responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الحاوي للفتاوي المؤلف : السيوطي، جلال الدين    الجزء : 1  صفحة : 222
يُمَدُّ لَهُمْ سِمَاطٌ يَأْكُلُونَهُ وَيَنْصَرِفُونَ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ عَلَى ذَلِكَ - هُوَ مِنَ الْبِدَعِ الْحَسَنَةِ الَّتِي يُثَابُ عَلَيْهَا صَاحِبُهَا لِمَا فِيهِ مِنْ تَعْظِيمِ قَدْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِظْهَارِ الْفَرَحِ وَالِاسْتِبْشَارِ بِمَوْلِدِهِ الشَّرِيفِ، وَأَوَّلُ مَنْ أَحْدَثَ فِعْلَ ذَلِكَ صَاحِبُ إِرْبِلَ الْمَلِكُ الْمُظَفَّرُ أَبُو سَعِيدٍ كُوكْبُرِي بْنُ زَيْنِ الدِّينِ عَلِيِّ بْنِ بَكْتَكِينَ، أَحَدُ الْمُلُوكِ الْأَمْجَادِ وَالْكُبَرَاءِ الْأَجْوَادِ، وَكَانَ لَهُ آثَارٌ حَسَنَةٌ، وَهُوَ الَّذِي عَمَّرَ الْجَامِعَ الْمُظَفَّرِيَّ بِسَفْحِ قَاسِيُونَ، قَالَ ابن كثير فِي تَارِيخِهِ: كَانَ يَعْمَلُ الْمَوْلِدَ الشَّرِيفَ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ وَيَحْتَفِلُ بِهِ احْتِفَالًا هَائِلًا، وَكَانَ شَهْمًا شُجَاعًا بَطَلًا عَاقِلًا عَالِمًا عَادِلًا، رَحِمَهُ اللَّهُ وَأَكْرَمَ مَثْوَاهُ، قَالَ: وَقَدْ صَنَّفَ لَهُ الشَّيْخُ أَبُو الْخَطَّابِ ابْنُ دِحْيَةَ مُجَلَّدًا فِي الْمَوْلِدِ النَّبَوِيِّ سَمَّاهُ (التَّنْوِيرُ فِي مَوْلِدِ الْبَشِيرِ النَّذِيرِ) ، فَأَجَازَهُ عَلَى ذَلِكَ بِأَلْفِ دِينَارٍ، وَقَدْ طَالَتْ مُدَّتُهُ فِي الْمُلْكِ إِلَى أَنْ مَاتَ وَهُوَ مُحَاصِرٌ لِلْفِرِنْجِ بِمَدِينَةِ عَكَّا سَنَةَ ثَلَاثِينَ وَسِتِّمِائَةٍ، مَحْمُودُ السِّيرَةِ وَالسَّرِيرَةِ.
وَقَالَ سبط ابن الجوزي فِي مِرْآةِ الزَّمَانِ: حَكَى بَعْضُ مَنْ حَضَرَ سِمَاطَ المظفر فِي بَعْضِ الْمَوَالِدِ أَنَّهُ عَدَّ فِي ذَلِكَ السِّمَاطِ خَمْسَةَ آلَافِ رَأْسِ غَنَمٍ شَوِيٍّ وَعَشَرَةَ آلَافِ دَجَاجَةٍ وَمِائَةَ فَرَسٍ وَمِائَةَ أَلْفِ زُبْدِيَّةٍ وَثَلَاثِينَ أَلْفَ صَحْنِ حَلْوَى، قَالَ: وَكَانَ يَنْحَصِرُ عِنْدَهُ فِي الْمَوْلِدِ أَعْيَانُ الْعُلَمَاءِ وَالصُّوفِيَّةِ، فَيَخْلَعُ عَلَيْهِمْ وَيُطْلِقُ لَهُمْ، وَيَعْمَلُ لِلصُّوفِيَّةِ سَمَاعًا مِنَ الظُّهْرِ إِلَى الْفَجْرِ، وَيَرْقُصُ بِنَفْسِهِ مَعَهُمْ، وَكَانَ يَصْرِفُ عَلَى الْمَوْلِدِ فِي كُلِّ سَنَةٍ ثَلَاثَمِائَةِ أَلْفِ دِينَارٍ، وَكَانَتْ لَهُ دَارُ ضِيَافَةٍ لِلْوَافِدِينَ مِنْ أَيِّ جِهَةٍ عَلَى أَيِّ صِفَةٍ، فَكَانَ يَصْرِفُ عَلَى هَذِهِ الدَّارِ فِي كُلِّ سَنَةٍ مِائَةَ أَلْفِ دِينَارٍ، وَكَانَ يَسْتَفِكُّ مِنَ الْفِرِنْجِ فِي كُلِّ سَنَةٍ أُسَارَى بِمِائَتَيْ أَلْفِ دِينَارٍ، وَكَانَ يَصْرِفُ عَلَى الْحَرَمَيْنِ وَالْمِيَاهِ بِدَرْبِ الْحِجَازِ فِي كُلِّ سَنَةٍ ثَلَاثِينَ أَلْفَ دِينَارٍ، هَذَا كُلُّهُ سِوَى صَدَقَاتِ السِّرِّ، وَحَكَتْ زَوْجَتُهُ ربيعة خاتون بنت أيوب أُخْتُ الْمَلِكِ الناصر صلاح الدين أَنَّ قَمِيصَهُ كَانَ مِنْ كِرْبَاسٍ غَلِيظٍ لَا يُسَاوِي خَمْسَةَ دَرَاهِمَ، قَالَتْ: فَعَاتَبْتُهُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: لُبْسِي ثَوْبًا بِخَمْسَةٍ وَأَتَصَدَّقُ بِالْبَاقِي خَيْرٌ مِنْ أَنْ أَلْبَسَ ثَوْبًا مُثَمَّنًا وَأَدَعَ الْفَقِيرَ وَالْمِسْكِينَ.
وَقَالَ ابن خلكان فِي تَرْجَمَةِ الْحَافِظِ أَبِي الْخَطَّابِ بْنِ دِحْيَةَ: كَانَ مِنْ أَعْيَانِ الْعُلَمَاءِ وَمَشَاهِيرِ الْفُضَلَاءِ، قَدِمَ مِنَ الْمَغْرِبِ، فَدَخَلَ الشَّامَ وَالْعِرَاقِ وَاجْتَازَ بِإِرْبِلَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّمِائَةٍ، فَوَجَدَ مَلِكَهَا الْمُعَظَّمَ مظفر الدين بن زين الدين يَعْتَنِي بِالْمَوْلِدِ النَّبَوِيِّ، فَعَمِلَ لَهُ كِتَابَ التَّنْوِيرِ فِي مَوْلِدِ الْبَشِيرِ النَّذِيرِ، وَقَرَأَهُ عَلَيْهِ بِنَفْسِهِ، فَأَجَازَهُ بِأَلْفِ دِينَارٍ، قَالَ: وَقَدْ سَمِعْنَاهُ عَلَى السُّلْطَانِ فِي سِتَّةِ مَجَالِسَ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ وَسِتِّمِائَةٍ. انْتَهَى.

اسم الکتاب : الحاوي للفتاوي المؤلف : السيوطي، جلال الدين    الجزء : 1  صفحة : 222
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست