responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفتاوى الفقهية الكبرى المؤلف : الهيتمي، ابن حجر    الجزء : 1  صفحة : 138
بِأَضْعَافٍ مُضَاعَفَةٍ؟ وَجَوَابُهُ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلِمَ أَنَّ صَلَاتَهُ كَالْمُهَاجِرِينَ فِي الْمَدِينَةِ كَفَضْلِهَا بِمَكَّةَ؛ لِأَنَّهُمْ أُخْرِجُوا مِنْهَا كُرْهًا؛ فَاسْتَمَرَّ لَهُمْ ثَوَابُ حَسَنَاتِهَا أَخْذًا مِنْ خَبَرِ: «إذَا سَافَرَ الْعَبْدُ، أَوْ مَرِضَ كُتِبَ لَهُ مَا كَانَ يَعْمَلُهُ صَحِيحًا مُقِيمًا» .
وَزَوَالُ الْإِكْرَاهِ بِفَتْحِ مَكَّةَ لَا يَقْتَضِي طَلَبَ الرُّجُوعِ إلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا تُرِكَتْ لِلَّهِ وَمَنْ تَرَكَ شَيْئًا لِلَّهِ تَعَالَى لَا يَرْجِعُ فِيهِ.
وَوُجُوبُ الرِّضَا بِالْمَأْمُورِ وَمَحَبَّتُهُ الْمَذْكُورَيْنِ فِي السُّؤَالِ لَا يَمْنَعَانِ طَلَبَ الْأَفْضَلِ مِنْ حَيْثِيَّةِ مَا فِيهِ مِنْ زِيَادَةِ الْقُرْبِ، وَامْتِنَاعُ طَلَبِ تَغْيِيرِ الْأَحْكَامِ مَحِلُّهُ فِي زَمَنٍ لَا يَقْبَلُ ذَلِكَ؛ كَمَا بَعْدَ مَوْتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِخِلَافِهِ قَبْلَهُ؛ لِجَوَازِ النَّسْخِ، فَلَمْ تَمْتَنِعْ إرَادَةُ التَّغْيِيرِ لِتِلْكَ الْمَصَالِحِ السَّابِقَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

[بَابُ صِفَةِ الصَّلَاةِ]
(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَحَشَرَنِي فِي زُمْرَتِهِ - عَنْ تَقْبِيلِ الْيَدَيْنِ بَعْدَ كُلِّ دُعَاءٍ خَارِجَ الصَّلَاةِ هَلْ لَهُ أَصْلٌ كَمَسْحِ الْوَجْهِ بِهِمَا أَمْ لَا؟ وَإِذَا كَانَ لَهُ أَصْلٌ فَهَلْ هُوَ صَحِيحٌ، أَوْ خَبَرُهُ ضَعِيفٌ
(فَأَجَابَ) - فَسَحَ اللَّهُ فِي مُدَّتِهِ -: بِأَنِّي لَمْ أَرَ لَهُ أَصْلًا صَحِيحًا وَلَا ضَعِيفًا بَعْدَ مَزِيدِ الْبَحْثِ وَالتَّفْتِيشِ؛ فَلَا يَنْبَغِي فِعْلُهُ.

(وَسُئِلَ) - أَمَدَّنَا اللَّهُ مِنْ مَدَدِهِ -: عَنْ وُجُوبِ مُقَارَنَةِ النِّيَّةِ بِالتَّكْبِيرِ، هَلْ الْكَافِي مُقَارَنَةُ الْمَجْمُوعِ مِنْ النِّيَّةِ بِالْمَجْمُوعِ مِنْ التَّكْبِيرِ أَمْ لَا بُدَّ مِنْ مُقَارَنَةِ الْمَجْمُوعِ مِنْهَا بِكُلِّ جُزْءٍ مِنْهُ فَإِذَا قُلْتُمْ بِالْأَوَّلِ فَلَا كَلَامَ، وَإِنْ قُلْتُمْ بِالثَّانِي فَهَلْ الْمُرَادُ بِالْإِجْزَاءِ الْإِجْزَاءُ مِنْ غَيْرِ وَاسِطَةٍ، أَوْ الْإِجْزَاءُ الْأَعَمُّ مِنْ أَنْ تَكُونَ بِوَاسِطَةٍ أَمْ لَا فَإِذَا قُلْتُمْ بِالثَّانِي فَهَلْ تُعْتَبَرُ حُرُوفُ: اللَّهُ أَكْبَرُ تِسْعَةً أَمْ ثَمَانِيَةً، بِعَدِّ الْمُدْغَمِ وَاحِدًا؛ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ اسْتِحْضَارُ النِّيَّةِ فِي هَذِهِ الْحُرُوفِ التِّسْعَةِ، أَوْ الثَّمَانِيَةِ، فَتَكُونُ النِّيَّةُ مُسْتَحْضَرَةً ثَمَانِيَ مَرَّاتٍ، أَوْ تِسْعَ مَرَّاتٍ.
وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ كَوْنُ الْقَصْدِ وَاحِدًا ثَابِتًا؛ لِأَنَّهُ بِاعْتِبَارِ اسْتِحْضَارِهِ بِهَذِهِ الْحُرُوفِ مُتَعَدِّدٌ، فَهَلْ الْأَمْرُ كَمَا زَعَمَهُ السَّائِلُ أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: بِأَنَّ الْمُرَادَ بِمُقَارَنَةِ النِّيَّةِ لِلتَّكْبِيرِ أَنْ يَسْتَحْضِرَ مَا يُعْتَبَرُ فِي النِّيَّةِ مِنْ قَصْدِ الْفِعْلِ وَالتَّعْيِينِ وَنِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ، وَيَجْعَلَ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ حَاضِرَةً فِي قَلْبِهِ ثَمَّ يَنْطِقُ بِ (اللَّهُ أَكْبَرُ) بِحَيْثُ تَقَعُ جَمِيعُهَا وَتِلْكَ الثَّلَاثَةُ حَاضِرَةٌ فِي قَلْبِهِ لَمْ يَعْزُبْ عَنْهُ مِنْهَا شَيْءٌ.
وَبِهَذَا تَعْلَمُ أَنَّهُ لَا تَكْفِي مُقَارَنَةُ الْمَجْمُوعِ مِنْ النِّيَّةِ بِالْمَجْمُوعِ مِنْ التَّكْبِيرِ وَلَا بِجَمِيعِهِ، وَلَا نَظَرَ لِكَوْنِ حُرُوفِ التَّكْبِيرِ تِسْعَةً أَوْ ثَمَانِيَةً وَأَنَّ النِّيَّةَ لَيْسَتْ مُسْتَحْضَرَةً ثَمَانِ مَرَّاتٍ وَلَا تِسْعَ مَرَّاتٍ؛ لِمَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّ الْقَصْدَ وَمَا مَعَهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ جَمِيعُهُ مَوْجُودًا مُسْتَحْضَرًا مِنْ حِينِ النُّطْقِ بِالْهَمْزَةِ إلَى النُّطْقِ بِالرَّاءِ، وَمَتَى عَزَبَ وَاحِدٌ مِنْ الثَّلَاثَةِ ثَمَّ عَادَ - وَلَوْ عَلَى الْفَوْرِ - وَإِنْ فُرِضَ أَنَّهُ عَادَ قَبْلَ مُضِيِّ حَرْفٍ مِنْ التَّكْبِيرِ - كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُهُمْ - لَمْ تَصِحَّ الصَّلَاةُ.
وَهَذَا عَسِرٌ جِدًّا إلَّا عَلَى مَنْ صَفَا قَلْبُهُ وَنَارَ سِرُّهُ؛ فَإِنَّهُ سَهْلٌ عَلَيْهِ، وَمِنْ ثَمَّ أَوْجَبَهُ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ظَنًّا مِنْهُ أَنَّهُ سَهْلٌ، وَأَنَّ الْقُلُوبَ بِهَا مِنْ الصَّفَا مَا بِقَلْبِهِ، لَكِنْ لَمَّا اخْتَبَرَ مُتَأَخِّرُو أَصْحَابِهِ الْقُلُوبَ وَعَالَجُوهَا، رَأَوْا ذَلِكَ يَكْبُرُ عَلَيْهَا وَيَشُقُّ فَاخْتَارُوا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ الِاكْتِفَاءَ بِالْمُقَارَنَةِ الْعُرْفِيَّةِ بِحَيْثُ يُعَدُّ عُرْفًا أَنَّهُ مُسْتَحْضِرٌ لِلصَّلَاةِ؛ وَذَلِكَ يَحْصُلُ بِمُقَارَنَتِهَا لِأَوَّلِ التَّكْبِيرِ.
وَقَدْ بَالَغَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي الِانْتِصَارِ لِهَذَا وَالْقَدْحِ فِي الْأَوَّلِ حَتَّى زَعَمَ أَنَّهُ مُحَالٌ، وَلَيْسَ كَمَا زَعَمَ عَلَى الْعُمُومِ إذْ لَا يَسْتَحِيلُ إلَّا فِي حَقِّ قُلُوبٍ لَمْ تَتَحَلَّ بِحِلْيَةِ الصَّفَاءِ وَلَمْ تَخْلُ مِنْ الْأَغْيَارِ وَالْوَسَاوِسِ النَّفْسَانِيَّةِ، وَهَذَا مَقَامٌ يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى عِظَمِ مَقَامِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَمَا أَشَرْت إلَيْهِ أَوَّلًا، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ الْمُصَلِّي إذَا عَزَبَتْ النِّيَّةُ قَبْلَ قَوْلِهِ اللَّهُ أَكْبَرُ، فَهَلْ يَرْجِعُ لِابْتِدَائِهِ مَرَّةً أَوْ تُجْزِئُهُ إذَا تَذَكَّرَهَا فِي آخِرِ الْإِحْرَامِ؟ وَإِذَا أَرَادَ هَذَا الْمُصَلِّي أَنْ يَقْنُتَ عِنْدَ حُدُوثِ بَعْضِ النَّوَازِلِ مِنْ عَدُوٍّ، أَوْ غَيْرِهِ كَمَا ذَكَرُوا وَأَتَى بِالدُّعَاءِ الْمَأْثُورِ، ثُمَّ ثَنَّى عَلَى أَثَرِهِ بِقِرَاءَةِ الْآيَةِ الَّتِي فِي سُورَةِ نُوحٍ، - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَلْ ذَكَرَ السَّادَةُ الْعُلَمَاءُ فِي الزِّيَادَةِ عَلَى الدُّعَاءِ الْمَأْثُورِ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِيمَا سَأَلْت نَقْلٌ يُنَصُّ بِهِ عَلَى قِرَاءَتِهِ الْآيَةَ الْمَذْكُورَةَ وَهِيَ: قَوْله تَعَالَى: {اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا} [نوح: 10] فَإِذَا لَمْ يَقْرَأْهَا فِي الصَّلَاةِ لِعَدَمِ النَّقْلِ فِيهَا فَهَلْ إذَا دَعَا بِقَوْلِهِ:

اسم الکتاب : الفتاوى الفقهية الكبرى المؤلف : الهيتمي، ابن حجر    الجزء : 1  صفحة : 138
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست