responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الحاوي للفتاوي المؤلف : السيوطي، جلال الدين    الجزء : 1  صفحة : 303
الطَّبِيبَ الْمَذْكُورَ أَحْضَرَ الْجَمَاعَةَ الَّذِينَ دَاوَاهُمْ، وَهُمْ أَكْثَرُ مِنْ عِشْرِينَ نَفَرًا إِلَى شُهُودِ الْمُسْلِمِينَ، وَاعْتَرَفُوا بِحُصُولِ الشِّفَاءِ عَلَى يَدِهِ، وَكَتَبَ بِذَلِكَ مَحْضَرًا وَاتَّصَلَ بِحَاكِمٍ؟ وَهَلْ يَثْبُتُ بِهَذَا الْمَحْضَرِ عَدَالَةُ الطَّبِيبِ؟ وَهَلْ يَجُوزُ لَهُمْ إِخْرَاجُهُ مِنَ الْبَلَدِ؟ وَهَلْ إِذَا قَالَ الطَّبِيبُ: أُلْهِمْتُ مِنَ اللَّهِ هَذَا الدَّوَاءَ يَسُوغُ لِأَحَدٍ الِاعْتِرَاضُ عَلَيْهِ؟ .
الْجَوَابُ: الْإِلْهَامُ لَا يُنْكَرُ، لَكِنَّهُ إِنَّمَا يَصِحُّ غَالِبًا مَعَ الصُّوفِيَّةِ الْخُلَّصِ، أَرْبَابِ الْقُلُوبِ الصَّافِيَةِ النَّيِّرَةِ، وَقَدْ يَحْصُلُ لِغَيْرِهِمْ مِنْ آحَادِ الْمُسْلِمِينَ، لَكِنَّهُ قَدْ يَصِحُّ وَقَدْ لَا يَصِحُّ، فَإِنْ كَانَ هَذَا الَّذِي أُلْهِمَ الطِّبَّ مِنَ الصُّوفِيَّةِ أَرْبَابِ الْقُلُوبِ فَإِنَّهُ لَا يُخْطِئُ فِي الْغَالِبِ، بِحَسَبِ تَمَكُّنِ حَالِهِ وَقُوَّتِهِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِهِمْ فَعَلَيْهِ تَوَقِّي ذَلِكَ، وَالرُّجُوعُ إِلَى قَانُونِ الطِّبِّ الَّذِي تَعَارَفَ النَّاسُ الْمُدَاوَاةَ بِهِ، وَلَيْسَ لِأَحَدٍ مَنْعُهُ مِنَ الْمُدَاوَاةِ مَا لَمْ يَظْهَرْ عَلَيْهِ كَثْرَةُ الْخَطَأِ، وَالْأَوْلَى لَهُ فِي الْحَالَيْنِ أَنْ يُبَيِّنَ لِلْمُدَاوِي أَنَّهُ لَمْ يَعْتَمِدْ فِي ذَلِكَ عَلَى الْقَانُونِ الْمُتَعَارَفِ فِي الطِّبِّ؛ لِيَنْظُرَ ذَاكَ لِنَفْسِهِ، وَيَحْتَاطَ لَهَا؛ لِئَلَّا يَدْخُلَ فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «مَنْ تَطَبَّبَ، وَلَمْ يُعْلَمْ مِنْهُ طِبٌّ فَهُوَ ضَامِنٌ» " وَالْمَحْضَرُ الْمَذْكُورُ لَا فَائِدَةَ فِيهِ، وَلَا يَثْبُتُ بِهِ عَدَالَةٌ، وَلَا يَجُوزُ إِخْرَاجُهُ مِنَ الْبَلَدِ بِهَذَا السَّبَبِ.

مَسْأَلَةٌ: فِي رَجُلٍ اشْتُهِرَ بِوَقْتِنَا هَذَا بِعِلْمِ التَّعْبِيرِ، وَفُتِحَ عَلَيْهِ فِيهِ، وَنَوَّرَ اللَّهُ بَصِيرَتَهُ بِمَعْرِفَةِ تَفْسِيرِ الرُّؤْيَا، وَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِهَا مَزْجِيَّ الْبِضَاعَةِ، فَإِذَا قَصَّ عَلَيْهِ أَحَدٌ رُؤْيَا بَادَرَ إِلَى تَفْسِيرِهَا، فَيَحْمَدُ اللَّهَ تَعَالَى، وَيُصَلِّي عَلَى نَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ يُفَسِّرُهَا بِكَلَامِ أَهْلِ الصِّنَاعَةِ، وَيَسْتَشْهِدُ عَلَيْهِ بِأَدِلَّةٍ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَمَا وَافَقَ الْقَوَاعِدَ وَالْمَنْقُولَ فِي هَذَا الْفَنِّ، مُتَّبِعًا شُرُوطَهُ وَآدَابَهُ فِي الْأَغْلَبِ، وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْهُ مَعَ كَثْرَةِ تَعْبِيرِهِ أَنَّهُ أَخْطَأَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ خَطَأً فَاحِشًا، خَالَفَ فِيهِ مَنْقُولَ أَهْلِ الْفَنِّ، هَذَا وَقَدْ قَرَأَ فِيهِ كُتُبًا عَلَى مَشَايِخِ عَصْرِهِ، وَتَفَهَّمَ ظَوَاهِرَهَا بِحَسَبِ الْحَالِ، وَشَاعَ نَفْعُ النَّاسِ بِهِ، وَقَصَدُوهُ مِنَ الْأَمْكِنَةِ الْبَعِيدَةِ؛ لِفَقْدِ الْعُلَمَاءِ بِذَلِكَ، ثُمَّ إِنَّ رَجُلًا كَبِيرًا مِنَ النَّاسِ قَامَ عَلَى هَذَا الرَّجُلِ الْمَذْكُورِ، وَأَنْكَرَ عَلَيْهِ كَثْرَةَ تَعْبِيرِهِ لِكُلِّ سَائِلٍ كَائِنًا مَنْ كَانَ، وَسُرْعَةَ مُبَادَرَتِهِ لِذَلِكَ فَزَجَرَهُ وَنَهَاهُ عَنْ تَعْبِيرِ الرُّؤْيَا مُطْلَقًا؛ قَاصِدًا نُصْحَهُ، وَقَالَ لَهُ مَا مَعْنَاهُ: هَذَا الْعِلْمُ تَخْيِيلَاتٌ مِنْ بَابِ الظَّنِّ وَالْحَدَثِ، وَهُوَ مَظِنَّةُ الْكَذِبِ وَالْخَطَأِ، فَلَا يَجُوزُ الْعَمَلُ بِهِ، وَلَا الِاعْتِمَادُ عَلَيْهِ، فَانْزَجَرَ الرَّجُلُ الْمَذْكُورُ، وَكَفَّ عَنْ تَعْبِيرِ الرُّؤْيَا مُدَّةً طَوِيلَةً، فَتَضَرَّرَ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ بِسَبَبِ ذَلِكَ، وَرَمَوْهُ بِأَلْسِنَتِهِمْ، وَظَنُّوا بِامْتِنَاعِهِ أَنَّ قَصْدَهُ بِهِ طَلَبُ الدُّنْيَا مِنَ الْأَكَابِرِ بِسُؤَالِهِمْ لَهُ فِي ذَلِكَ، وَاحْتِيَاجِهِمْ إِلَيْهِ، وَقَدْ وَقَعَ فِي وَرْطَةٍ مَعَ النَّاسِ بِسَبَبِ ذَلِكَ، وَحَصَلَ عِنْدَهُ شَكٌّ وَارْتِيَابٌ فِي هَذَا الْعِلْمِ، هَلْ لَهُ حَقِيقَةً؟ أَوْ كَمَا

اسم الکتاب : الحاوي للفتاوي المؤلف : السيوطي، جلال الدين    الجزء : 1  صفحة : 303
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست