responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : معين الحكام فيما يتردد بين الخصمين من الأحكام المؤلف : الطرابلسي، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 130
(تَنْبِيهٌ) :
قَالَ الْقَرَافِيُّ فِي الْكِتَابِ الْمَذْكُورِ: وَيَنْبَغِي لِلْمُفْتِي إذَا وَرَدَ عَلَيْهِ مُسْتَفْتٍ لَا يَعْلَمُ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ الَّذِي فِيهِ الْمُفْتِي فَلَا يُفْتِيهِ بِمَا عَادَتُهُ يُفْتِي بِهِ حَتَّى يَسْأَلَهُ عَنْ بَلَدِهِ، وَهَلْ حَدَثَ لَهُ عُرْفٌ فِي ذَلِكَ الْبَلَدِ فِي ذَلِكَ اللَّفْظِ اللُّغَوِيِّ أَمْ لَا؟ وَإِنْ كَانَ اللَّفْظُ عُرْفِيًّا، فَهَلْ عُرْفُ ذَلِكَ الْبَلَدِ مُوَافِقٌ لِهَذَا الْبَلَدِ فِي عُرْفِهِ أَمْ لَا؟ وَهَذَا أَمْرٌ مُتَيَقَّنٌ وَاجِبٌ لَا يَخْتَلِفُ فِيهِ الْعُلَمَاءُ، وَأَنَّ الْعَادَتَيْنِ مَتَى كَانَتَا فِي بَلَدَيْنِ لَيْسَتَا سَوَاءً، فَإِنَّ حُكْمَيْهِمَا لَيْسَا سَوَاءً، إنَّمَا اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْعُرْفِ وَاللُّغَةِ، هَلْ يُقَدَّمُ الْعُرْفُ عَلَى اللُّغَةِ أَمْ لَا؟ فِيهِ خِلَافٌ بَيْنَهُمْ.
(تَنْبِيهٌ) :
وَنَقَلْتُ مِنْ الرِّحْلَةِ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ رَشِيدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِيمَنْ حَلَفَ بِالْأَيْمَانِ اللَّازِمَةِ وَحَنِثَ، هَلْ يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ أَوْ وَاحِدَةٌ؟ ثُمَّ قَالَ: وَالْمُعْتَبَرُ فِي ذَلِكَ عُرْفُ الْحَالِفِ لَا عُرْفُ الْمُفْتِي، فَلَوْ دَخَلَ الْمُفْتِي بَلَدًا لَا يَكُونُ عُرْفُهُمْ فِيهِ أَنَّهُ يُرَادُ بِهِ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يُفْتِيَ فِيهِ بِذَلِكَ، وَلَا يَحِلُّ لِلْمُفْتِي أَنْ يُفْتِيَ بِمَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْعُرْفِ إلَّا بَعْدَ مَعْرِفَةِ الْعُرْفِ لِغَيْرِ الْجَوَابِ، وَهَذَا مِنْ الْأَمْرِ الْمُهِمِّ مَعْرِفَتُهُ انْتَهَى. وَهَذَا يُعَضِّدُ كَلَامَ الْقَرَافِيُّ.

[الْبَابُ التَّاسِعُ وَالْعِشْرُونَ فِي الْقَضَاءِ بِقَوْلِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ]
فِي الْقَضَاءِ بِقَوْلِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ. يَجِبُ الرُّجُوعُ إلَى قَوْلِ أَهْلِ الْبَصَرِ وَالْمَعْرِفَةِ مِنْ النَّخَّاسِينَ فِي مَعْرِفَةِ عُيُوبِ الرَّقِيقِ مِنْ الْإِمَاءِ وَالْعَبِيدِ وَسَائِرِ الْحَيَوَانَاتِ.

(فَرْعٌ) :
هَلْ يَحْكُمُ بِقَوْلِ النِّسَاءِ فِيمَا يَشْهَدْنَ فِيهِ مِنْ عُيُوبِ الْإِمَاءِ أَنَّهُ قَدِيمٌ قَبْلَ تَارِيخِ التَّبَايُعِ أَمْ لَا يَسْمَعُ مِنْهُنَّ فِي ذَلِكَ وَيَشْهَدُ فِي ذَلِكَ الْحُكَمَاءُ أَوْ النَّخَّاسُونَ؟ قَالَ بَعْضُهُمْ: إنْ كُنَّ طَبِيبَاتٍ يَسْمَعُ مِنْهُنَّ، وَإِلَّا فَلَا يَشْهَدْنَ بِهِ إلَّا الْحُكَمَاءُ، وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ.
(تَنْبِيهٌ) :
وَطَرِيقُ الْحُكْمِ فِي ذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ فِي رَجُلٍ ابْتَاعَ جَارِيَةً مِنْ رَجُلٍ ثُمَّ قَامَ الْمُشْتَرِي يُرِيدُ رَدَّ الْجَارِيَةِ وَذَكَرَ أَنَّ بِهَا آثَارًا يَجِبُ بِهَا رَدُّهَا، لَمْ يَكُنْ بَيَّنَهَا الْبَائِعُ.
وَقَالَ الْبَائِعُ: لَمْ أَعْلَمْ بِهَا عَيْبًا، فَشَهِدَ عِنْدَ الْقَاضِي طَبِيبَانِ أَنَّ الْآثَارَ الَّتِي بِسَاقَيْهَا مِنْ مُرَّةٍ سَوْدَاءَ دَلَّتْ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ مِنْ قُرُوحٍ عَظِيمَةٍ قَدِيمَةٍ كَانَتْ مُنْذُ سَنَةٍ أَوْ نَحْوِهَا وَأَنَّهُ عَيْبٌ يَجِبُ بِهِ الرَّدُّ فِي عَمَلِهِمَا، وَشَاوَرَ الْحَاكِمُ فِي ذَلِكَ بَعْضَ الْمُفْتِينَ فَلَمْ يَعْتَرِضْ شَهَادَةَ الشُّهُودِ، وَفِي ذَلِكَ مُغْمَرٌ يَجِبُ التَّنْبِيهُ لَهُ؛ لِأَنَّ فِي قَوْلِهِ عَنْ الطَّبِيبَيْنِ أَنَّهُمَا شَهِدَا فِي الشِّقَاقِ أَنَّهُ مُرَّةٌ سَوْدَاءُ كَانَتْ مُنْذُ سَنَةٍ وَأَنَّهُ عَيْبٌ يَجِبُ الرَّدُّ بِهِ فِي عَمَلِهِمَا فَصَارَا هُمَا الْمُفْتِيَانِ بِالرَّدِّ وَهُوَ خَطَأٌ مِنْ الْعَمَلِ، إنَّمَا عَلَيْهِمَا أَنْ يَشْهَدَا بِأَنَّهُ مِنْ دَاءٍ قَدِيمٍ بِهَا قَبْلَ أَمَدِ التَّبَايُعِ
، ثُمَّ يَشْهَدَ أَهْلُ الْبَصَرِ مِنْ تُجَّارِ الرَّقِيقِ وَنَخَّاسِيهِمْ بِأَنَّهُ عَيْبٌ يَحُطُّ مِنْ ثَمَنِهَا كَثِيرًا، ثُمَّ يُفْتِي الْفَقِيهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِجَوَابِ الرَّدِّ، وَهَذَا أَبْيَنُ مِنْ أَنْ يَحْتَاجَ فِيهِ إلَى هَذَا التَّطْوِيلِ.
لَكِنِّي رَأَيْتُ هَذَا الْمَعْنَى قَدْ كَثُرَ عِنْدَ الْحُكَّامِ لَا يُنْكِرُونَهُ، بَلْ قَدْ بَلَغَنِي عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ قَالَ: لَمْ تَزَلْ الشَّهَادَةُ تُؤَدَّى فِي هَذَا الْمَعْنَى هَكَذَا وَالشُّيُوخُ مُتَوَافِرُونَ وَلَا يُنْكِرُونَهُ.
وَقَدْ رَأَيْتُ جَوَابَ جَاهِلٍ لِلِاعْتِنَاءِ بِالْفُتْيَا، وَقَدْ أَفْتَى فِي قَنَاةٍ ظَهَرَتْ فِي دَارٍ مَبِيعَةٍ بِالْقُرْبِ مِنْ بِئْرِهَا فَقَالَ: يُقَالُ لِلشُّهُودِ: هَلْ يَجِبُ بِذَلِكَ الرَّدُّ؟ فَإِنْ قَالُوا: يَجِبُ. رُدَّتْ، فَلَيْتَ شِعْرِي مَا الَّذِي اسْتَفْتَى هُوَ فِيهِ إذَا كَانَ الشُّهُودُ يُسْأَلُونَ هَلْ يَجِبُ الرَّدُّ أَمْ لَا؟ وَهَذَا نِهَايَةٌ فِي الْغَبَاوَةِ، وَإِذَا فَشَتْ الْجَهَالَةُ فِي النَّاسِ ظُنَّتْ حَقًّا وَحُسِبَتْ سُنَّةً.
وَوَقَعَ لِبَعْضِهِمْ أَيْضًا فِي رَجُلٍ قَامَ عِنْدَ الْقَاضِي عَلَى قَوْمٍ مِنْ النَّخَّاسِينَ فِي خَادِمٍ بَاعُوهَا مِنْهُ وَظَهَرَتْ بِهَا عُيُوبٌ، قَالَ الْقَاضِي: فَأَمَرْتُ مَنْ وَثِقْتُ بِهَا مِنْ النِّسَاءِ النَّظَرَ إلَيْهَا فِي تِلْكَ الْعُيُوبِ، فَاسْتَبَانَ بِشَهَادَةِ الْمَرْأَةِ أَنَّ الْعَيْبَ قَدِيمٌ بِمِثْلِهِ تُرَدُّ فَرُدَّتْ عَلَى النَّخَّاسِينَ.
قَالَ ابْنُ سَهْلٍ: فَقَوْلُ الْقَاضِي

اسم الکتاب : معين الحكام فيما يتردد بين الخصمين من الأحكام المؤلف : الطرابلسي، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 130
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست