responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : درر الحكام في شرح مجلة الأحكام المؤلف : علي حيدر    الجزء : 1  صفحة : 36
وَأَخِيرًا يَجِبُ أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ الْمَشَقَّةَ تَجْلِبُ التَّيْسِيرَ إذَا لَمْ يُوجَدْ نَصٌّ، وَأَمَّا إذَا وُجِدَ النَّصُّ، فَلَا يَجُوزُ الْعَمَلُ خِلَافَ ذَلِكَ النَّصِّ بِدَاعِي جَلْبِ التَّيْسِيرِ وَإِزَالَةِ الْمَشَقَّةِ.

[ (الْمَادَّةُ 18) الْأَمْرُ إذَا ضَاقَ اتَّسَعَ]
(الْمَادَّةُ 18) :
الْأَمْرُ إذَا ضَاقَ اتَّسَعَ.
هَذِهِ الْمَادَّةُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْقَاعِدَةِ الشَّرْعِيَّةِ الْمَوْجُودَةِ فِي كِتَابِ الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ، وَقَدْ ذَكَرَ الْحَمَوِيُّ أَنَّ الْإِمَامَ الشَّافِعِيَّ هُوَ وَاضِعُهَا.
الِاتِّسَاعُ: مَأْخُوذٌ مِنْ الْوُسْعِ، وَالتَّوْسِيعُ ضِدُّ التَّضْيِيقِ.
وَالْمَفْهُومُ مِنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ أَنَّهُ إذَا شُوهِدَ ضِيقٌ وَمَشَقَّةٌ فِي فِعْلٍ أَوْ أَمْرٍ يَجِبُ إيجَادُ رُخْصَةٍ وَتَوْسِعَةٍ لِذَلِكَ الضَّيْقِ فَلَا زَالَتْ الْمَشَقَّةُ تُجَوِّزُ الْأَشْيَاءَ غَيْرَ الْجَائِزَةِ قِيَاسًا وَالْمُغَايَرَةَ لِلْقَوَاعِدِ، وَقَدْ ذَكَرَ الْحَمَوِيُّ أَنَّ هَذِهِ الْقَاعِدَةَ بِمَعْنَى الْقَاعِدَةِ الَّتِي سَبَقَ شَرْحُهَا، وَهِيَ (الْمَادَّةُ 17)

[ (الْمَادَّةُ 19) لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ]
(الْمَادَّةُ 19) :
لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ.
يَجِبُ أَنْ لَا يُفْهَمَ مِنْ كَلِمَةِ (لَا ضَرَرَ) أَنَّهُ لَا يُوجَدُ ضَرَرٌ، بَلْ الضَّرَرُ فِي كُلِّ وَقْتٍ مَوْجُودٌ وَالنَّاسُ لَا يَزَالُونَ يَفْعَلُونَهُ، وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ هُنَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الضَّرَرُ أَيْ الْإِضْرَارُ ابْتِدَاءً، كَمَا لَا يَجُوزُ الضِّرَارُ أَيْ إيقَاعُ الضَّرَرِ مُقَابَلَةً لِضَرَرٍ.
هَذِهِ الْقَاعِدَةُ وَإِنْ كَانَتْ عَامَّةً فَهِيَ مِنْ نَوْعِ الْعَامِّ الْمَخْصُوصِ لَا تَصْدُقُ إلَّا عَلَى قِسْمٍ مَخْصُوصٍ مِمَّا تَشْمَلُهُ؛ لِأَنَّ التَّعَازِيرَ الشَّرْعِيَّةَ ضَرَرٌ، وَلَكِنَّ إجْرَاءَهَا جَائِزٌ، كَذَلِكَ الدُّخَانُ الَّذِي يَنْتَشِرُ مِنْ مَطْبَخِ دَارِ شَخْصٍ إلَى دَارِ جَارِهِ يُعَدُّ ضَرَرًا؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَضُرُّ بِالْجِيرَانِ مُبَاشَرَةً أَوْ يُسَبِّبُ اشْتِهَاءَ الْأَطْعِمَةِ لِلْفُقَرَاءِ مِنْهُمْ، فَيَنْشَأُ عَنْ ذَلِكَ ضَرَرٌ لَهُمْ، كَذَا لَوْ وُجِدَ فِي دَارِ شَخْصٍ شَجَرَةٌ كَانَتْ سَبَبًا لَأَنْ يَسْتَفِيدَ مِنْهَا الْجَارُ كَالِاسْتِظْلَالِ بِهَا فَقَطْعُهَا مُوجِبٌ لِضَرَرِ الْجَارِ أَيْضًا.
، فَهَذِهِ الْأَضْرَارُ وَمَا مَاثَلَهَا يَجُوزُ إجْرَاؤُهَا وَلَا تَدْخُلُ تَحْتَ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ؛ لِأَنَّهَا كَمَا ذَكَرْنَا هِيَ مِنْ قِسْمِ الْعَامِّ الْمَخْصُوصِ.
وَتَشْتَمِلُ هَذِهِ الْقَاعِدَةُ عَلَى حُكْمَيْنِ:
الْأَوَّلُ: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْإِضْرَارُ ابْتِدَاءً أَيْ لَا يَجُوزُ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَضُرَّ شَخْصًا آخَرَ فِي نَفْسِهِ وَمَالِهِ؛ لِأَنَّ الضَّرَرَ هُوَ ظُلْمٌ وَالظُّلْمُ مَمْنُوعٌ فِي كُلِّ دِينٍ، وَجَمِيعُ الْكُتُبِ السَّمَاوِيَّةِ قَدْ مَنَعَتْ الظُّلْمَ.
مِثَالٌ: لَوْ كَانَ لِشَخْصٍ حَقُّ الْمُرُورِ مِنْ طَرِيقِ شَخْصٍ آخَرَ، فَلَا يَجُوزُ مَنْعُ ذَلِكَ الشَّخْصِ عَنْ الْمُرُورِ فِي تِلْكَ الطَّرِيقِ.
، كَمَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِشَخْصٍ أَنْ يَبِيعَ مَالًا مَعِيبًا لِشَخْصٍ آخَرَ بِدُونِ أَنْ يَذْكُرَ الْعَيْبَ الْمَوْجُودَ فِي الْمَالِ وَأَنَّ إخْفَاءَ عَيْبِ الْمَبِيعِ عَنْ الْمُشْتَرِي إضْرَارٌ بِهِ، وَهُوَ حَرَامٌ وَمَمْنُوعٌ شَرْعًا.
كَذَا لَا يَجُوزُ لِأَهْلِ قَرْيَةٍ أَنْ يَمْنَعُوا شَخْصًا مِنْ أَنْ يَسْكُنَ فِي قَرْيَتِهِمْ بِدَاعِي أَنَّهُمْ لَا يُرِيدُونَ أَنْ يُسَاكِنُوهُ؛ لِأَنَّ عَمَلَهُمْ هَذَا ضَرَرٌ وَإِجْرَاءُ الضَّرَرِ مَمْنُوعٌ، كَمَا قُلْنَا.
هَذَا وَأَنَّ جَوَازَ إجْرَاءِ الْأَفْعَالِ الْمُبَاحَةِ مَشْرُوطٌ بِعَدَمِ تَرَتُّبِ ضَرَرٍ لِأَحَدٍ بِإِجْرَائِهَا.
مَثَلًا: أَنَّ الصَّيْدَ هُوَ مِنْ الْأَفْعَالِ الْمُبَاحَةِ وَجَائِزٌ، إلَّا أَنَّ كَيْفِيَّةَ الصَّيْدِ إذَا كَانَتْ مُوجِبَةً لِنُفُورِ الْحَيَوَانَاتِ أَوْ مُسَبِّبَةً لِخَوْفِ وَاضْطِرَابِ الْأَهْلِينَ

اسم الکتاب : درر الحكام في شرح مجلة الأحكام المؤلف : علي حيدر    الجزء : 1  صفحة : 36
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست