responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفتاوى الفقهية الكبرى المؤلف : الهيتمي، ابن حجر    الجزء : 1  صفحة : 242
السَّلَامُ عَلَيْك فَقَدْ عَرَفْنَاهُ فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْك إذَا نَحْنُ صَلَّيْنَا عَلَيْك فِي صَلَاتِنَا؟ قَالَ قُولُوا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ»
إلَى آخِرِ الْحَدِيثِ فَاخْتَصَّ بِالصَّلَاةِ إذْ لَا عُمُومَ وَأَمْرُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقْتَضِي الْوُجُوبَ نَصَّ عَلَيْهِ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَنَقَلَهُ عَنْهُ عُلَمَاءُ الْمَذْهَبِ مِنْ غَيْرِ مُعَارَضَةٍ لَهُ فِي ذَلِكَ مَعَ كَوْنِهِمْ مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ وَأَمَّا الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْخُطَبِ فَأَكْثَرُ مَا رُوِيَ فِي الْخُطَبِ الَّتِي هِيَ الْمَنْسُوبَةُ إلَى فُحُولِ الْعُلَمَاء الصَّلَاةُ بِالْمُضْمَرِ مِنْ غَيْرِ إنْكَارٍ مِنْ غَيْرِهِمْ مِنْ الْعُلَمَاء وَعَمِلَ أَكْثَرُ الْأَمْصَارِ فِي جَمِيعِ الْأَقْطَارِ عَلَى ذَلِكَ وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَقْتَضِي الْفَرْقَ بَيْنَ التَّشَهُّدِ وَالْخُطْبَةِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْعُلَمَاء اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ آخِرَ التَّشَهُّدِ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ثُمَّ ذَكَرُوا وُجُوبَ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَ التَّشَهُّدِ بَعْدَ التَّشَهُّدِ وَذَكَرُوا أَقَلَّهُ الْمُجْزِئَ مِنْهُ وَكَانَ الصَّلَاةُ عَلَى الظَّاهِر أَوْلَى مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ كَلَامٌ مُبْتَدَأٌ غَيْرُ التَّشَهُّدِ وَلَوْ أَتَى بِالْمُضْمَرِ لَمْ يَصِحّ؛ لِأَنَّهُ عَائِدٌ إلَى غَيْرِ مَذْكُورٍ؛ لِأَنَّ التَّشَهُّدَ قَدْ تَمَّ وَهَذَا كَلَامٌ مُبْتَدَأٌ غَيْرُهُ بِخِلَافِ الْخُطْبَةِ؛ لِأَنَّهُ كَلَامٌ وَاحِدٌ فَجَازَتْ الصَّلَاةُ عَلَى الْمُضْمَرِ عَائِدًا إلَى الْمُظْهَر قَبْلَهُ فَهَذَا فَرْقٌ بَيْنَ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي التَّشَهُّدِ وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْخُطْبَةِ.
فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ أَنَّهُ أَيُّ لَفْظٍ أَتَى بِهِ الْخَطِيبُ مِنْ أَلْفَاظِ الْحَمْدِ وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَجْزَأَهُ وَعَلَى هَذَا مَضَى أَهْلُ الْأَعْصَارِ فِي جَمِيعِ الْأَقْطَارِ وَهُوَ الْمَوْجُود فِي جَمِيعِ خُطَبِ أَهْلِ الْأَمْصَارِ مِنْ غَيْرِ اعْتِرَاضٍ عَلَيْهِمْ مِنْ الْعُلَمَاء الْمُعْتَبَرِينَ وَلَا إنْكَارٍ وَنَقُولُ إنَّ لَفْظَ الْحَمْدِ يَتَعَيَّنُ وَلَا نَقُولُ إنَّ لِلْحَمْدِ لَفْظًا مُتَعَيَّنًا مِنْ أَلْفَاظِ الْحَمْدِ مَخْصُوصًا لَا يَجُوزُ غَيْرُهُ بَلْ أَيُّ لَفْظٍ مِنْ أَلْفَاظِ الْحَمْدِ أَتَى بِهِ أَجْزَأَهُ سَوَاءٌ كَانَ اسْمًا أَوْ فِعْلًا مَاضِيًا أَوْ مُسْتَقْبَلًا وَإِنَّمَا أَرَادُوا بِالتَّعْيِينِ الِاحْتِرَازِ عَنْ غَيْرِ لَفْظِ الْحَمْدِ كَالشُّكْرِ وَالثَّنَاءِ كَمَا بَيَّنَّاهُ أَوَّلًا. وَكَذَلِكَ نَقُولُ لَفْظُ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَتَعَيَّنُ.
وَلَا نَقُولُ إنَّ لِلصَّلَاةِ لَفْظًا مُتَعَيَّنًا مِنْ أَلْفَاظِ الصَّلَاةِ مَخْصُوصًا لَا يَجُوزُ غَيْرُهُ بَلْ الْمُرَادُ بِتَعَيُّنِ الصَّلَاةِ الِاحْتِرَازُ عَنْ لَفْظٍ غَيْرِ لَفْظِ الصَّلَاةِ كَالرَّحْمَةِ وَالْمَغْفِرَةِ كَمَا بَيَّنَّاهُ أَوَّلًا فَعَلَى هَذَا أَيُّ لَفْظٍ أَتَى بِهِ مِنْ أَلْفَاظِ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَجْزَأَهُ سَوَاءٌ كَانَ مُظْهَرًا أَوْ مُضْمَرًا إذَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْمُضْمَرِ وَلِأَنَّهُ إذَا صَحَّتْ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْمَظْهَرِ الَّذِي يَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ هُوَ فَكَيْفَ لَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْمُضْمَرِ الَّذِي هُوَ أَعْرَفُ الْمَعَارِف وَلَا يُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِهِ غَيْرُهُ.
وَتَخْصِيصه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ بِلَفْظٍ لَا يَحْتَمِلُ غَيْرَهُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ أَوْلَى بِالصِّحَّةِ وَمِنْ الدَّلِيلِ عَلَى صِحَّةِ جَوَازِ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْمُضْمَرِ وَكَوْنِهِ الْأَوْلَى قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: 56] وَقَالَ عَزَّ مِنْ قَائِلٍ عَلِيمٍ {صَلُّوا عَلَيْهِ} [الأحزاب: 56] وَلَمْ يَقُلْ صَلُّوا عَلَى مُحَمَّدٍ وَلَا عَلَى النَّبِيِّ وَكَانَ اتِّبَاعُ الْقُرْآنِ الَّذِي نَزَلَ بِأَفْصَحِ لِسَانٍ وَأَبْلَغِ بَيَانٍ أَوْلَى وَمِنْ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْمُضْمَرِ أَوْلَى عِنْدَ تَقَدُّمِ ذِكْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَاةُ الْمُحَدِّثِينَ عَلَيْهِ عِنْدَ رِوَايَةِ الْحَدِيثِ وَالْمُسْتَمِعِينَ لِلْحَدِيثِ. وَكَذَلِكَ جَمِيعُ رُوَاةِ الْحَدِيثِ لَا تَكُونُ صَلَاتُهُمْ جَمِيعُهُمْ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ إلَّا عَلَى مُضْمَرٍ عَائِدٍ عَلَى مُظْهَرٍ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ أَفْصَحُ وَأَوْلَى مَعَ جَوَازِ الْجَمِيعِ اهـ. وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

وَأَجَابَ سَيِّدُنَا وَمَوْلَانَا وَقُدْوَتُنَا إلَى اللَّهِ تَعَالَى بُرْهَانُ الدِّينِ أَوْحَدُ الْعُلَمَاء الْعَامِلِينَ وَبَقِيَّةُ الْأَئِمَّةِ الْمُجْتَهِدِينَ إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي الْقَاسِمِ مُطَيْرٌ مَتَّعَ اللَّهُ بِحَيَاتِهِ الْمُسْلِمِينَ وَقَدْ سُئِلَ عَنْ صِحَّةِ الْجَوَابِ وَتَقْرِيره مَنْ يُعْتَمَدُ قَوْلُهُ وَيَجُوزُ تَقْلِيدُهُ؟
فَأَجَابَ بِمَا صُورَتُهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَآلِهِ وَصَحْبِهِ أَنْصَارِ دِينِ اللَّهِ وَبَعْدُ فَقَدْ وَرَدَ سُؤَالٌ عَلَى شَيْخِ شُيُوخِنَا الْإِمَامِ الْعَلَّامَة حُسَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَهْذَلِيِّ فِي خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ هَلْ يُشْتَرَطُ فِيهَا قَوْلُ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٌ وَنَحْوُ ذَلِكَ أَعْنِي إظْهَارَ الِاسْمِ أَوْ يَكْفِي الْإِتْيَانُ

اسم الکتاب : الفتاوى الفقهية الكبرى المؤلف : الهيتمي، ابن حجر    الجزء : 1  صفحة : 242
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست