responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : معين الحكام فيما يتردد بين الخصمين من الأحكام المؤلف : الطرابلسي، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 175
بَعْضِ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ قَالَ: أَرَى لِفَسَادِ الزَّمَانِ أَنْ يُحَلِّفَ الْحَاكِمُ الشُّهُودَ، وَأَمَّا كَوْنُهُ يَسْتَدْعِي الشُّهُودَ وَيَسْأَلُهُمْ عَمَّا عِنْدَهُمْ فَعِنْدَنَا أَنَّ لِلْقَاضِي أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ فِي مَوَاطِنَ إذَا اسْتَرَابَ وَيُفَرِّقُ بَيْنَهُمْ أَيْضًا.
(فَصْلٌ) :
وَقَالَ الْقَرَافِيُّ أَيْضًا فِي الذَّخِيرَةِ مِمَّا نَقَلَهُ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ نَظَرِ الْقَاضِي وَنَظَرِ وَالِي الْجَرَائِمِ قَالَ: وَيَمْتَازُ وَالِي الْجَرَائِمِ عَنْ الْقُضَاةِ بِتِسْعَةِ أَوْجُهٍ.
الْأَوَّلُ: سَمَاعُ قَذْفِ الْمَتْهُومِينَ مِنْ أَعْوَانِ الْإِمَارَةِ مِنْ غَيْرِ تَحْقِيقِ الدَّعْوَى الْمُعْتَبَرَةِ. وَيَرْجِعُ إلَى قَوْلِهِمْ هَلْ هُوَ مِنْ أَهْلِ هَذِهِ التُّهْمَةِ أَمْ لَا، فَإِنْ نَزَّهُوهُ أَطْلَقَهُ، أَوْ قَذَفُوهُ بَالَغَ فِي الْكَشْفِ بِخِلَافِ الْقُضَاةِ.
الثَّانِي: أَنَّهُ يُرَاعِي شَوَاهِدَ الْحَالِ وَأَوْصَافَ الْمَتْهُومِ فِي قُوَّةِ التُّهْمَةِ وَضَعْفِهَا بِأَنْ يَكُونَ الْمُتَّهَمُ بِالزِّنَا مُتَّصِفًا بِالنِّسَاءِ فَتَقْوَى التُّهْمَةُ، أَوْ مُتَّهَمًا بِالسَّرِقَةِ وَفِيهِ آثَارُ ضَرْبٍ مَعَ قُوَّةِ بَدَنٍ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الدَّعَارَةِ فَتَقْوَى التُّهْمَةُ، أَوْ لَا يَكُونُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَتَخْفَى، وَلَيْسَ ذَلِكَ لِلْقُضَاةِ.
الثَّالِثُ تَعْجِيلُ حَبْسِ الْمَتْهُومِ لِلِاسْتِبْرَاءِ وَالْكَشْفِ وَمُدَّتُهُ شَهْرٌ أَوْ بِحَسَبِ مَا يَرَاهُ بِخِلَافِ الْقُضَاةِ.
الرَّابِعُ: يَجُوزُ لَهُ مَعَ قُوَّةِ التُّهْمَةِ ضَرْبُ الْمَتْهُومِ ضَرْبَ تَقْرِيرٍ لَا ضَرْبَ حَدٍّ لِيَصْدُقَ، فَإِنْ أَقَرَّ، وَهُوَ مَضْرُوبٌ اُعْتُبِرَتْ حَالُهُ، وَإِنْ ضُرِبَ لِيُقِرَّ لَمْ يُعْتَبَرْ إقْرَارُهُ تَحْتَ الضَّرْبِ، وَلَوْ صَدَقَ عَنْ حَالِهِ قَطَعَ ضَرْبَهُ وَاسْتَعَادَ إقْرَارَهُ، فَإِنْ أَقَرَّ بِخِلَافِ الْإِقْرَارِ الْأَوَّلِ أَخَذَهُ بِالثَّانِي، وَيَجُوزُ الْعَمَلُ بِالْإِقْرَارِ الْأَوَّلِ مَعَ كَرَاهَتِهِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ لِلْقُضَاةِ.
الْخَامِسُ: أَنَّ لَهُ فِيمَنْ تَكَرَّرَتْ مِنْهُ الْجَرَائِمُ وَلَمْ يَنْزَجِرْ بِالْحُدُودِ اسْتَدَامُوا حَبْسَهُ إذَا أَضَرَّ النَّاسَ بِجَرَائِمِهِ حَتَّى يَمُوتَ، وَيُقَوِّتُهُ وَيَكْسُوهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، بِخِلَافِ الْقُضَاةِ.
السَّادِسُ: أَنَّ لَهُ إحْلَافَ الْمَتْهُومِ لِاخْتِبَارِ حَالِهِ.
وَيُغْلِظُ عَلَيْهِ الْكَشْفَ وَيُحَلِّفُهُ بِالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَالصَّدَقَةِ كَأَيْمَانِ بَيْعَةِ السُّلْطَانِ، وَلَا يُحَلِّفُ الْقَاضِي أَحَدًا فِي غَيْرِ حَقٍّ، وَلَا يُحَلِّفُ إلَّا بِاَللَّهِ.
السَّابِعُ: أَخْذُ الْمُجْرِمِ بِالتَّوْبَةِ قَهْرًا، وَيُظْهَرُ لَهُ مِنْ الْوَعِيدِ مَا يَقُودُهُ إلَيْهَا طَوْعًا، وَبِتَوَعُّدِهِ بِالْقَتْلِ فِيمَا لَا يَجِبُ فِيهِ الْقَتْلُ؛ لِأَنَّهُ إرْهَابٌ لَا تَحْقِيقٌ.
وَيَجُوزُ أَنْ يُحَقِّقَ وَعِيدَهُ بِالْأَدَبِ دُونَ الْقَتْلِ، بِخِلَافِ الْقُضَاةِ.
الثَّامِنُ: لَهُ سَمَاعُ شَهَادَةِ أَهْلِ الْمُتَّهَمِينَ إذَا كَثُرَ عَدَدُهُمْ مِمَّنْ لَا يَسْمَعُهُمْ الْقَاضِي.
التَّاسِعُ: أَنَّ لَهُ النَّظَرَ فِي الْمُوَاثَبَاتِ وَإِنْ لَمْ تُوجِبْ غُرْمًا لِأَحَدٍ، ثُمَّ إنْ لَمْ يَكُنْ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا أَثَرٌ سَمِعَ قَوْلَ السَّابِقِ بِالدَّعْوَى، وَإِنْ كَانَ بِأَحَدِهِمَا أَثَرٌ فَقِيلَ: يَبْدَأُ بِسَمَاعِ دَعْوَى ذِي الْأَثَرِ.
وَقَالَ الْأَكْثَرُونَ: يَبْدَأُ بِسَمَاعِ السَّابِقِ وَالْمُبْتَدِي بِالْمُوَاثَبَةِ أَعْظَمُ جُرْمًا وَتَأْدِيبًا.
وَيَخْتَلِفُ تَأْدِيبُهُمَا بِاخْتِلَافِهِمَا فِي الْجُرْمِ وَبِاخْتِلَافِهِمَا فِي الْهَيْبَةِ وَالتَّصَاوُنِ، وَإِنْ رَأَى الْمَصْلَحَةَ فِي قَمْعِ السَّفَلَةِ بِإِشْهَارِهِمْ بِجَرَائِمِهِمْ فَعَلَ فَهَذِهِ الْوُجُوهُ التِّسْعَةُ فِي مُجَرَّدِ الِاتِّهَامِ بِالْجَرَائِمِ، وَيَظْهَرُ بِهَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْأُمَرَاءِ وَالْقُضَاةِ قَبْلَ ثُبُوتِ الْجَرَائِمِ، فَأَمَّا بَعْدَ ثُبُوتِهَا بِالْإِقْرَارِ وَبِالْبَيِّنَةِ فَيَسْتَوِي فِي إقَامَةِ حُدُودِهَا الْأُمَرَاءُ وَالْقُضَاةُ انْتَهَى.
وَاعْلَمْ أَنَّ لِلْقُضَاةِ تَعَاطِيَ كَثِيرٍ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ، أَمَّا كَوْنُهُ يَسْمَعُ قَذْفَ الْمَتْهُومِ مِنْ أَعْوَانِ الْإِمَارَةِ فَقَدْ اسْتَحَبُّوا لِلْقَاضِي أَنْ يَتَّخِذَ كَاشِفًا قَدْ ارْتَضَاهُ يَكْشِفُ لَهُ عَنْ أَحْوَالِ الشُّهُودِ فِي السِّرِّ وَيَقْبَلُ مِنْهُ مَا نَقَلَ إلَيْهِ.
وَقَالُوا: يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَسْتَبْطِنَ أَهْلَ الدِّينِ وَالْأَمَانَةِ وَالْعَدَالَةِ فَيَسْتَعِينُ بِهِمْ عَلَى مَا هُوَ بِسَبِيلِهِ وَيَقْوَى بِهِمْ عَلَى التَّوَصُّلِ إلَى مَا يَنْوِيهِ.
وَقَدْ أَجَازُوا التَّجْرِيحَ بِوَاحِدٍ عَدْلٍ إذَا كَانَ بِمَنْزِلَةِ الْقَاضِي.
وَأَجَازُوا التَّجْرِيحَ فِي السِّرِّ وَيَقْبَلُ الْقَاضِي ذَلِكَ مِنْ الْعَدْلِ الْوَاحِدِ اُنْظُرْ الْمُحِيطَ.
وَهُوَ نَحْوُهُ فِي أَعْوَانِ الْإِمَارَةِ.
وَأَمَّا كَوْنُهُ يُرَاعِي شَوَاهِدَ الْحَالِ فَيَجُوزُ لِلْقَاضِي مُرَاعَاةُ شَوَاهِدِ الْأَحْوَالِ، وَقَدْ ذَكَرْتُهُ فِي بَابِ الْحُكْمِ بِالْقَرَائِنِ وَالدَّلَائِلِ.
وَأَمَّا تَعْجِيلُ حَبْسِ الْمَتْهُومِ لِلِاسْتِبْرَاءِ وَالْكَشْفِ قَالَ بَعْضُهُمْ: مَنْ أَتَى الْقَاضِيَ مُتَعَلِّقًا بِرَجُلٍ يَرْمِيهِ بِدَمِ وَلِيِّهِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ إذَا جَاءَهُ مَثَلٌ فَإِنَّ الْمُدَّعِيَ يَحْتَاجُ إلَى أَنْ يُثْبِتَ أَنَّهُ وَلِيُّ الدَّمِ، فَإِذَا أَثْبَتَ لَهُ تَعَدُّدَهُ مِنْ الْمُدَّعِي دَمَهُ كَشَفَ هَلْ لَهُ بَيِّنَةٌ عَلَى دَعْوَاهُ فَإِنْ ادَّعَى ثُبُوتَ ذَلِكَ مَنْ يَوْمِهِ أَوْ مِنْ الْغَدِ يَحْبِسُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَقَدْ «حَبَسَ

اسم الکتاب : معين الحكام فيما يتردد بين الخصمين من الأحكام المؤلف : الطرابلسي، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 175
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست