اسم الکتاب : فاكهة الخلفاء ومفاكهة الظرفاء المؤلف : ابن عربشاه الجزء : 1 صفحة : 279
فادى به الذهاب إلى بستان بجوار بيت القصاب فدخل البستان وامتد في الجريان والقصاب وراءه بهيئته المهولة والسكين في يده مسلولة وكان قبل هذا الزمان بين زوجة القصاب وصاحب البستان ما يكون بين الحرفاء والأخدان وكانت كلما وجدت فرصه جعلت للبستاني من نفسها حصة تنزل من بيتها إلى بيته وتغمس سراجها من فتيلة قنديله وزبته فاتفق أن في تلك الحال طلب كل من المحبين الوصال وكان زمان اشتعال اللحام بالمعاملة مع الخاص والعام فلاشتغال وهله لا يتردد فيه إلى أهله فاغتنمت الزوجة غفلة الرقيب ونزلت من بيتها إلى بيت الحبيب فكان المحبان آمنين وقد تعانقا تحت دوحة ياسمين فاتفق أن الهارب من الموت ودواهيه أخذ على مكان هما فيه والقصاب يتبعه رافعاً يده والسكين في يده مجردة فلم تشعر إلا وزوجها رافع الصوت واقف على رأسهما وبيده آلة الموت وما شعر بدواهيهما حتى عثر عليهما فقفز كلاهما من مكانهما مفتضحين في مكانهما فاشتغل القصاب بنفسه والتهى بنعجته عن تيسه وكان الناس تابعيه فوقفوا على ما وقع فيه وقامت الغوغاء وقعدت للعار من البلاء فتفرس النجاة من الردى فلم يزل في ميدان الجرى ذاهلاً عما جرى حتى وصل إلى ثغرة خرج منها إلى الصحراء فانقطع عن ذلك الجنى تابعه ولم يوجد من شياطين الأنس رائيه وسامعه فانتهى التيسار في تلك الصحاري والقفار إلى جبل فأوى فيه إلى غار كان يأوي إليه مع المواشي أو أن الأمطار فأمسى فيه تلك الليلة إلى وقت الأسفار:
فلما رأى الليل العبوس صنيعه ... تبسم فافترت تباشير فجره
فلما أصبح الصباح خرج إلى السراح وهو في نشاط ومراح وجعل يرتاد أنيساً ليكون له جليساً أو رفيقاً صالحاً أو صديقاً ناصحاً يتأنس به في
اسم الکتاب : فاكهة الخلفاء ومفاكهة الظرفاء المؤلف : ابن عربشاه الجزء : 1 صفحة : 279