responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : درر الحكام في شرح مجلة الأحكام المؤلف : علي حيدر    الجزء : 1  صفحة : 628
اخْتِلَافٌ لِلْفُقَهَاءِ: قَدْ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ بِلُزُومِ الضَّمَانِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ إذَا اُسْتُؤْجِرَتْ الدَّابَّةُ لِلذَّهَابِ بِهَا إلَى الْمَكَانِ الْمَقْصُودِ دُونَ أَنْ تُسْتَأْجَرَ لِلذَّهَابِ وَالْإِيَابِ مَعًا.
وَعَلَى هَذَا فَسَبَبُ الضَّمَانِ هُوَ انْتِهَاءُ عَقْدِ الْإِجَارَةِ بِالْوُصُولِ إلَى الْمَكَانِ الْمُعَيَّنِ الْمَقْصُودِ وَلَا يَكُونُ الْمُسْتَأْجِرُ إذَا تَجَاوَزَ الْمَكَانَ الْمَقْصُودَ وَعَادَ مِنْهُ وَسَلَّمَ الدَّابَّةَ إلَى نَائِبِ الْآجِرِ قَدْ رَدَّهَا إلَيْهِ، أَمَّا إذَا اسْتَأْجَرَ الدَّابَّةَ ذَهَابًا وَإِيَابًا وَبَعْدَ وُصُولِهِ إلَى الْمَحَلِّ الَّذِي اسْتَأْجَرَ الدَّابَّةَ إلَيْهِ تَجَاوَزَهُ إلَى غَيْرِهِ ثُمَّ عَادَ إلَيْهِ فَهَلَكَتْ الدَّابَّةُ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ.
لِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ بِرُجُوعِهِ إلَى ذَلِكَ الْمَحَلِّ يَكُونُ كَأَنَّهُ قَدْ سَلَّمَ إلَى نَائِبِ الْمَالِكِ فَإِنَّهُ لَمَّا كَانَ مُودَعًا مَعْنًى فَهُوَ نَائِبُ الْمَالِكِ وَالرَّدُّ إلَى نَائِبِ الْمَالِكِ رَدٌّ إلَى الْمَالِكِ مَعْنًى فَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الْمُودَعِ إذَا خَالَفَ ثُمَّ عَادَ إلَى الْوِفَاقِ (الْهِدَايَةُ، الْعِنَايَةُ) .
أَمَّا الْبَعْضُ الْآخَرُ مِنْ الْعُلَمَاءِ فَقَدْ قَالُوا بِالضَّمَانِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ اُسْتُؤْجِرَتْ الدَّابَّةُ لِلذَّهَابِ فَقَطْ أَوْ اُسْتُؤْجِرَتْ لِلذَّهَابِ وَالْإِيَابِ مَعًا.
وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمُودَعَ مَأْمُورٌ بِالْحِفْظِ مَقْصُودًا فَبَقِيَ الْأَمْرُ بِالْحِفْظِ بَعْدَ الْعَوْدِ إلَى الْوِفَاقِ فَحَصَلَ الرَّدُّ إلَى يَدِ نَائِبِ الْمَالِكِ أَيْ الْمُودَعِ نَفْسِهِ.
وَفِي الْإِجَارَةِ وَالْعَارِيَّةِ يَصِيرُ الْحِفْظُ مَأْمُورًا بِهِ تَبَعًا لِلِاسْتِعْمَالِ لَا مَقْصُودًا فَإِذَا انْقَطَعَ الِاسْتِعْمَالُ لَمْ يَبْقَ هُوَ نَائِبًا فَلَا يَبْرَأُ بِالْعَوْدِ وَهَذَا أَصَحُّ (الْهِنْدِيَّةُ) .
قَوْلُهُ وَفِي الْإِجَارَةِ وَالْإِعَارَةِ يَصِيرُ الْحِفْظُ مَأْمُورًا بِهِ تَبَعًا لِلِاسْتِعْمَالِ يُرِيدُ بِهِ أَنَّ الْمَالِكَ مَا أَمَرَ الْمُسْتَأْجِرَ وَالْمُسْتَعِيرَ بِالْحِفْظِ قَصْدًا أَوْ نَصًّا، وَإِنَّمَا أَمَرَهُمَا بِالِاسْتِعْمَالِ وَالِانْتِفَاعِ فَكَانَ لَهُمَا وِلَايَةُ الْحِفْظِ ضَرُورَةَ الِانْتِفَاعِ فَإِذَا جَاوَزَ الْحِيرَةَ أَيْ الْمَحَلَّ الَّذِي اسْتَأْجَرَهَا إلَيْهِ صَارَ غَاصِبًا لِلدَّابَّةِ وَدَخَلَتْ فِي ضَمَانِهِ.
وَالْغَاصِبُ لَا يَبْرَأُ عَنْ الضَّمَانِ إلَّا بِالرَّدِّ عَلَى الْمَالِكِ أَوْ عَلَى مَنْ هُوَ مَأْمُورٌ بِالْحِفْظِ مِنْ جِهَةِ الْمَالِكِ، وَلَمْ يُوجَدْ.
فَإِنْ قِيلَ: لَا كَذَلِكَ فَإِنَّ غَاصِبَ الْغَاصِبِ إذَا رَدَّ الْمَغْصُوبَ عَلَى الْغَاصِبِ يَبْرَأُ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ الرَّدُّ إلَى أَحَدِ هَذَيْنِ قُلْنَا نَزِيدُ فِي الْمَأْخُوذِ أَوْ عَلَى مَنْ يُؤْخَذُ مِنْهُ فَسَبَبُ الضَّمَانِ يَرْتَفِعُ بِالرَّدِّ عَلَيْهِ.
وَقَدْ طَعَنَ عِيسَى - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَقَالَ: يَدُ الْمُسْتَأْجِرِ كَيْدِ الْمَالِكِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَرْجِعُ بِمَا لَحِقَهُ عَلَى الْمَالِكِ بِخِلَافِ الْمُسْتَعِيرِ وَبِدَلِيلِ أَنَّ مُؤْنَةَ الرَّدِّ عَلَى الْمَالِكِ فِي الْإِجَارَةِ دُونَ الْعَارِيَّةِ وَلَكِنَّا نَقُولُ: رُجُوعُهُ بِالضَّمَانِ لِلْغُرُورِ الْمُتَمَكِّنِ بِسَبَبِ عَقْدِ الْمُعَاوَضَةِ وَذَلِكَ لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ يَدَهُ لَيْسَتْ بِيَدِ نَفْسِهِ كَالْمُشْتَرِي يَرْجِعُ بِضَمَانِ الْغُرُورِ وَكَذَلِكَ مُؤْنَةُ الرَّدِّ عَلَى الْمَالِكِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَنْفَعَةِ بِالنَّقْلِ فَأَمَّا يَدُ الْمُسْتَأْجِرِ فَهِيَ يَدُ نَفْسِهِ (كِفَايَةٌ) .
غَيْرَ أَنَّهُ وَإِنْ لَمْ يَأْتِ فِي الْمَجَلَّةِ شَيْءٌ صَرِيحٌ فِي اخْتِيَارُ أَحَدَ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ اللَّذَيْنِ مَرَّ تَفْصِيلُهُمَا إلَّا أَنَّ مَجِيءَ هَذِهِ الْمَادَّةِ بِصُورَةٍ مُطْلَقَةٍ يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى قَبُولِهَا الْقَوْلَ الثَّانِيَ.
وَقَدْ مَرَّ بِنَا أَنَّ صَاحِبَيْ الْهِدَايَةِ وَالدُّرِّ الْمُخْتَارِ قَدْ قَالَا بِأَصَحِّيَّةِ الْقَوْلِ الثَّانِي.
أَمَّا إذَا لَمْ تَهْلَكْ الدَّابَّةُ وَسُلِّمَتْ إلَى صَاحِبِهَا سَالِمَةً فَإِنَّمَا يَلْزَمُ الْأَجْرُ الْمُسَمَّى وَلَيْسَ لِلْآجِرِ طَلَبُ زِيَادَةِ الْأُجْرَةِ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ يَكُونُ قَدْ اسْتَوْفَى الْمَنْفَعَةَ الْمَعْقُودَ عَلَيْهَا (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (596)) .
مَثَلًا لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا إلَى مَحَلٍّ يَبْعُدُ مَسَافَةَ سِتِّ سَاعَاتٍ فَجَاوَزَ بِهَا ذَلِكَ الْمَحَلَّ مِقْدَارَ سَاعَتَيْنِ أَيْ إذَا ذَهَبَ إلَى مَكَان يَبْعُدُ ثَمَانِ سَاعَاتٍ؛ فَلَا يَلْزَمُهُ سِوَى الْأَجْرِ الْمُسَمَّى وَيُعَدُّ غَاصِبًا

اسم الکتاب : درر الحكام في شرح مجلة الأحكام المؤلف : علي حيدر    الجزء : 1  صفحة : 628
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست