responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : درر الحكام في شرح مجلة الأحكام المؤلف : علي حيدر    الجزء : 1  صفحة : 47
إنَّ الْعُرْفَ وَالْعَادَةَ يَكُونُ حُجَّةً إذَا لَمْ يَكُنْ مُخَالِفًا لِنَصٍّ أَوْ شَرْطٍ لِأَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ، كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَ شَخْصٌ آخَرَ لَأَنْ يَعْمَلَ لَهُ مِنْ الظُّهْرِ إلَى الْعَصْرِ فَقَطْ بِأُجْرَةٍ مُعَيَّنَةٍ، فَلَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يُلْزِمَ الْأَجِيرَ الْعَمَلَ مِنْ الصَّبَاحِ إلَى الْمَسَاءِ بِدَاعِي أَنَّ عُرْفَ الْبَلْدَةِ كَذَلِكَ، بَلْ يَتْبَعُ الْمُدَّةَ الْمُعَيَّنَةَ بَيْنَهُمَا.
قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ اجْتِهَادَ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ فِي النَّصِّ أَنَّهُ إذَا كَانَ مَبْنِيًّا عَلَى الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ كَالْحَدِيثِ الْوَارِدِ فِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ أَنَّهُمَا مِنْ الْمَوْزُونَاتِ، وَالْمِلْحُ وَالشَّعِيرُ وَالْبُرُّ مِنْ الْمَكِيلَاتِ، يُتْرَكُ وَيُصَارُ إلَى الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ إذَا تَبَدَّلَتْ بِتَبَدُّلِ الْأَزْمَانِ، فَالذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ فِي زَمَانِنَا يَقْرُبَانِ أَنْ يَكُونَا عَدَدِيَّيْنِ، وَالتَّمْرُ وَالْمِلْحُ أَصْبَحَا وَزْنِيَّيْنِ، وَالْقَمْحُ وَالشَّعِيرُ كَادَا أَنْ يَصِيرَا وَزْنِيَّيْنِ.
وَأَمَّا إذَا كَانَ النَّصُّ غَيْرَ مُسْتَنِدٍ عَلَى الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ فَيُعْتَبَرُ النَّصُّ وَلَا يُصَارُ إلَى الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ خِلَافًا لِلْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ فَإِنَّهُمَا يَعْتَبِرَانِ النَّصَّ كَيْفَمَا كَانَ وَلَا يَتْرُكَانِهِ بِدَاعِي تَغَيُّرِ الْأَحْوَالِ بِتَغَيُّرِ الْأَزْمَانِ، وَالْمُخْتَارُ لِلْمِجَلَّةِ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ.

[ (الْمَادَّةُ 38) الْمُمْتَنِعُ عَادَةً كَالْمُمْتَنِعِ حَقِيقَةً]
(الْمَادَّةُ 38) :
الْمُمْتَنِعُ عَادَةً كَالْمُمْتَنِعِ حَقِيقَةً.
يَعْنِي أَنَّ مَا اسْتَحَالَ عَادَةً لَا تُسْمَعُ فِيهِ الدَّعْوَى كَالْمُسْتَحِيلِ عَقْلًا، كَمَا لَوْ ادَّعَى شَخْصٌ بِأَنَّ الْجَنِينَ الَّذِي فِي بَطْنِ هَذِهِ الْمَرْأَةِ قَدْ بَاعَنِي الْمَالَ الْفُلَانِيَّ، أَوْ أَقَرَّ بِأَنَّهُ اسْتَقْرَضَ مِنْهُ كَذَا مَبْلَغًا، فَلِأَنَّهُ قَدْ أَسْنَدَ ادِّعَاءَهُ وَإِقْرَارَهُ لِسَبَبٍ مُسْتَحِيلٍ عَادَةً، فَإِقْرَارُهُ وَادِّعَاؤُهُ غَيْرُ صَحِيحَيْنِ. وَكَذَلِكَ إذَا ادَّعَى مَنْ عُرِفَ بِالْفَقْرِ عَلَى مَنْ عُرِفَ بِالْغِنَى بِأَنَّهُ اسْتَدَانَ مِنْهُ مَبْلَغًا لَا تُجَوِّزُ الْعَادَةُ وُقُوعَ مِثْلِهِ لَا تُسْمَعُ فِيهِ الدَّعْوَى، وَكَمَا لَوْ ادَّعَى أَنَّ زَيْدًا ابْنَهُ وَلَا يُولَدُ مِثْلُهُ لِمِثْلِهِ، وَكَذَا لَوْ أَقَرَّ إنْسَانٌ قَائِلًا لِفُلَانٍ عِنْدِي ثَوْبٌ فِي عَشَرَةِ أَثْوَابٍ يَكُونُ إقْرَارُهُ بِثَوْبٍ وَاحِدٍ لَا بِعَشَرَةِ أَثْوَابٍ؛ لِأَنَّ الْعَشَرَةَ أَثْوَابٍ لَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ ظَرْفًا فَالثَّوْبُ وَاحِدٌ، فَإِنَّ ذَلِكَ مُمْتَنِعٌ عَادَةً، وَبِمَا أَنَّ الْمُمْتَنِعَ عَادَةً كَالْمُمْتَنِعِ حَقِيقَةً فَتَكُونُ كَلِمَةُ (فِي عَشَرَةِ) لَغْوًا وَلَا يُعْمَلُ بِهَا.

[ (الْمَادَّةُ 39) لَا يُنْكَرُ تَغَيُّرُ الْأَحْكَامِ بِتَغَيُّرِ الْأَزْمَانِ]
(الْمَادَّةُ 39) :
لَا يُنْكَرُ تَغَيُّرُ الْأَحْكَامِ بِتَغَيُّرِ الْأَزْمَانِ.
إنَّ الْأَحْكَامَ الَّتِي تَتَغَيَّرُ بِتَغَيُّرِ الْأَزْمَانِ هِيَ الْأَحْكَامُ الْمُسْتَنِدَةُ عَلَى الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ؛ لِأَنَّهُ بِتَغَيُّرِ الْأَزْمَانِ تَتَغَيَّرُ احْتِيَاجَاتُ النَّاسِ، وَبِنَاءً عَلَى هَذَا التَّغَيُّرِ يَتَبَدَّلُ أَيْضًا الْعُرْفُ وَالْعَادَةُ وَبِتَغَيُّرِ الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ تَتَغَيَّرُ الْأَحْكَامُ حَسْبَمَا أَوْضَحْنَا آنِفًا، بِخِلَافِ الْأَحْكَامِ الْمُسْتَنِدَةِ عَلَى الْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ الَّتِي لَمْ تُبْنَ عَلَى الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ فَإِنَّهَا لَا تَتَغَيَّرُ.
مِثَالُ ذَلِكَ: جَزَاءُ الْقَاتِلِ الْعَمْدِ الْقَتْلُ. فَهَذَا الْحُكْمُ الشَّرْعِيُّ الَّذِي لَمْ يَسْتَنِدْ عَلَى الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ لَا يَتَغَيَّرُ بِتَغَيُّرِ الْأَزْمَانِ، أَمَّا الَّذِي يَتَغَيَّرُ بِتَغَيُّرِ الْأَزْمَانِ مِنْ الْأَحْكَامِ، فَإِنَّمَا هِيَ الْمَبْنِيَّةُ عَلَى الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ، كَمَا قُلْنَا، وَإِلَيْكَ الْأَمْثِلَةُ: كَانَ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ الْمُتَقَدِّمِينَ أَنَّهُ إذَا اشْتَرَى أَحَدٌ دَارًا اكْتَفَى بِرُؤْيَةِ بَعْضِ بُيُوتِهَا، وَعِنْدَ الْمُتَأَخِّرِينَ لَا بُدَّ مِنْ رُؤْيَةِ كُلِّ بَيْتٍ مِنْهَا عَلَى حِدَتِهِ، وَهَذَا الِاخْتِلَافُ لَيْسَ مُسْتَنِدًا إلَى دَلِيلٍ، بَلْ هُوَ نَاشِئٌ عَنْ

اسم الکتاب : درر الحكام في شرح مجلة الأحكام المؤلف : علي حيدر    الجزء : 1  صفحة : 47
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست