responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : درر الحكام في شرح مجلة الأحكام المؤلف : علي حيدر    الجزء : 1  صفحة : 75
فَعَلَيْهِ إذَا ادَّعَى مُدَّعٍ عَلَى آخَرَ بِحَقٍّ لَهُ بِحُضُورِ الْحَاكِمِ، وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْكَرَ دَعْوَى الْمُدَّعِي، فَالْحَاكِمُ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (1817) يَطْلُبُ مِنْ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً عَلَى دَعْوَاهُ وَلَا تُطْلَبُ الْبَيِّنَةُ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُطْلَقًا، فَإِذَا عَجَزَ الْمُدَّعِي عَنْ الْبَيِّنَةِ يَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْمُنْكِرُ الْيَمِينَ، وَذَلِكَ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (1818) وَلَا يَحْلِفُ الْمُدَّعِي مُطْلَقًا.
مِثَالٌ: لَوْ اشْتَرَى شَخْصٌ مَالًا مِنْ آخَرَ فَادَّعَى الْبَائِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي قَائِلًا لَهُ: إنَّهُ اشْتَرَى مِنِّي الْمَالَ الْفُلَانِيَّ بِالْوَكَالَةِ، وَأَضَافَ الْعَقْدَ لِنَفْسِهِ، وَأَخَذَ الْمَالَ فَلْيَدْفَعْ لِي الثَّمَنَ، وَادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ وَكِيلًا بِالشِّرَاءِ، بَلْ رَسُولًا وَأَنَّهُ لِذَلِكَ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (1463) غَيْرُ مُطَالَبٍ بِدَفْعِ الثَّمَنِ، فَتُطْلَبُ الْبَيِّنَةُ مِنْ الْمُدَّعِي؛ لِأَنَّهُ يَدَّعِي بِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ أَضَافَ الْعَقْدَ لِنَفْسِهِ، وَيُكَلَّفُ الْمُشْتَرِي بِالْيَمِينِ؛ لِأَنَّهُ يُنْكِرُ إضَافَةَ الْعَقْدِ لِنَفْسِهِ. إنَّ هَذِهِ الْقَاعِدَةَ لَا يُعْدَلُ عَنْهَا مُطْلَقًا حَتَّى لَوْ ادَّعَى شَخْصٌ عَلَى آخَرَ بِمَبْلَغٍ فِي ذِمَّتِهِ وَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِلْمُدَّعِي: إذَا حَلَفْت بِأَنَّ هَذَا الْمَبْلَغَ يَلْزَمُ ذِمَّتِي أَدْفَعُهُ لَك فَحَلَفَ الْمُدَّعِي الْيَمِينَ، فَلَا يُلْزَمُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِدَفْعِ الْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ.
هَذَا وَمِنْ الْأُمُورِ اللَّازِمَةِ وَالْمُهِمَّةِ فِي الدَّعْوَى تَفْرِيقُ الْمُدَّعِي مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَتَعْيِينُهُمَا؛ لِأَنَّهُ فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ يُشْتَبَهُ الْمُدَّعِي بِالْمُدَّعَى عَلَيْهِ، كَأَنْ يَكُونَ رَجُلٌ وَاضِعًا يَدَهُ عَلَى مَالٍ مَثَلًا فَيَجِيءُ أَجْنَبِيٌّ وَيَدَّعِي بِأَنَّهُ لَهُ، وَأَنْ لَيْسَ لِوَاضِعِ الْيَدِ مِنْ حَقٍّ فِي الْمَالِ، وَيَدَّعِي وَاضِعُ الْيَدِ مِثْلَ ذَلِكَ، فَظَاهِرُ الْحَالِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُدَّعٍ وَمُنْكَرٌ مَعًا، وَلَكِنْ بِمَا أَنَّ نَفْسَ مِلْكِيَّةِ ذِي الْيَدِ يَدْخُلُ فِي دَعْوَى الْأَجْنَبِيِّ ضِمْنًا؛ لِأَنَّ قَصْدَهُ إثْبَاتَ الْمِلْكِ لِنَفْسِهِ، وَإِثْبَاتُ وَاضِعُ الْيَدِ الْمِلْكِيَّةَ لِنَفْسِهِ يَدْخُلُ فِي دَعْوَاهُ؛ لِأَنَّهُ يَقْصِدُ نَفْسَ الْمِلْكِيَّةَ عَنْ الْأَجْنَبِيِّ. وَبِمَا أَنَّ الْمُدَّعِي هُوَ الَّذِي يَقُولُ خِلَافَ الظَّاهِرِ وَاَلَّذِي يَكُونُ قَوْلُهُ: مُوَافِقًا لِلظَّاهِرِ هُوَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، فَوَاضِعُ الْيَدِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ هُوَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَالْمُدَّعِي هُوَ الْأَجْنَبِيُّ.
مِثَالٌ آخَرُ:
إذَا ادَّعَى شَخْصٌ عَلَى آخَرَ بِدَيْنٍ فِي ذِمَّتِهِ فَادِّعَاؤُهُ هَذَا ادِّعَاءٌ يَشْغَلُ ذِمَّةَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَبِمَا أَنَّ اشْتِغَالَ الذِّمَّةِ خِلَافُ الظَّاهِرِ، وَالْأَصْلُ بَرَاءَتُهَا فَاَلَّذِي يَدَّعِي خِلَافَ الظَّاهِرِ مُدَّعٍ وَالثَّانِي هُوَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. عَلَى أَنَّ الْإِمَامَ الشَّافِعِيَّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَدْ ارْتَأَى أَنَّهُ يَتَوَجَّهُ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعِي فِي حَالَيْنِ هُمَا:
الْحَالُ الْأُولَى - إذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ وَطَلَبَ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَلِفَ الْيَمِينِ فَلَمْ يَحْلِفْ فَتُرَدُّ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعِي، فَإِنْ حَلَفَ يُحْكَمُ لَهُ وَإِلَّا فَلَا. وَقَدْ اسْتَنَدَ فِي ذَلِكَ عَلَى مَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ «بِأَنَّ الرَّسُولَ الْكَرِيمَ رَدَّهَا عَلَى صَاحِبِ الْحَقِّ أَيْ الْيَمِينَ» وَمَا كَانَ يَفْعَلُهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِمَحْضَرٍ مِنْ الصَّحَابَةِ.
الْحَالُ الثَّانِيَةُ:
- إذَا كَانَ لِلْمُدَّعِي شَاهِدٌ وَاحِدٌ وَعَجَزَ عَنْ إقَامَةِ الشَّاهِدِ الثَّانِي، وَتَحْلِيفُ الْمُدَّعِي فِي هَذِهِ الْحَالِ عَلَى أَنَّ مَا شَهِدَ بِهِ الشَّاهِدُ هُوَ صِدْقٌ وَأَنَا مُسْتَحِقٌّ لِلْحَقِّ الْمَشْهُودِ بِهِ. وَلَكِنَّ لِلْمُدَّعِي فِي هَذِهِ الْحَالِ أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ حَلِفِ الْيَمِينِ وَيُكَلَّفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْحَلِفِ

اسم الکتاب : درر الحكام في شرح مجلة الأحكام المؤلف : علي حيدر    الجزء : 1  صفحة : 75
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست