responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : معين الحكام فيما يتردد بين الخصمين من الأحكام المؤلف : الطرابلسي، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 129
قَوْلُ الْمُقَرِّ لَهُ: عِنْدِي وَمَعِي، فَهَذَا اللَّفْظُ يُسْتَعْمَلُ فِي الْأَمَانَاتِ؛ لِأَنَّ كَلِمَةَ " عِنْدَ " تُسْتَعْمَلُ لِلْمُقَرِّ بِهِ وَ " مَعَ " لِلْمُقَارَنَةِ، وَالْمُقَارَنَةُ هِيَ الْمُقَارَبَةُ، وَالدَّيْنُ لَا يَكُونُ قَرِيبًا مِنْ إنْسَانٍ حَقِيقَةً، الْوَدِيعَةُ تَكُونُ قَرِيبَةً مِنْهُ؛ وَلِأَنَّ هَذِهِ الْكَلِمَةَ فِي الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ تُسْتَعْمَلُ فِي الْأَمَانَاتِ لَا فِي الْإِيجَابَاتِ، وَمُطْلَقُ الْكَلَامِ يُحْمَلُ عَلَى الْمُتَعَارَفِ.

(مَسْأَلَةٌ) :
إذَا كَانَ الْخُصُّ بَيْنَ الدَّارَيْنِ فَادَّعَاهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَالْقِمْطُ إلَى أَحَدِهِمَا، فَهُوَ لِمَنْ إلَيْهِ الْقِمْطُ فِي قَوْلِهِمَا خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ لِأَنَّ عِنْدَهُمَا تَرَجَّحَ بِذَلِكَ اعْتِبَارُ الْعَادَةِ وَهُوَ أَنَّ الْإِنْسَانَ يَجْعَلُ وَجْهَ الْبِنَاءِ إلَى صَاحِبِ الْعُلُوِّ، وَكَذَلِكَ الطَّاقَاتُ فَتُرَجَّحُ بِهِ.

(مَسْأَلَةٌ) :
وَإِذَا اخْتَلَفَ الزَّوْجَانِ فِي مَتَاعِ الْبَيْتِ فَمَا يُعْرَفُ لِلرِّجَالِ فَهُوَ لِلرِّجَالِ، وَمَا يُعْرَفُ لِلنِّسَاءِ فَهُوَ لِلنِّسَاءِ. وَمَا يَصْلُحُ لَهُمَا فَهُوَ لِلرِّجَالِ.

(مَسْأَلَةٌ) :
رَجُلٌ بَعَثَ إلَى امْرَأَةٍ شَيْئًا أَوْ اشْتَرَى لَهَا أَمْتِعَةً بَعْدَ مَا بَنَى بِهَا، فَقَالَ الزَّوْجُ: هُوَ مِنْ الْمَهْرِ. وَقَالَتْ: هُوَ هَدِيَّةٌ. ذَكَرَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الزَّوْجِ، إلَّا فِيمَا يُؤْكَلُ فَالْقَوْلُ لَهَا؛ لِأَنَّ فِي غَيْرِ الْمَأْكُولِ يَشْهَدُ لَهُ الظَّاهِرُ بِكَذِبِهِ وَالْعُرْفُ الْجَارِي بِخِلَافِهِ.
قَاعِدَةٌ: كُلُّ مَنْ لَهُ عُرْفٌ يُحْمَلُ كَلَامُهُ عَلَى عُرْفِهِ كَقَوْلِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مَنْ حَلَفَ فَاسْتَثْنَى عَادَ كَمَنْ لَمْ يَحْلِفْ» يُحْمَلُ عَلَى الْحَلِفِ الشَّرْعِيِّ.

(فَرْعٌ) :
لَوْ قَالَ: أَيْمَانُ الْبَيْعَةِ تَلْزَمُنِي. فَإِنَّهَا تَتَخَرَّجُ عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ فِي الْحَلِفِ عِنْدَ الْمُلُوكِ الْمُعَاصِرَةِ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ، فَأَيُّ شَيْءٍ جَرَتْ بِهِ عَادَةُ مَلِكِ الْوَقْتِ فِي التَّحْلِيفِ بِهِ فِي بَيْعَتِهِمْ وَاشْتُهِرَ عِنْدَ النَّاسِ بِحَيْثُ صَارَ عُرْفًا وَمَنْقُولًا مُتَبَادِرًا لِلذِّهْنِ مِنْ غَيْرِ قَرِينَةٍ حُمِلَ عَلَى يَمِينِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْأَمْرُ كَذَلِكَ اُعْتُبِرَتْ نِيَّتُهُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.
وَذَكَرَ الْقَرَافِيُّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي كِتَابِ الْأَحْكَامِ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْفَتَاوَى وَالْأَحْكَامِ: أَمَّا الصَّحِيحُ فِي هَذِهِ الْأَحْكَامِ فِي مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِمَا الْمُرَتَّبَةُ عَلَى الْعَوَائِدِ لِلَّذَيْنِ كَانَا حَاصِلَيْنِ حَالَةَ جَزْمِ الْعُلَمَاءِ بِهَذِهِ الْأَحْكَامِ، فَهَلْ إذَا تَغَيَّرَتْ تِلْكَ الْعَوَائِدُ وَصَارَتْ تَدُلُّ عَلَى ضِدِّ مَا كَانَتْ تَدُلُّ عَلَيْهِ أَوَّلًا فَهَلْ تَبْطُلُ هَذِهِ الْفَتَاوَى فِي الْكُتُبِ وَيُفْتَى بِمَا تَقْتَضِيهِ الْعَوَائِدُ الْمُتَجَدِّدَةُ؟ أَوْ يُقَالُ: نَحْنُ مُقَلِّدُونَ وَمَا لَنَا إحْدَاثُ شَرْعٍ لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِنَا لِلِاجْتِهَادِ، فَيُفْتَى بِمَا فِي الْكُتُبِ الْمَنْقُولَةِ عَنْ الْمُجْتَهِدِينَ؟ وَالْجَوَابُ أَنَّ إجْرَاءَ هَذِهِ الْأَحْكَامِ الَّتِي مُدْرَكُهَا الْعَوَائِدُ مَتَى تَغَيَّرَتْ تِلْكَ الْعَوَائِدُ خِلَافَ الْإِجْمَاعِ وَجَهَالَةً فِي الدِّينِ، بَلْ كُلُّ مَا هُوَ فِي الشَّرِيعَةِ يَتْبَعُ الْعَوَائِدَ يَتَغَيَّرُ الْحُكْمُ فِيهِ عِنْدَ تَغْيِيرِ الْعَادَةِ إلَى مَا تَقْتَضِيهِ الْعَادَةُ الْمُتَجَدِّدَةُ، وَلَيْسَ ذَلِكَ تَجْدِيدًا لِلِاجْتِهَادِ مِنْ الْمُقَلِّدِينَ حَتَّى يُشْتَرَطَ فِيهِ أَهْلِيَّةُ الِاجْتِهَادِ، بَلْ هَذِهِ قَاعِدَةٌ اجْتَهَدَ فِيهَا الْعُلَمَاءُ وَأَجْمَعُوا عَلَيْهَا، فَنَحْنُ نَتْبَعُهُمْ فِيهَا مِنْ غَيْرِ اسْتِئْنَافِ اجْتِهَادٍ أَلَا يُرَى أَنَّهُمْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْمُعَامَلَاتِ إذَا أُطْلِقَ فِيهَا الثَّمَنُ تُحْمَلُ عَلَى غَالِبِ النُّقُودِ، فَإِذَا كَانَتْ الْعَادَةُ نَقْدًا مُعَيَّنًا حَمَلْنَا الْإِطْلَاقَ عَلَيْهِ، فَإِذَا انْقَلَبَتْ الْعَادَةُ إلَى غَيْرِهِ عَيَّنَّا مَا انْقَلَبَتْ الْعَادَةُ إلَيْهِ وَأَلْغَيْنَا الْأَوَّلَ لِانْتِقَالِ الْعَادَةِ عَنْهُ، وَكَذَلِكَ الْإِطْلَاقُ فِي الْوَصَايَا وَالْأَيْمَانِ وَجَمِيعِ أَبْوَابِ الْفِقْهِ الْمَحْمُولَةِ عَلَى الْعَوَائِدِ، وَكَذَلِكَ الدَّعَاوَى إذَا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ مَنْ ادَّعَى شَيْئًا؛ لِأَنَّهُ الْعَادَةُ ثُمَّ تَغَيَّرَتْ الْعَادَةُ لَمْ يَبْقَ الْقَوْلُ قَوْلَ مُدَّعِيهِ بَلْ انْعَكَسَ الْحَالُ فِيهِ، بَلْ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ تَغَيُّرُ الْعَادَةِ، بَلْ لَوْ خَرَجْنَا نَحْنُ مِنْ ذَلِكَ الْبَلَدِ إلَى بَلَدٍ آخَرَ عَوَائِدُهُمْ عَلَى خِلَافِ عَادَةِ الْبَلَدِ الَّذِي كُنَّا فِيهِ أَفْتَيْنَاهُمْ بِعَادَةِ بَلَدِهِمْ وَلَمْ نَعْتَبِرْ عَادَةَ الْبَلَدِ الَّذِي نَحْنُ فِيهِ، وَكَذَلِكَ إذَا قَدِمَ عَلَيْنَا أَحَدٌ مِنْ بَلَدٍ عَادَتُهُ مُضَادَّةٌ لِلْبَلَدِ الَّذِي نَحْنُ فِيهِ لَمْ نُفْتِهِ إلَّا بِعَادَةِ بَلَدِهِ، وَلِهَذَا أَمْثِلَةٌ كَثِيرَةٌ فِي الْفِقْهِ فَلَا نُطِيلُ بِجَلْبِهَا.

اسم الکتاب : معين الحكام فيما يتردد بين الخصمين من الأحكام المؤلف : الطرابلسي، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 129
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست