اسم الکتاب : فاكهة الخلفاء ومفاكهة الظرفاء المؤلف : ابن عربشاه الجزء : 1 صفحة : 278
ويصيب أني وقعت مع هذا في يوم عصيب وأنه قاصد هلاكي ومقيم على البواكي فالأولى الاحتراز والتأهب قبل زمان الجزاز فان حصل خير فما في الاحتراز ضير وإن وقع على الإهلاك العزم فأتلقى سيفه بما أعددته من ترس الحزم فوزن الجزار الثمن وشحط الزنيم بالرسن وأتى به مطابخ فقطعها إلى مسالح فشم رائحة لزومه وأحس من الجزار نكده وشومه فلما دخل المسلخ ورأى القصابين هذا يذبح وهذا يسلخ واللحم شقات على الجدران معلقات وأنهر الدماء كدموع العشاق جاريه ورؤوس الغنم وجلودها وأكارعها كل كاشيه هذه الكاشية في ناحية وهذه الكاشية في زاوية فرجف قلبه وازداد رعبه والتجأ إلى الله تعالى وتاب إليه عما عليه من الذنوب مالا فما واطأ القصاب المصارع أن شد من المشرقي الاكارع وجدله على الجداله وأخرج لذبحه الآلة فلما رأى هذه الحالة تحقق ما كان ظنه فاستحضر باله وأيقن أنه هالك لا محالة فنظر إلى القصاب وذكر ما قيل في حق الساب:
نظروا إليك بأعين محمرة ... نظر التيموس إلى شفار الجازر
فوجد السكين كليله ليس للذبح بها حيله فطلب المسن ليحدها ويريح ذبيحته أن حدها فتركه وذهب للمسن وقد تحقق الزنيم ما كان ظن فتنفس له البلاء وارتخى عنه القضاء فتمطى في رباط الأكارع فمزقه قاطع ثم وثب وقصد الهرب وخرج من الباب وصاحوا عليه هرب فلم يلتفت إلى الصوت وفر فرار من عاين الموت وطلب الخلاء وطريق الفضاء
اسم الکتاب : فاكهة الخلفاء ومفاكهة الظرفاء المؤلف : ابن عربشاه الجزء : 1 صفحة : 278