responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفتاوى الفقهية الكبرى المؤلف : الهيتمي، ابن حجر    الجزء : 1  صفحة : 145
وَقْتِ فِعْلِهِمَا فَهُوَ تَحَكُّمٌ مَحْضٌ، أَوْ إلَى أَعَمَّ مِنْ ذَلِكَ فَذَلِكَ غَيْبٌ لَا يُعْلَمُ فَاتَّضَحَ بُطْلَانُ زَعْمِ أَنَّهُمَا لِبَقَاءِ الْإِيمَانِ، وَحِينَئِذٍ فَمَنْ صَلَّاهُمَا نَاوِيًا بِهِمَا ذَلِكَ كَانَتْ صَلَاتُهُ بَاطِلَةً بَلْ يَنْوِي بِهِمَا سُنَّةَ الْغَفْلَةِ، أَوْ سُنَّةَ صَلَاةِ الْأَوَّابِينَ فَإِنْ أَطْلَقَ وَقَعَتَا نَافِلَةً مُطْلَقَةً فَلَا يُثَابُ عَلَيْهِمَا إلَّا مِنْ حَيْثُ مُطْلَقِ الصَّلَاةِ دُونَ خُصُوصِهَا، وَأَمَّا قَوْلُ الْحُبَيْشِيِّ الْيَمَانِيِّ أَنَّ تَيْنِك الرَّكْعَتَيْنِ يُفْعَلَانِ لِلْمَوْتِ عَلَى الْإِيمَانِ وَذَكَرَ لَهُمَا دُعَاءً فِيهِ ذَلِكَ وَغَيْرُهُ؛ فَهُوَ مِمَّا انْفَرَدَ بِهِ، وَلَيْسَ الرَّجُلُ بِحُجَّةٍ فِي مِثْلِ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُسْنِدْهُ لِخَبَرٍ ضَعِيفٍ فَضْلًا عَنْ صَحِيحٍ بَلْ وَلَا لِأَثَرٍ كَذَلِكَ؛ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ هَذَا شَيْءٌ انْفَرَدَ بِهِ هُوَ؛ إذْ مِثْلُهُ مِمَّنْ لَا يَتَقَيَّدُ بِكَلَامِ الْأَئِمَّةِ وَأَدِلَّتِهِمْ وَإِنَّمَا يَقُولُ مَا يَسْتَحْسِنُهُ مِنْ غَيْرِ نِسْبَةٍ لِقِيَاسٍ وَلَا غَيْرِهِ مِنْ الْأَدِلَّةِ الضَّعِيفَةِ فَضْلًا عَنْ الْقَوِيَّةِ، فَالْحَقُّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِعْلُهُمَا بِنِيَّةِ الْبَقَاءِ عَلَى الْإِيمَانِ الْآنَ وَلَا إلَى الْمَوْتِ لِمَا قَدَّمْته مَبْسُوطًا، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.
وَالظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّ صَلَاةَ الْغَفْلَةِ أَقَلُّهَا وَمَا فَوْقَهُ مُسْتَقِلَّةٌ بِنَفْسِهَا كَالْوِتْرِ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا تُفْعَلُ فِي وَقْتِ غَيْرِهَا لَكِنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ رَوَاتِبِهِ؛ فَحِينَئِذٍ لَا تُضَافُ لِلْمَغْرِبِ فَيَنْوِي بِهِمَا سُنَّةَ الْغَفْلَةِ، أَوْ سُنَّةَ صَلَاةِ الْأَوَّابِينَ، فَإِنْ أَضَافَهَا لِلْمَغْرِبِ عَامِدًا عَالِمًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ؛ كَمَا لَوْ أَضَافَ الْوِتْرَ لِلْعِشَاءِ فَإِنَّ صَلَاتَهُ تَبْطُلُ، كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ، خِلَافًا لِمَنْ قَالَ يَصِحُّ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ فِي مَوَاضِعَ أَنَّهُ مِنْ الرَّوَاتِبِ، وَيُجَابُ بِأَنَّ مَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُ مِنْهَا بِاعْتِبَارِ تَقَيُّدِهِ بِوَقْتِ فَرْضٍ هُوَ الْعِشَاءُ لَا بِاعْتِبَارِ إضَافَتِهِ إلَيْهَا، وَالْمَنْقُولُ الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي سُنَّةِ الظُّهْرِ مِنْ التَّعَرُّضِ لِكَوْنِهَا الْقَبْلِيَّةَ، أَوْ الْبَعْدِيَّةَ سَوَاءٌ أَخَّرَ الْقَبْلِيَّةَ عَنْ الْفَرْضِ أَمْ لَا، وَمِثْلُهَا فِي ذَلِكَ كُلُّ رَاتِبَةٍ فِيهَا قَبْلِيَّةٌ وَبَعْدِيَّةٌ؛ كَسُنَّةِ الْمَغْرِبِ وَسُنَّةِ الْعِشَاءِ. وَمَا بَحَثَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ مِمَّا يُخَالِفُ ذَلِكَ ضَعِيفٌ كَمَا جَرَيْت عَلَيْهِ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَغَيْرِهِ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْعُبَابِ: وَيَكْفِي سُنَّةُ الظُّهْرِ أَيْ: نِيَّةُ ذَلِكَ فِي رَاتِبَتِهَا الَّتِي قَبْلَهَا، أَوْ الَّتِي بَعْدَهَا، ظَاهِرُ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ السَّابِقِ: كَسُنَّةِ الصُّبْحِ أَوْ الظُّهْرِ، بَلْ صَرِيحُهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي رَاتِبَةِ الظُّهْرِ - وَمِثْلُهَا كُلُّ فَرِيضَةٍ لَهَا رَاتِبَةٌ قَبْلَهَا وَرَاتِبَةٌ بَعْدَهَا - غَيْرُ إضَافَتِهَا إلَى فَرْضِهَا وَهُوَ فَاسِدٌ؛ فَفِي الْمَجْمُوعِ وَفِي الرَّوَاتِبِ تَعَيُّنٌ بِالْإِضَافَةِ فَيَنْوِي سُنَّةَ الصُّبْحِ، أَوْ سُنَّةَ الظُّهْرِ الَّتِي قَبْلَهَا، أَوْ الَّتِي بَعْدَهَا، وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَا يَكْفِي الِاقْتِصَارُ عَلَى سُنَّةِ الظُّهْرِ مُطْلَقًا وَتَبِعَهُ السُّبْكِيّ وَالْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُمَا وَوَجْهُهُ أَنَّ تَعَيُّنَهُمَا إنَّمَا يَحْصُلُ بِذَلِكَ؛ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الِاسْمِ وَالْوَقْتِ، وَإِنْ لَمْ تُؤَخَّرْ الْمُقَدَّمَةُ، كَمَا يَجِبُ تَعْيِينُ الظُّهْرِ لِئَلَّا تَلْتَبِسَ بِالْعَصْرِ فَانْدَفَعَ قَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ: لَا وَجْهَ لِاشْتِرَاطِهِ عِنْدَ تَقْدِيمِ الْمُقَدَّمَةِ، لَا فِيهَا وَلَا فِي الْمُؤَخَّرَةِ، فَإِنْ أَخَّرَهَا اُحْتُمِلَتْ الشَّرْطِيَّةُ اهـ.
ثُمَّ رَأَيْت الْمُصَنِّفَ قَالَ فِي تَجْرِيدِهِ: الَّذِي يُعْطِيه كَلَامُ الْمَجْمُوعِ الِاكْتِفَاءُ بِذَلِكَ فِيهِمَا لَا مَا فَهِمَهُ الْإِسْنَوِيُّ أَيْ: مِنْ الِاشْتِرَاطِ، وَفِي الْمَطْلَبِ مَا يَقْتَضِيه اهـ.
وَهُوَ فِي غَايَةِ السُّقُوطِ مَعَ تَأَمُّلِ عِبَارَةِ الْمَجْمُوعِ الَّتِي ذَكَرْتهَا، انْتَهَتْ عِبَارَةُ شَرْحِ الْعُبَابِ وَبِهَا يُعْلَمُ مَا قَدَّمْته مِنْ أَنَّ الْمَنْقُولَ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ الَّتِي قَبْلَهَا وَاَلَّتِي بَعْدَهَا مُطْلَقًا، أَمَّا إذَا أُخِّرَتْ الْمُقَدَّمَةُ فَوَاضِحٌ؛ لِلِاشْتِبَاهِ الظَّاهِرِ حِينَئِذٍ فِي الِاسْمِ وَالْوَقْتِ، وَأَمَّا إذَا لَمْ تُؤَخَّرْ فَكَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ بِالنِّيَّةِ التَّمْيِيزُ، وَعِنْدَ الِاشْتِرَاكِ اللَّفْظِيِّ لَا يَحْصُلُ التَّمْيِيزُ إلَّا بِالْوَصْفِ، فَسُنَّةُ الظُّهْرِ مُشْتَرِكٌ بَيْنَ الْقَبْلِيَّةِ وَالْبَعْدِيَّةِ فَلَا مُمَيِّزَ لِبَعْضِ مَا قَدْ فَاتَهُ عَنْ بَعْضٍ إلَّا بِنَحْوِ الَّتِي قَبْلَهَا، أَوْ الَّتِي بَعْدَهَا، فَإِنْ قُلْت الَّتِي بَعْدَهَا لَمْ يَدْخُلْ وَقْتُهَا إلَى الْآنَ فَكَيْفَ اُحْتِيجَ إلَى تَمْيِيزِهَا؟ قُلْت: قَدْ عَلِمْت أَنَّ سَبَبَ التَّمْيِيزِ الِاشْتِرَاكُ الْوَاقِعُ فِيهَا وَهَذَا حَاصِلٌ سَوَاءٌ قُدِّمَتْ أَوْ أُخِّرَتْ، وَكَوْنُ الْخَارِجِ يُخَصِّصُ النِّيَّةَ بِالْمُقَدَّمَةِ لِعَدَمِ دُخُولِ الْمُؤَخَّرَةِ لَا يُنْظَرُ إلَيْهِ، لِأَنَّهُ قَرِينَةٌ خَارِجِيَّةٌ وَالْقَرَائِنُ الْخَارِجِيَّةُ لَا تُخَصَّصُ، سِيَّمَا هُنَا؛ لِأَنَّ مَنَاطَ النِّيَّةِ الْقَلْبُ، وَلَا ارْتِبَاطَ لَهُ بِالْقَرِينَةِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُمْ أَوْجَبُوا التَّعْيِينَ فِي الظُّهْرِ مَثَلًا، وَقَالُوا: لِئَلَّا يَشْتَبِهَ بِالْعَصْرِ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ وَقْتُهُ بَلْ لَمْ يَكْتَفُوا عَنْ تَعْيِينِهِ بِصَلَاةِ الْوَقْتِ لِصِدْقِهِ بِفَائِتَةٍ تَذَكَّرَهَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ تَذَكَّرَ فَائِتَةً، أَوْ لَيْسَ عَلَيْهِ فَائِتَةٌ بِالْكُلِّيَّةِ، فَعَلِمْنَا أَنَّهُمْ لَا يَعْتَدُّونَ فِي النِّيَّاتِ بِالْقَرَائِنِ الْخَارِجِيَّةِ مُطْلَقًا، وَإِنَّمَا يَنْظُرُونَ إلَى إمْكَانِ الِالْتِبَاسِ بِاعْتِبَارِ صِدْقِ

اسم الکتاب : الفتاوى الفقهية الكبرى المؤلف : الهيتمي، ابن حجر    الجزء : 1  صفحة : 145
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست