responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : درر الحكام في شرح مجلة الأحكام المؤلف : علي حيدر    الجزء : 1  صفحة : 43
دَاخِلِيٍّ، يُقَالُ: لَهُ (سَمَاوِيٌّ) كَالْجُوعِ مَثَلًا.
أَمَّا الْقِسْمُ الثَّانِي هُوَ الِاضْطِرَارُ النَّاشِئُ عَنْ سَبَبٍ خَارِجِيٍّ وَيُقَالُ لَهُ (اضْطِرَارِيٌّ غَيْرُ سَمَاوِيٍّ) وَهُوَ نَوْعَانِ الْإِكْرَاهُ الْمُلْجِئُ وَالْإِكْرَاهُ غَيْرُ الْمُلْجِئِ. وَاَلَّذِي يُفْهَمُ مِنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ أَنَّهُ لَوْ أَصَابَ إنْسَانٌ مَالَ الْغَيْرِ بِنَاءً عَلَى الِاضْطِرَارِ الَّذِي يُجَوِّزُ لَهُ التَّصَرُّفَ بِمَالِ الْغَيْرِ، فَلَا تَكُونُ الْإِصَابَةُ النَّاشِئَةُ عَنْ الِاضْطِرَارِ سَبَبًا لَأَنْ يَكُونَ الْمُتْلِفُ غَيْرَ ضَامِنٍ، بَلْ يَجِبُ عَلَى الْمُسْتَهْلِكِ أَوْ الْمُتْلِفِ أَنْ يَضْمَنَ قِيمَةَ الْمَالِ الْمُتْلَفِ.
مِثَالُ ذَلِكَ: لَوْ أَنَّ شَخْصًا جَاعَ جُوعًا شَدِيدًا وَأَصْبَحَ عُرْضَةً لِلتَّلَفِ أَيْ لِلْمَوْتِ فَلَهُ الْحَقُّ وَفْقًا لِلْمَادَّةِ 21، بِأَنْ يَأْخُذَ مِنْ طَعَامِ الْغَيْرِ مَا يَدْفَعُ بِهِ جُوعَهُ بِدُونِ إذْنِ صَاحِبِ الْمَالِ إلَّا أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ مِنْ الْجِهَةِ الْأُخْرَى أَنْ يَضْمَنَ قِيمَةَ الْمَالِ الْمُتْلَفِ، إذَا كَانَ مِنْ الْقِيَمِيَّاتِ، وَمِثْلَهُ إذَا كَانَ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ، وَلَا يَكُونُ الِاضْطِرَارُ عَلَى اسْتِهْلَاكِ ذَلِكَ الْمَالِ سَبَبًا لِلتَّخَلُّصِ مِنْ دَفْعِ قِيمَتِهِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الِاضْطِرَارَ وَإِنْ أَبَاحَ لِلْمُضْطَرِّ تَنَاوَلَ وَإِتْلَافَ مَالِ الْغَيْرِ دُونَ أَنْ يَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ عِقَابٌ لَا يَكُونُ سَبَبًا لِلْخَلَاصِ مِنْ الضَّمَانِ.
وَكَذَا لَوْ هَجَمَ جَمَلٌ صَائِلٌ عَلَى شَخْصٍ وَأَصْبَحَتْ حَيَاتُهُ مُهَدَّدَةٌ فَلَهُ إتْلَافُ الْجَمَلِ تَخْلِيصًا لِحَيَاتِهِ مِنْ يَدِ الْهَلَاكِ، إلَّا أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَدْفَعَ قِيمَةَ الْجَمَلِ لِصَاحِبِهِ، وَهُنَا إذَا اُعْتُرِضَ بِقَاعِدَةِ أَنَّ الضَّرُورَاتِ مَا دَامَتْ تُبِيحُ الْمَحْظُورَاتِ فَيَجِبُ عَدَمُ الضَّمَانِ. فَرَدًّا عَلَى ذَلِكَ نَقُولُ الْقَصْدُ مِنْ الْإِبَاحَةِ هَذِهِ إنَّمَا هُوَ تَجْوِيزُ إتْلَافِ الْمَالِ بِدُونِ رِضَا صَاحِبِهِ، وَأَنْ لَا يُعَدَّ الْفَاعِلُ غَاصِبًا إلَّا أَنَّهُ مِنْ الْجِهَةِ الْأُخْرَى يَجِبُ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّ الْإِبَاحَةَ لَا تَكُونُ سَبَبًا لِضَيَاعِ الْحُقُوقِ عَلَى ذَوِيهَا. وَكَذَلِكَ إذَا اسْتَأْجَرَ شَخْصٌ قَارِبًا سَاعَةً مِنْ الزَّمَنِ وَبَعْدَ أَنْ وَصَلَ إلَى عَرْضِ الْبَحْرِ انْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ، فَمُقْتَضَى الْقَاعِدَةِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الرَّاكِبِ أَنْ يُبَارِحَ الْقَارِبَ فِي الْحَالِ إلَّا إذَا رَضِيَ الْمُؤَجِّرُ أَنْ يُؤَجِّرَهُ ثَانِيَةً، وَلَكِنْ بِمَا أَنَّهُ يُوجَدُ هُنَا اضْطِرَارٌ فَصَاحِبُ السَّفِينَةِ مُجْبَرٌ عَلَى أَنْ يَبْقَى الْمُسْتَأْجِرُ فِي الْقَارِبِ حَتَّى يَخْرُجَ بِهِ إلَى الْبَرِّ، وَلَكِنَّ هَذَا الْإِجْبَارَ لَا يَمْنَعُ الْمُؤَجِّرَ مِنْ أَنْ يُطَالِبَ الْمُسْتَأْجِرَ بِدَفْعِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ عَنْ الْمُدَّةِ الزَّائِدَةِ وَفْقًا لِلْمَادَّةِ (1007) النَّاصَّةِ عَلَى أَنَّ الضَّمَانَ فِي الْإِكْرَاهِ الْمُلْجِئِ عَلَى الْمُجْبِرِ وَفِي غَيْرِ الْمُلْجِئِ عَلَى الْمُكْرَهِ، وَوُجُودُ الْإِكْرَاهِ عَلَى إتْلَافِ الْمَالِ لَا يُضَيِّعُ حَقَّ صَاحِبِ الْمَالِ فِي تَضْمِينِ قِيمَةِ مَالِهِ الْمُتْلَفِ.

[ (الْمَادَّةُ 34) مَا حَرُمَ أَخْذُهُ حَرُمَ إعْطَاؤُهُ]
(الْمَادَّةُ 34) :
مَا حَرُمَ أَخْذُهُ حَرُمَ إعْطَاؤُهُ.
يَعْنِي أَنَّ إعْطَاءَ الْحَرَامِ وَأَخْذَهُ سَوَاءٌ فِي الْحُرْمَةِ، كَمَا أَنَّ الْمَكْرُوهَ أَخْذُهُ وَإِعْطَاؤُهُ مَكْرُوهٌ فَالرِّشْوَةُ مَثَلًا، كَمَا حَرُمَ أَخْذُهَا حَرُمَ إعْطَاؤُهَا مِنْ الرَّاشِي حَتَّى لَوْ دَفَعَ الْوَصِيُّ فِي دَعْوَةِ الْقَاصِرِ رِشْوَةً لِلْحَاكِمِ مِنْ مَالِ الْقَاصِرِ يَضْمَنُ، وَكَذَلِكَ أَخْذُ الدَّجَّالِ الَّذِي يَفْتَحُ الْبَخْتَ وَالْأَشْخَاصِ الْمُشَعْوِذِينَ دَرَاهِمَ مِنْ النَّاسِ مَمْنُوعٌ وَحَرَامٌ، كَمَا أَنَّ إعْطَاءَ النَّاسِ لَهُمْ مَمْنُوعٌ وَحَرَامٌ أَيْضًا، وَكَذَا النَّائِحَةُ أَخْذُهَا وَإِعْطَاؤُهَا الْأُجْرَةَ حَرَامٌ وَمَمْنُوعٌ. " مُسْتَثْنَيَاتٌ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ " إنَّ لِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ مُسْتَثْنَيَاتٍ، وَهِيَ: لَوْ اغْتَصَبَ غَاصِبٌ مَالَ قَاصِرٍ فَيَحِقُّ لِلْوَصِيِّ أَنْ يُعْطِيَ

اسم الکتاب : درر الحكام في شرح مجلة الأحكام المؤلف : علي حيدر    الجزء : 1  صفحة : 43
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست