responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الحاوي للفتاوي المؤلف : السيوطي، جلال الدين    الجزء : 1  صفحة : 272
الْحَالُ الثَّانِي: أَنْ تُعْرِضَ الْمَرْأَةُ، أَوْ أَهْلُهَا ذَلِكَ عَلَيْهِ عَرْضًا مِنْ غَيْرِ امْتِنَاعٍ مِنَ النُّقْلَةِ مَعَهُ فَيَرْضَى بِذَلِكَ فَهَذَا أَيْضًا لَا يُسْقِطُ النَّفَقَةَ؛ لِأَنَّهَا بِحَيْثُ لَوْ طَلَبَ مِنْهَا النُّقْلَةَ إِلَى مَنْزِلِهِ لَأَجَابَتْ، وَهَذِهِ الصُّورَةُ بِعَيْنِهَا مُصَرَّحٌ بِهَا فِي الْكِفَايَةِ لسليم الرازي، وَمَأْخُوذَةٌ مِنْ عِبَارَةِ الرَّوْضَةِ، وَهَلْ عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ أُجْرَةُ الْمَنْزِلِ؟ يُنْظَرُ، فَإِنْ صَرَّحَ بِعَقْدِ إِجَارَةٍ لَزِمَتْهُ الْأُجْرَةُ، أَوْ صَرَّحَ بِإِبَاحَةِ السُّكْنَى لَهُ لَمْ تَلْزَمْهُ، وَإِنْ سَكَتَ فَفِيهِ احْتِمَالَانِ عِنْدِي، ثُمَّ رَأَيْتُ ابن العماد جَزَمَ فِي تَوْقِيفِ الْحُكَّامِ، بِأَنَّ عَلَيْهِ الْأُجْرَةَ لِمُدَّةِ مَقَامِهِ مَعَهَا، قَالَ: لِأَنَّهُ لَا يُنْسَبُ إِلَى سَاكِتٍ قَوْلٌ؛ وَلِأَنَّ عَدَمَ الْمَنْعِ أَعَمُّ مِنَ الْإِذْنِ، فَإِنْ أَذِنَتْ فَلَا أُجْرَةَ لِمُدَّةِ سَكْتٍ انْتَهَى.
الْحَالُ الثَّالِثُ: أَنْ يَطْلُبَ الزَّوْجُ تَحْوِيلَهَا إِلَى مَنْزِلِهِ، وَتَمْتَنِعُ هِيَ مِنْ ذَلِكَ، وَتَقُولُ: لَا أُسَلِّمُ إِلَّا فِي مَنْزِلِي فَيَأْتِي إِلَى مَنْزِلِهَا، وَيَسْتَمْتِعُ بِهَا فِيهِ لَيْلًا وَنَهَارًا، وَهَذِهِ الصُّورَةُ هِيَ مَحَلُّ الْكَلَامِ، فَالْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ الرَّوْضَةِ وَالشَّرْحِ، وَالتَّتِمَّةِ، وَسَائِرِ كُتُبِ الْأَصْحَابِ: أَنَّهُ لَا نَفَقَةَ لَهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ إِلَّا مَا وَقَعَ فِي كَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ، وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّهُ مُفَرَّعٌ عَلَى طَرِيقَةٍ مَرْجُوحَةٍ، وَأَنَّهُ لَمْ يُوجِبْ لَهَا النَّفَقَةَ مُطْلَقًا، بَلْ نَفَقَةَ زَمَنِ الِاسْتِمْتَاعِ خَاصَّةً دُونَ الْأَيَّامِ الَّتِي لَمْ يَسْتَمْتِعْ بِهَا، أَوْ غَابَ عَنْهَا عَلَى خِلَافِ مَا لَوْ كَانَتْ فِي مَنْزِلِهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[تَنْزِيهُ الْأَنْبِيَاءِ عَنْ تَسْفِيهِ الْأَغْبِيَاءِ]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
أَمَّا بَعْدُ أَحْمَدُ اللَّهَ غَافِرَ الزَّلَّاتِ، وَمُقِيلَ الْعَثَرَاتِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْهِ فِي كِتَابِهِ الْعَزِيزِ: {أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ} [فاطر: 8] ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ النُّجُومِ النَّيِّرَاتِ، فَهَذَا جُزْءٌ سَمَّيْتُهُ: " تَنْزِيهَ الْأَنْبِيَاءِ عَنْ تَسْفِيهِ الْأَغْبِيَاءِ " وَالسَّبَبُ فِي تَأْلِيفِهِ أَنَّهُ وَقَعَ أَنَّ رَجُلًا خَاصَمَ رَجُلًا فَوَقَعَ بَيْنَهُمَا سَبٌّ كَثِيرٌ، فَقَذَفَ أَحَدُهُمَا عِرْضَ الْآخَرِ، فَنَسَبَهُ الْآخَرُ إِلَى رَعْيِ الْمِعْزَى، فَقَالَ لَهُ ذَاكَ: تَنْسُبُنِي إِلَى رَعْيِ الْمِعْزَى؟ فَقَالَ لَهُ وَالِدُ الْقَائِلِ: الْأَنْبِيَاءُ رَعَوُا الْمِعْزَى، أَوْ مَا مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا رَعَى الْمِعْزَى، وَذَلِكَ بِسُوقِ الْغَزْلِ، بِجِوَارِ الْجَامِعِ الطُّولُونِيِّ، بِحَضْرَةِ جَمْعٍ كَثِيرٍ مِنَ الْعَوَامِّ، فَتَرَافَعُوا إِلَى الْحُكَّامِ، فَبَلَغَ الْخَبَرُ قَاضِيَ الْقُضَاةِ الْمَالِكِيَّ، فَقَالَ: لَوْ رُفِعَ إِلَيَّ ضَرَبْتُهُ بِالسِّيَاطِ، فَسُئِلْتُ مَاذَا يَلْزَمُ الَّذِي ذَكَرَ الْأَنْبِيَاءَ مُسْتَدِلًّا بِهِمْ فِي هَذَا الْمَقَامِ؟ فَأَجَبْتُ: بِأَنَّ هَذَا الْمُسْتَدِلَّ يُعَزَّرُ التَّعْزِيرَ الْبَلِيغَ؛ لِأَنَّ مَقَامَ الْأَنْبِيَاءِ أَجَلُّ مِنْ أَنْ

اسم الکتاب : الحاوي للفتاوي المؤلف : السيوطي، جلال الدين    الجزء : 1  صفحة : 272
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست