responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الحاوي للفتاوي المؤلف : السيوطي، جلال الدين    الجزء : 1  صفحة : 244
غَيْرُهُ: إِنَّهُ الْأَرْجَحُ دَلِيلًا، وَأَنَّهُ قَوْلُ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ وَأَنَّهُ أَثْبَتُ فِي الْمَذْهَبِ، فَإِنَّ الطَّلَاقَ مِنْ خِطَابِ الْوَضْعِ؛ لِأَنَّهُ نُصِبَ سَبَبًا لِلتَّحْرِيمِ، وَخِطَابُ الْوَضْعِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ عِلْمُ الْمُكَلَّفِ وَشُعُورُهُ، وَلِهَذَا لَوْ خَاطَبَ زَوْجَتَهُ بِالطَّلَاقِ جَاهِلًا بِأَنَّهَا زَوْجَتُهُ وَقَعَ، فَكَذَلِكَ النَّاسِي، وَأَمَّا حَدِيثُ " «رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ» "، فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى نَفْيِ الْإِثْمِ وَالْمُؤَاخَذَةِ، وَلَا عُمُومَ فِيهِ مِنْ حَيْثُ إِنَّ الْكَلَامَ إِنَّمَا يَصِحُّ فِيهِ تَقْدِيرُ مُضْمَرٍ، وَلَا عُمُومَ فِي الْمُقَدَّرَاتِ عَلَى مَا تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ، وَذَكَرَ نَحْوَ هَذَا الْكَلَامِ الشَّيْخُ بهاء الدين السبكي فِي تَكْمِلَةِ شَرْحِ الْمِنْهَاجِ لِأَبِيهِ، وَزِيَادَاتِ وَالِدِهِ أَيْضًا، كَانَ يَتَوَقَّفُ فِي الْفَتْوَى بِهَا، وَإِنَّمَا نَقَلْتُ هَذَا كُلَّهُ لِأُبَيِّنَ لَكَ أَنَّ مَسْأَلَةَ الِاسْتِقْبَالِ مُتَوَقَّفٌ فِيهَا غَايَةَ التَّوَقُّفِ، فَمِنْ مُصَحِّحٍ لِلْحِنْثِ وَنَاسِبِهِ لِلْأَكْثَرِينَ، وَمِنْ مُتَوَقِّفٍ، حَتَّى الرافعي، فَكَيْفَ يُلْحَقُ بِهَا مَسْأَلَةُ الْمُضِيِّ مِنْ غَيْرِ نَقْلٍ صَرِيحٍ فِيهَا عَنِ الْمُتَقَدِّمِينَ أَوِ الْمُصَحِّحِينَ، مَعَ التَّصْرِيحِ مِنْهُمْ بِالْحِنْثِ فِيهَا مِنْ غَيْرِ تَصْرِيحٍ بِخِلَافِهِ، هَذَا مَا لَا يَكُونُ أَبَدًا.
(تَنْبِيهٌ) : قِيلَ: قَدْ تَعْقَّبَ فِي الْمُهِمَّاتِ الْمَوْضِعَ الْأَوَّلَ فِي الرَّوْضَةِ بِأَنَّ الرُّجُوعَ إِلَى الشَّهَادَةِ فِيهِ نِزَاعٌ، وَمُخَالِفٌ لِلْمَذْكُورِ فِي الصَّلَاةِ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ إِلَى أَخْبَارِ الْغَيْرِ بَلْ إِلَى تَذَكُّرِهِ. قُلْنَا: هَذَا لَنَا لَا عَلَيْنَا، فَإِنَّهُ إِذَا حُكِمَ بِالْحِنْثِ عِنْدَ الْإِخْبَارِ الْمُتَنَازَعِ فِي قَبُولِهِ، فَعِنْدَ تَذَكُّرِهِ هُوَ أَوْلَى، وَمُعَوِّلُنَا عَلَى الِانْكِشَافِ وَالتَّبْيِينِ بِطْرِيقٍ مُعْتَبَرٍ مَقْبُولٍ.
(تَنْبِيهٌ) : إِنْ قِيلَ: حَدِيثُ عمر فِي حَلِفِهِ أَنَّ ابن صياد هُوَ الدَّجَّالُ، يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْحِنْثِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ مَا يَدُلُّ أَنَّهُ قَصَدَ أَنَّ ظَنَّهُ كَذَلِكَ، فَيَكُونُ عَامًّا. قُلْتُ: لَا دَلَالَةَ فِيهِ، فَإِنَّ ابن صياد لَمْ يُتَبَيَّنْ أَمْرُهُ، وَلَا حِنْثَ مَعَ الشَّكِّ، وَالْأَخْبَارُ فِي كَوْنِهِ هُوَ الدَّجَّالَ أَوْ غَيْرَهُ مُتَعَارِضَةٌ، وَقَدْ قَالَ النووي فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: قَالَ الْعُلَمَاءُ: قِصَّةُ ابن صياد مُشْكِلَةٌ وَأَمْرُهُ مُشْتِبَهٌ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُوحَ إِلَيْهِ فِي أَمْرِهِ بِشَيْءٍ، وَإِنَّمَا أُوحِيَ إِلَيْهِ بِصِفَاتِ الدَّجَّالِ، وَكَانَ فِي ابن صياد قَرَائِنُ مُحْتَمِلَةٌ، فَلِذَلِكَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَقْطَعُ فِي أَمْرِهِ بِشَيْءٍ بَلْ قَالَ لعمر: " «لَا خَيْرَ لَكَ فِي قَتْلِهِ» ". . . الْحَدِيثَ، هَذَا كَلَامُ النووي.

(تَنْبِيهٌ) : ذَهَبَ بَعْضُ عُلَمَاءِ الْعَصْرِ إِلَى الْحِنْثِ فِي الْجَهْلِ دُونَ النِّسْيَانِ، فَقُلْتُ لَهُ: لَا يَصِحُّ هَذَا؛ لِأَنَّ الْجَاهِلَ أَوْلَى بِالْعُذْرِ مِنَ النَّاسِي؛ إِذْ مَنْ عَلِمَ ثُمَّ نَسِيَ يُنْسَبُ إِلَى تَقْصِيرٍ، صَرَّحَ بِذَلِكَ الْفُقَهَاءُ فِي مَوَاضِعَ، مِنْهَا: مَنْ صَلَّى مَعَ نَجَاسَةٍ جَهِلَهَا هَلْ تَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ؟ قَوْلَانِ، أَصَحُّهُمَا: نَعَمْ، فَإِنْ عَلِمَهَا وَنَسِيَهَا، فَطَرِيقَانِ، أَصَحُّهُمَا الْقَطْعُ بِالْإِعَادَةِ؛ لِأَنَّهُ مَنْسُوبٌ

اسم الکتاب : الحاوي للفتاوي المؤلف : السيوطي، جلال الدين    الجزء : 1  صفحة : 244
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست