responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : درر الحكام في شرح مجلة الأحكام المؤلف : علي حيدر    الجزء : 1  صفحة : 154
الْمُشْتَرِي الْبَيْعَ صَارَ الْبَائِعُ مُخَيَّرًا؛ لِأَنَّهُ الْقَابِلُ فَلَوْ قَالَ الْمَتْنُ (الْقَابِلُ) مَكَانَ قَوْلِهِ (الْمُتَبَايِعَانِ) لَكَانَ أَبْيَنَ وَأَوْضَحَ.
وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: كَمَا أَنَّ الْقَابِلَ مُخَيَّرٌ فَالْمُوجِبُ مُخَيَّرٌ أَيْضًا فَإِنْ شَاءَ بَقِيَ عَلَى إيجَابِهِ وَإِنْ شَاءَ رَجَعَ عَنْهُ فَنَقُولُ فِي الْجَوَابِ: إنَّ هَذَا الْمَعْنَى وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ إلَّا أَنَّ قَوْلَ الْمَتْنِ " إلَى آخِرِ الْمَجْلِسِ " وَمِثَالُهُ لَا يُسَاعِدَانِ عَلَى ذَلِكَ فَضْلًا عَنْ أَنَّهُ يَكُونُ تَكْرَارًا لِلْمَادَّةِ 184 " وَيُعْلَمُ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّ الْإِيجَابَ لَا يَبْطُلُ بِتَرَاخِي الْقَبُولِ فِي الْمَجْلِسِ وَإِنْ كَانَ التَّرَاخِي طَوِيلًا سَوَاءٌ أَكَانَ الْإِيجَابُ خِطَابًا أَمْ كِتَابَةً الدُّرَرُ " " اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 73 ".
أَمَّا إذَا وَقَعَ فِي الْمَجْلِسِ مِنْ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ بَعْضُ الْأُمُورِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْمَادَّةِ التَّالِيَةِ كَصُدُورِ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ يَدُلُّ عَلَى الْإِعْرَاضِ أَوْ افْتِرَاقِ الْعَاقِدَيْنِ فَقَدْ بَطَلَ خِيَارُ الْمَجْلِسِ؛ لِأَنَّ الْإِيجَابَ يَبْطُلُ بِالْإِعْرَاضِ وَالتَّفَرُّقِ.
وَإِنَّمَا قُلْنَا: إنَّ خِيَارَ الْقَبُولِ يَمْتَدُّ إلَى آخِرِ الْمَجْلِسِ مَهْمَا طَالَ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ مُضْطَرٌّ إلَى التَّفْكِيرِ وَالتَّرَوِّي فِي أُمُورِهِ فَجُعِلَ خِيَارُ الْمَجْلِسِ مُمْتَدًّا إلَى آخِرِهِ لِذَلِكَ تَيْسِيرًا وَبِمَا أَنَّ الْمَجْلِسَ جَامِعٌ لِلْمُتَفَرِّقَاتِ فَقَدْ عُدَّتْ سَاعَاتُهُ سَاعَةً وَاحِدَةً دَفْعًا لِلْحَرَجِ وَلَوْ جُعِلَ خِيَارُ الْقَبُولِ لَا يَمْتَدُّ إلَى آخِرِ الْمَجْلِسِ وَكَانَ فَوْرًا لَلَزِمَ الْحَرَجُ وَالْحَرَجُ مَدْفُوعٌ بِالنَّصِّ حَيْثُ قَالَ تَعَالَى {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 78] ، وَقَالَ {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: 185] وَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «يَسِّرُوا وَلَا تُعَسِّرُوا» الزَّيْلَعِيّ.
إذَا أَوْجَبَ أَحَدُ الْمُتَبَايِعَيْنِ الْبَيْعَ وَكَانَ الْآخَرُ قَائِمًا فَجَلَسَ وَقَبِلَ الْبَيْعَ فَالْبَيْعُ يَنْعَقِدُ يَعْنِي أَنَّ قُعُودَ الْقَابِلِ بَعْدَ الْإِيجَابِ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الْقَبُولِ وَكَذَلِكَ إذَا أَوْجَبَ أَحَدُ الْمُتَبَايِعَيْنِ الْبَيْعَ وَكَانَ فِي يَدِ الْآخَرِ كَأْسُ مَاءٌ أَوْ لُقْمَةُ خُبْزٍ فَشَرِبَ الْمَاءَ أَوْ أَكَلَ اللُّقْمَةَ ثُمَّ قَبِلَ الْبَيْعَ فَالْبَيْعُ يَنْعَقِدُ.
أَمَّا إذَا انْفَضَّ الْمَجْلِسُ كَاشْتِغَالِ أَحَدِ الْمُتَبَايِعَيْنِ بِأَكْلِ الطَّعَامِ ثُمَّ قَبُولِهِ بِالْإِيجَابِ يَبْطُلُ وَلَا يَبْقَى مَحِلٌّ لِلْقَبُولِ لِتَبَدُّلِ الْمَجْلِسِ وَلَوْ نَامَ أَحَدُ الْمُتَبَايِعَيْنِ قَاعِدًا بَعْدَ الْإِيجَابِ ثُمَّ أَفَاقَ مِنْ نَوْمِهِ فَقَبِلَ الْآخَرُ فَالْبَيْعُ يَنْعَقِدُ أَمَّا إذَا نَامَ مُضْطَجِعًا فَيُعْتَبَرُ الْمَجْلِسُ مُنْفَضًّا وَلَا يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ بِقَبُولِ الْآخَرِ بَعْدَ إفَاقَتِهِ، وَلَوْ قَالَ الْبَائِعُ فِي مَجْلِسٍ: بِعْت مَالِي هَذَا مِنْ فُلَانٍ الْغَائِبِ عَنْ الْمَجْلِسِ ثُمَّ حَضَرَ ذَلِكَ الْغَائِبُ قَبْلَ انْفِضَاضِ الْمَجْلِسِ وَقَبْلَ الْبَيْعِ فَالْبَيْعُ يَنْعَقِدُ هِنْدِيَّةٌ ".
وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْقَبُولُ فَوْرًا وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَمْتَدَّ إلَى آخِرِ الْمَجْلِسِ وَلِقَوْلِ الشَّافِعِيِّ بِخِيَارِ الْمَجْلِسِ فَلَا يَرَى فِي ذَلِكَ حَرَجًا وَلَا مَشَقَّةً وَيُسْتَثْنَى مِمَّا قُلْنَا فِيهِ بِامْتِدَادِ خِيَارِ الْقَبُولِ إلَى آخِرِ الْمَجْلِسِ أَنْ يَكُونَ التَّبَايُعُ بَيْنَ اثْنَيْنِ سَائِرَيْنِ أَثْنَاءَ سَيْرِهِمَا مَاشِيَيْنِ فَإِنَّ الْقَبُولَ وَالْحَالَةُ هَذِهِ يَجِبُ أَنْ يَتَّصِلَ بِالْإِيجَابِ كَمَا سَيَتَّضِحُ فِي مَحِلِّهِ.
يُشْتَرَطُ فِي الْبَيْعِ اتِّحَادُ الْمَجْلِسِ أَيْ حُصُولُ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ وَعَلَى هَذَا إنْ اخْتَلَفَ مَجْلِسُ الْبَيْعِ فَالْبَيْعُ لَا يَنْعَقِدُ هِنْدِيَّةٌ ".

اسم الکتاب : درر الحكام في شرح مجلة الأحكام المؤلف : علي حيدر    الجزء : 1  صفحة : 154
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست