responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الحاوي للفتاوي المؤلف : السيوطي، جلال الدين    الجزء : 1  صفحة : 305
[رَفْعُ الْبَاسِ وَكَشْفُ الِالْتِبَاسِ فِي ضَرْبِ الْمَثَلِ مِنَ الْقُرْآنِ وَالِاقْتِبَاسِ]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
مَسْأَلَةٌ: اسْتِعْمَالُ أَلْفَاظِ الْقُرْآنِ فِي الْمُحَاوَرَاتِ وَالْمُخَاطِبَاتِ وَالْمُجَاوَبَاتِ وَالْإِنْشَاءَاتِ، وَالْخُطَبِ، وَالرَّسَائِلِ، وَالْمَقَامَاتِ مُرَادًا بِهَا غَيْرَ الْمَعْنَى الَّذِي أُرِيدَتْ بِهِ فِي الْقُرْآنِ، يُسَمَّى عِنْدَ الصَّدْرِ الْأَوَّلِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، فَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنَ الْأَئِمَّةِ وَالْعُلَمَاءِ ضَرْبَ مَثَلٍ وَتَمَثُّلًا وَاسْتِشْهَادًا إِذَا كَانَ فِي النَّثْرِ، وَقَدْ يُسَمَّى اقْتِبَاسًا بِحَسَبِ اخْتِلَافِ الْمَوْرِدِ، فَإِذَا كَانَ فِي الشِّعْرِ سُمِّيَ اقْتِبَاسًا لَا غَيْرَ، فَأَمَّا الْأَوَّلُ، وَهُوَ الَّذِي فِي النَّثْرِ، سَوَاءٌ كَانَ تَمَثُّلًا أَوِ اقْتِبَاسًا فَجَائِزٌ فِي مَذْهَبِنَا بِلَا خِلَافٍ عِنْدَنَا - نَصَّ عَلَيْهِ الْأَصْحَابُ إِجْمَالًا وَتَفْصِيلًا - وَاسْتَعْمَلُوهُ فِي خُطَبِهِمْ وَإِنْشَائِهِمْ وَرَسَائِلِهِمْ وَمَقَامَاتِهِمْ.
أَمَّا النُّصُوصُ فَقَالُوا فِي بَابِ الْغُسْلِ: إِنَّهُ يَجُوزُ لِلْجُنُبِ أَنْ يُورِدَ أَلْفَاظَ الْقُرْآنِ لَا بِقَصْدِ الْقُرْآنِ، وَقَالُوا فِي بَابِ شُرُوطِ الصَّلَاةِ: إِنَّ الْمُصَلِّيَ لَوْ نَطَقَ بِنَظْمِ الْقُرْآنِ لَا بِقَصْدِ الْقُرْآنِ، بَلْ بِقَصْدِ التَّفْهِيمِ فَقَطْ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، فَإِنْ قَصَدَ الْقِرَاءَةَ وَالتَّفْهِيمَ مَعًا لَمْ تَبْطُلْ، وَلَمْ يَحْكُوا فِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافًا.
قَالَ النووي فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ فِي بَابِ الْغُسْلِ مَا نَصُّهُ: قَالَ أَصْحَابُنَا: وَلَوْ قَالَ لِإِنْسَانٍ: {خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ} [مريم: 12] وَلَمْ يَقْصِدِ الْقُرْآنَ جَازَ، وَكَذَا مَا أَشْبَهَهُ، وَقَالَ الرافعي فِي الشَّرْحِ: وَأَمَّا إِذَا قَرَأَ شَيْئًا مِنْهُ لَا عَلَى قَصْدِ الْقُرْآنِ فَيَجُوزُ، وَفِي الرَّوْضَةِ مِثْلُهُ، وَقَالَ الأسنوي فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ عِنْدَ قَوْلِهِ: وَيَحِلُّ إِذَا كَانَ لَا بِقَصْدِ قُرْآنٍ، هَذَا الْحُكْمُ لَا يَخْتَصُّ بِأَذْكَارِ الْقُرْآنِ، بَلْ يَأْتِي أَيْضًا فِي مَوَاعِظِهِ وَأَحْكَامِهِ وَأَخْبَارِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الرافعي، فَإِنَّهُ عَبَّرَ بُقُولِهِ: أَمَّا إِذَا قَرَأَ شَيْئًا مِنْهُ لَا عَلَى قَصْدِ الْقُرْآنِ، فَيَجُوزُ هَذِهِ عِبَارَتُهُ، وَذَكَرَ مِثْلَهَا فِي الرَّوْضَةِ، وَصَرَّحَ القاضي أبو الطيب فِي تَعْلِيقِهِ بِالْأَوَامِرِ انْتَهَى.
وَقَالَ الرافعي فِي بَابِ شُرُوطِ الصَّلَاةِ: إِذَا أَتَى الْمُصَلِّي بِشَيْءٍ مِنْ نَظْمِ الْقُرْآنِ قَاصِدًا بِهِ الْقِرَاءَةَ لَمْ يَضُرَّ، وَإِنْ قَصَدَ مَعَ الْقِرَاءَةِ شَيْئًا آخَرَ كَتَنْبِيهِ الْإِمَامِ أَوْ غَيْرِهِ، وَالْفَتْحِ عَلَى مَنِ ارْتَجَّ عَلَيْهِ، وَتَفْهِيمِ الْأَمْرِ مِنَ الْأُمُورِ مِثْلَ أَنْ يَقُولَ لِجَمَاعَةٍ يَسْتَأْذِنُونَ فِي الدُّخُولِ: {ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ} [الحجر: 46] ، أَوْ يَقُولَ: {يَايَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ} [مريم: 12] وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مُنْتَهِيًا فِي قِرَاءَتِهِ إِلَى تِلْكَ الْآيَةِ، أَوْ يُنْشِئُ قِرَاءَتَهَا حِينَئِذٍ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إِذَا قَصَدَ شَيْئًا آخَرَ سِوَى الْقِرَاءَةِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ إِلَّا أَنْ يُرِيدَ تَنْبِيهَ الْإِمَامِ، وَالْمَارِّ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ إِلَّا الْإِفْهَامَ، وَالْإِعْلَامَ فَلَا خِلَافَ فِي بُطْلَانِ الصَّلَاةِ، كَمَا لَوْ أَفْهَمَ بِعِبَارَةٍ أُخْرَى انْتَهَى.

اسم الکتاب : الحاوي للفتاوي المؤلف : السيوطي، جلال الدين    الجزء : 1  صفحة : 305
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست