responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الحاوي للفتاوي المؤلف : السيوطي، جلال الدين    الجزء : 1  صفحة : 243
بَيْنَهُمَا أَنَّهُ بَنَى يَمِينَهُ فِي النَّفْيِ عَلَى أَصْلٍ، وَلَمْ يَبْنِ يَمِينَهُ فِي الْإِثْبَاتِ عَلَى شَيْءٍ، قَالَ: وَيَدُلُّ لِذَلِكَ أُمُورٌ، مِنْهَا كَلَامُهُمْ فِي مَسْأَلَةِ الْغُرَابِ، وَمِنْهَا مَا فِي الرَّوْضَةِ: لَوْ أَشَارَ إِلَى ذَهَبٍ وَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ الَّذِي أَخَذَهُ مِنْ فُلَانٍ، وَشَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُ لَيْسَ ذَلِكَ الذَّهَبَ، طَلُقَتْ عَلَى الصَّحِيحِ، وَإِنْ كَانَتْ شَهَادَةً عَلَى النَّفْيِ؛ لِأَنَّهُ نَفْيٌ يُحِيطُ الْعِلْمُ بِهِ؛ أَيْ مَحْصُورٌ، قَالَ: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى الْفَرْقِ بِالنِّسْيَانِ فِي الْمَاضِي بَيْنَ النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ. انْتَهَى.
فَانْظُرْ كَيْفَ بَالَغَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَجَزَمَ بِالْحِنْثِ فِي قِسْمِ الْإِثْبَاتِ مِنْ غَيْرِ إِجْرَاءِ خِلَافٍ؟ وَهُوَ صَرِيحٌ مِنْهُ فِي أَنَّ مَسْأَلَةَ الذَّهَبِ الْمَذْكُورَةَ لَيْسَتْ مَفْرُوضَةً فِي الْعِلْمِ.

(تَنْبِيهٌ) مِمَّنْ جَزَمَ بِمَقَالَةِ ابن الصلاح وابن رزين مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ ابن الملقن فِي شَرْحِهِ الْكَبِيرِ، والكمال الدميري، ثُمَّ حَكَى عَنِ الْإِسْنَوِيِّ تَصْحِيحَ عَدَمِ الْحِنْثِ، وَمَنْ نَقَلَ عَنِ الدميري وَالْأَذْرَعِيِّ أَنَّهُمَا قَالَا بِعَدَمِ الْحِنْثِ، فَقَدْ غَلِطَ عَلَيْهِمَا كَمَا يَعْرِفُ ذَلِكَ مَنْ رَاجَعَ شَرْحَيْهِمَا وَلَهُ أَدْنَى فَهْمٌ.
(تَنْبِيهٌ) أَصْلُ مَسْأَلَةِ الْجَهْلِ وَالنِّسْيَانِ الَّتِي تَخْتَصُّ بِالِاسْتِقْبَالِ مُضْطَرَبٌ فِيهِ غَايَةَ الِاضْطِرَابِ؛ تَوَقَّفَ فِيهَا الْأَئِمَّةُ الْجُلَّةُ، حَتَّى قَالَ الصيمري: مَا أَفْتَيْتُ فِي يَمِينِ النَّاسِي قَطُّ، وَكَذَا قَالَ أبو الفياض، وَالْمَاوَرْدِيُّ قَالَ: لِأَنَّ اسْتِعْمَالَ التَّوَقِّي أَحْوَطُ مِنْ فُرُطَاتِ الْأَقْلَامِ، وَمِمَّنْ تَوَقَّفَ فِي التَّرْجِيحِ فِيهَا الرافعي فِي الشَّرْحِ فَإِنَّهُ أَرْسَلَ الْقَوْلَيْنِ وَلَمْ يُرَجِّحْ وَاحِدًا مِنْهُمَا، وَذَكَرَ النووي مِنْ زَوَائِدِهِ أَنَّ الرَّاجِحَ عَدَمُ الْحِنْثِ، وَصَوَّرَ فِي فَتَاوِيهِ الْمَسْأَلَةَ بِالِاسْتِقْبَالِ كَمَا تَقَدَّمَ، فَحِينَئِذٍ أَصْلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الْمَبْنِيِّ عَلَيْهَا مُضْطَرَبٌ فِيهِ يُتَوَقَّفُ فِيهِ، لَا تَرْجِيحَ فِيهِ للرافعي فِي الشَّرْحِ، وَإِنْ رَجَّحَ فِي الْمُحَرَّرِ، وَتَرْجِيحُ النووي فِيهِ مُقَيَّدٌ بِهِ كَمَا أَفْصَحَ بِهِ هُوَ فِي فَتَاوِيهِ، فَلَا يَتَعَدَّاهُ إِلَى غَيْرِهِ مَعَ تَصْرِيحِهِ هُوَ والرافعي فِي عِدَّةِ مَسَائِلَ بِمَا يَقْتَضِي الْفَرْقَ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ، وَمَعَ تَصْرِيحِ خَلَائِقَ مِنْ أَئِمَّةِ الْمَذْهَبِ - مِنْهُمْ مَنْ هُوَ فِي مَرْتَبَةِ التَّرْجِيحِ - بِالْفَرْقِ أَيْضًا، ثُمَّ رَأَيْتُ فِي الْخَادِمِ مَا نَصُّهُ: تَوَقَّفَ الرافعي فِي التَّرْجِيحِ فِي مَسْأَلَةِ النَّاسِي وَكَذَلِكَ الْمَوْجُودُ فِي غَالِبِ كُتُبِ الْأَصْحَابِ إِرْسَالُ الْقَوْلَيْنِ بِلَا تَرْجِيحٍ، وَتَوَقَّفَ فِي الْإِفْتَاءِ فِيهَا القاضي أبو حامد وأبو الفياض البصري وَأَبُو الْقَاسِمِ الصَّيْمَرِيُّ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَكَذَلِكَ ابن الرفعة فِي آخِرِ عُمْرِهِ، وَرَجَّحَتْ طَائِفَةٌ الْحِنْثَ، مِنْهُمْ أَبُو بَكْرٍ الصَّيْرَفِيُّ فِي كِتَابِ الدَّلَائِلِ وَالْأَعْلَامِ، وَاخْتَارَهُ ابن عبد السلام فِي الْقَوَاعِدِ، وَبِهِ قَالَ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ لَمْ يَغْلِبْ فِي عُرْفِ الِاسْتِعْمَالِ عَلَى حَالِ الذِّكْرِ، وَقَالَ

اسم الکتاب : الحاوي للفتاوي المؤلف : السيوطي، جلال الدين    الجزء : 1  صفحة : 243
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست