responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الحاوي للفتاوي المؤلف : السيوطي، جلال الدين    الجزء : 1  صفحة : 268
وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ نَفَقَتِهَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُسَلِّمْهَا تَسْلِيمًا تَامًّا، فَهُوَ كَمَا لَوْ سَلَّمَتِ الْحُرَّةُ نَفْسَهَا بِاللَّيْلِ دُونَ النَّهَارِ، أَوْ فِي بَيْتٍ دُونَ بَيْتٍ.
وَعِبَارَةُ الشَّاشِيِّ فِي الْعُمْدَةِ: إِذَا سُلِّمَتِ الْمَرْأَةُ إِلَى زَوْجِهَا وَهِيَ مِنْ أَهْلِ الِاسْتِمْتَاعِ وَمُكِّنَ مِنَ الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا، وَنَقَلَهَا حَيْثُ يُرِيدُ وَجَبَ عَلَيْهِ نَفَقَتُهَا، وَكَذَا عِبَارَتُهُ فِي كِتَابِهِ الْمُسَمَّى بِالتَّرْغِيبِ، ثُمَّ رَأَيْتُ الْمَاوَرْدِيَّ قَالَ فِي الْحَاوِي مَا نَصُّهُ: وَأَمَّا التَّمْكِينُ فَيَشْتَمِلُ عَلَى أَمْرَيْنِ لَا يَتِمُّ إِلَّا بِهِمَا، أَحَدُهُمَا: تَمْكِينُهُ مِنَ الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا، وَالثَّانِي: تَمْكِينُهُ مِنَ النُّقْلَةِ مَعَهُ حَيْثُ شَاءَ فِي الْبَلَدِ الَّذِي تَزَوَّجَهَا فِيهِ، وَإِلَى غَيْرِهِ مِنَ الْبِلَادِ إِذَا كَانَتِ السُّبُلُ مَأْمُونَةً، فَلَوْ مَكَّنَتْهُ مِنْ نَفْسِهَا وَلَمْ تُمَكِّنْهُ مِنَ النُّقْلَةِ مَعَهُ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ النَّفَقَةُ؛ لِأَنَّ التَّمْكِينَ لَمْ يَكْمُلْ إِلَّا أَنْ يَسْتَمْتِعَ بِهَا فِي زَمَانِ الِامْتِنَاعِ مِنَ النُّقْلَةِ، فَتَجِبُ لَهَا النَّفَقَةُ، وَيَصِيرُ اسْتِمْتَاعُهُ بِهَا عَفْوًا عَنِ النُّقْلَةِ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ هَذِهِ عِبَارَتُهُ.
وَقَدْ يَتَمَسَّكُ بِهَا مَنْ أَفْتَى بِخِلَافِ مَا أَفْتَيْنَا بِهِ، بَلْ أَنَا لَمَّا رَأَيْتُهَا تَوَقَّفَتْ كُلَّ التَّوَقُّفِ، ثُمَّ بَانَ لِي أَنَّهَا لَا تُعَارِضُ مَا تَقَدَّمَ وَذَلِكَ أَنِّي رَأَيْتُ الْمَاوَرْدِيَّ اخْتَارَ فِي النَّفَقَةِ طَرِيقَةً ضَعِيفَةً خِلَافَ الطَّرِيقَةِ الَّتِي صَحَّحَهَا الشَّيْخَانِ، وَاعْتَرَفَ هُوَ أَنَّ مَا اخْتَارَهُ مُخَالِفٌ لِمَا عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ، وَلِظَاهِرِ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ فَإِنَّهُ اخْتَارَ أَنَّهُ لَا يَخْلُو اسْتِمْتَاعٌ بِزَوْجَةٍ عَنْ نَفَقَةٍ وَفَرَّعَ عَلَى ذَلِكَ، وَاخْتَارَ فِي الْأَمَةِ إِذَا سُلِّمَتْ لَيْلًا لَا نَهَارًا أَنَّهُ يَجِبُ لَهَا الْقِسْطُ مِنَ النَّفَقَةِ، وَقَالَ فِي الْحُرَّةِ الْمُمْتَنِعَةِ مِنَ النُّقْلَةِ: إِذَا اسْتَمْتَعَ بِهَا يَجِبُ لَهَا نَفَقَةُ زَمَنِ الِاسْتِمْتَاعِ عَلَى قِيَاسِ قَوْلِهِ فِي الْأَمَةِ: بِالتَّقْسِيطِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذِهِ الطَّرِيقَةَ فِي الْأُمَّةِ ضَعِيفَةٌ، وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا نَفَقَةَ لَهَا أَصْلًا.
وَهَذِهِ عِبَارَةُ الْمَاوَرْدِيِّ: قَالَ: الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ أَنْ يُمَكِّنَهَا مِنْهَا لَيْلًا فِي زَمَانِ الِاسْتِمْتَاعِ، وَيَمْنَعُهُ مِنْهَا نَهَارًا فِي زَمَانِ الِاسْتِخْدَامِ، فَلَا خِيَارَ لِلزَّوْجِ فِي فَسْخِ نِكَاحِهَا إِذَا كَانَ عَالِمًا بِرِقِّهَا؛ لِأَنَّهُ حُكْمٌ مُسْتَقِرٌّ فِي نِكَاحِ الْأُمَّةِ، وَفِي نَفَقَتِهَا وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا - وَهُوَ قَوْلُ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ، وَجُمْهُورِ أَصْحَابِنَا - أَنَّهُ لَا نَفَقَةَ عَلَيْهِ لِقُصُورِ اسْتِمْتَاعِهِ عَنْ حَالِ الْكَمَالِ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي - وَهُوَ قَوْلُ أَبِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ - وَالْأَظْهَرُ عِنْدِي أَنَّ عَلَيْهِ مِنْ نَفَقَتِهَا بِقِسْطِهِ مِنْ زَمَانِ الِاسْتِمْتَاعِ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ عَلَى الزَّوْجِ عَشَاؤُهَا، وَعَلَى السَّيِّدِ غَدَاؤُهَا؛ لِأَنَّ الْعَشَاءَ يُرَادُ لِزَمَانِ اللَّيْلِ، وَالْغَدَاءَ يُرَادُ لِزَمَانِ النَّهَارِ، وَعَلَيْهِ مِنَ الْكُسْوَةِ مَا تَتَدَثَّرُ بِهِ لَيْلًا، وَعَلَى السَّيِّدِ مِنْهُ مَا تَلْبَسُهُ نَهَارًا، وَإِنَّمَا تَقَسَّطَتِ النَّفَقَةُ عَلَيْهِ، وَلَمْ تَسْقُطْ عَنْهُ مِنْ أَجْلِ وُجُودِ الِاسْتِمْتَاعِ؛ لِئَلَّا يَخْلُوَ اسْتِمْتَاعٌ بِزَوْجَةٍ مِنِ اسْتِحْقَاقِ نَفَقَةٍ - هَذَا لَفْظُهُ بِحُرُوفِهِ، فَانْظُرْ كَيْفَ رَجَّحَ فِي مَسْأَلَةِ الْأَمَةِ خِلَافَ مَا رَجَّحَهُ الشَّيْخَانِ، وَكَيْفَ قَالَ فِي الْأَوَّلِ: أَنَّهُ قَوْلُ جُمْهُورِ الْأَصْحَابِ، وَفِيمَا رَجَّحَهُ الْأَظْهَرُ

اسم الکتاب : الحاوي للفتاوي المؤلف : السيوطي، جلال الدين    الجزء : 1  صفحة : 268
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست