيْهِ، وَالْقَاضِي إنَّمَا يَنُوبُ عَنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِيمَا يُوَجَّهُ عَلَيْهِ، وَهُوَ بِالنِّسْبَةِ إلَى هَذِهِ الدَّعْوَى بَيْعُ الرَّهْنِ لَا مُطْلَقُ الْوَفَاءِ، وَإِنَّ اسْتِحْقَاقَ بَيْعِ الرَّهْنِ مَقْصُودٌ بِالذَّاتِ وَاسْتِحْقَاقَ بَيْعِ غَيْرِ الرَّهْنِ لَوْ ثَبَتَ وَسِيلَةٌ إلَى الْحَقِّ وَكَانَ الْمَقْصُودُ أَوْلَى وَلِأَنَّ فِي بَيْعِ غَيْرِ الرَّهْنِ مَفْسَدَةٌ لَيْسَتْ فِي بَيْعِ الرَّهْنِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ يُتْلِفُ الثَّمَنَ قَبْلَ وُصُولِهِ إلَى الْمُرْتَهِنِ فَيَتْلَفُ مِنْ كِيسِ الرَّاهِنِ، وَالرَّهْنُ بَاقٍ بِحَالِهِ لَيْسَ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ فَحَصَلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعَبْدَيْنِ.

[بَيْع الرَّهْن وتلف الثَّمَن]
وَإِذَا بِيعَ الرَّهْنُ وَتَلِفَ الثَّمَنُ سُلِّمَتْ الْعَيْنُ الْأُخْرَى وَلَا حَائِلَ بَيْنَ الرَّاهِنِ وَبَيْنَ التَّصَرُّفِ فِيهَا؛ وَالْمَصَالِحُ الَّتِي أَشَارَ إلَيْهَا السَّائِلُ مُتَعَارِضَةٌ يُقَابَلُ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ، وَبِالْجُمْلَةِ فَقَدْ كَفَانَا الْأَصْحَابُ مُؤْنَةَ ذَلِكَ وَقَطَعُوا بِبَيْعِ الْمَرْهُونِ عِنْدَ امْتِنَاعِ الرَّاهِنِ.
فَإِنْ قُلْت: هَذَا كُلُّهُ عِنْدَ حُضُورِ الرَّاهِنِ أَمَّا عِنْدَ غَيْبَتِهِ فَيَظْهَرُ أَنَّ الْحَاكِمَ يَتَخَيَّرُ وَيَفْعَلُ الْمَصْلَحَةَ؛ لِأَنَّهُ نَائِبٌ عَنْ الْغَائِبِ، وَقَدْ تَكُونُ مَصْلَحَتُهُ فِي بَيْعِ الرَّهْنِ، وَقَدْ تَكُونُ فِي بَيْعِ غَيْرِهِ وَبِنَفْسِهِ وَلَا تَفْرِيطَ مِنْهُ بِخِلَافِ الْحَاضِرِ الْمُمْتَنِعِ، فَإِنَّهُ مُفَرِّطٌ تَارِكٌ لِحَقِّهِ مِنْ الرَّهْنِ.
قُلْت الْحَاكِمُ إمَّا يَنُوبُ عَنْ الْغَائِبِينَ فِيمَا تَدْعُو الضَّرُورَةُ إلَيْهِ، وَأَمَّا لَوْ كَانُوا حَاضِرِينَ لَأَلْزَمَهُمْ إيَّاهُ فَفِي ذَلِكَ يَقُومُ مَقَامَهُمْ فِي الْبَيْعِ، أَمَّا فِيمَا لَا يَلْزَمُهُمْ فِي الْحُضُورِ وَلَا تَدْعُو حَاجَتُهُمْ إلَيْهِ فَلَا، فَإِنَّ الْحَاكِمَ لَيْسَ لَهُ وِلَايَةٌ عَلَى الْغَائِبِينَ. فَإِنْ قُلْت: الْغَائِبُ لَيْسَ مُمْتَنِعًا بَلْ هُوَ بِمَنْزِلَةِ السَّاكِتِ فَيَقُومُ الْحَاكِمُ مَقَامَهُ فِيمَا لَهُ وَعَلَيْهِ. قُلْت: هَذَا يَحْتَاجُ إلَى شَاهِدٍ بِالِاعْتِبَارِ: فَإِنَّ الَّذِي عُهِدَ أَنَّ الْحَاكِمَ يُزَوِّجُ مُوَلِّيَهُ الْغَائِبَ، وَذَلِكَ حَقٌّ عَلَيْهِ وَيَقْضِي عَلَى الْغَائِبِ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ عَلَيْهِ، وَأَيْضًا فَإِنَّا نَقُولُ: إنَّ بَيْعَ الرَّهْنِ مُسْتَحَقٌّ لِلْمُرْتَهِنِ، وَلَكِنَّهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى إذْنِهِ فِي الْحُضُورِ، فَإِذَا تَعَذَّرَ بِالْغَيْبَةِ، أَوْ الِامْتِنَاعِ بَاعَهُ الْقَاضِي بِطَرِيقِ الْوِلَايَةِ لَا بِطَرِيقِ النِّيَابَةِ، وَلَا يَجْرِي فِيهِ الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ فِي تَزْوِيجِ مُوَلِّيه الْغَائِبِ، فَإِنَّ فِيهِ وَجْهَيْنِ هَلْ هُوَ بِطَرِيقِ النِّيَابَةِ، أَوْ بِطَرِيقِ الْوِلَايَةِ؟ وَهَذَا يُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ وَلَسْت أَنْقُلُهُ. فَإِنْ قُلْت: مَا تَقُولُ أَنْتَ فِي ذَلِكَ؟ قُلْت: الَّذِي أَرَاهُ وَيَتَرَجَّحُ عِنْدِي أَنَّ لِلْحَاكِمِ بَيْعَ مَا يَرَى بَيْعَهُ مِنْ الرَّهْنِ وَغَيْرِهِ.
وَحَرْفُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْحَاكِمَ هَلْ لَهُ وِلَايَةٌ عَلَى الْغَائِبِ، أَوْ لَا؟ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وِلَايَةٌ عَلَى الْغَائِبِ فَالْحَقُّ أَنَّهُ لَا يَبِيعُ غَيْرَ الرَّهْنِ لِمَا قَدَّمْنَاهُ، وَإِنْ كَانَ لَهُ وِلَايَةٌ عَلَيْهِ فَيَفْعَلُ لَهُ مَا فِيهِ

اسم الکتاب : فتاوى السبكي المؤلف : السبكي، تقي الدين    الجزء : 1  صفحة : 307
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست