responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الأحكام المؤلف : ابن فرحون    الجزء : 1  صفحة : 84
فَقَدْ يُقْبَلُ غَيْرُ الْعُدُولِ، وَإِنَّمَا الَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يَنْظُرَ فَإِنْ صَرَّحَ بِأَسْمَاءِ الشُّهُودِ وَهُمْ عُدُولٌ وَبَيَّنَ وَجْهَ الْحُكْمِ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُفْسَخَ، وَأَمَّا مَعَ الْإِجْمَالِ فَلَا.
وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ: رَأْيُ أَصْبَغَ قَالَ: أَرَى أَنْ يَمْضِيَ مِنْ أَحْكَامِهِ مَا عَدَلَ فِيهِ، وَلَمْ يَسْتَرِبْ فِيهِ، وَيُفْسَخُ مَا تَبَيَّنَ فِيهِ الْجَوْرُ إنْ اُسْتُرِيبَ، وَيُفْعَلُ فِيهَا مِنْ الْكَشْفِ مَا يُفْعَلُ بِأَقْضِيَةِ الْجُهَّالِ، وَأَشَارَ ابْنُ رَاشِدٍ بِغَيْرِ الْعَدْلِ إلَى الْقَاضِي الْجَائِرِ وَخُلَفَاءِ الْقُضَاةِ وَالْأُمَرَاءِ، وَنَقْلُهُ لِقَوْلِ أَصْبَغَ مُوَافِقٌ لِمَا نَقَلَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ فَانْظُرْهُ مَعَ مَا تَقَدَّمَ عَنْ الْوَاضِحَةِ.

[فَصْلٌ فِيمَا لَا يُنَفَّذُ مِنْ أَحْكَامِ الْقَاضِي وَيُنْقَضُ إذَا اطَّلَعَ عَلَيْهِ]
. فَصْلٌ: فِيمَا لَا يُنَفَّذُ مِنْ أَحْكَامِ الْقَاضِي وَيُنْقَضُ إذَا اطَّلَعَ عَلَيْهِ وَحُكْمُ الْحَاكِمِ لَا يُحِلُّ حَرَامًا، وَلَا يُحَرِّمُ حَلَالًا عَلَى مَنْ عَلِمَهُ فِي بَاطِنِ الْأَمْرِ؛ لِأَنَّ الْحَاكِمَ إنَّمَا يَحْكُمُ بِمَا ظَهَرَ وَهُوَ الَّذِي تَعَبَّدَ بِهِ، وَلَا يُنْقَلُ الْبَاطِنُ عِنْدَ مَنْ عَلِمَهُ عَمَّا هُوَ عَلَيْهِ مِنْ التَّحْلِيلِ وَالتَّحْرِيمِ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّمَا أَنَا بَشَرٌ، وَلَعَلَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إلَيَّ فَلَعَلَّ أَحَدَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ فَأَقْضِي لَهُ عَلَى نَحْوِ مَا أَسْمَعُ مِنْهُ فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِشَيْءٍ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ فَلَا يَأْخُذْ مِنْهُ شَيْئًا فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنْ النَّارِ» وَهَذَا إجْمَاعٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي الْأَمْوَالِ. وَاخْتَلَفُوا فِي انْعِقَادِ النِّكَاحِ أَوْ حَلِّ عَقْدِهِ بِظَاهِرِ مَا يَقْضِي بِهِ الْحَاكِمُ وَهُوَ خِلَافُ الْبَاطِنِ، فَذَهَبَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - وَجُمْهُورُ أَهْلِ الْعِلْمِ إلَى أَنَّ الْأَمْوَالَ وَالْفُرُوجَ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ؛ لِأَنَّهَا حُقُوقٌ كُلُّهَا تَدْخُلُ تَحْتَ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِشَيْءٍ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ فَلَا يَأْخُذْ» فَلَا يُحِلُّ مِنْهَا الْقَضَاءُ الظَّاهِرُ مَا هُوَ حَرَامٌ فِي الْبَاطِنِ.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَكَثِيرٌ مِنْ أَصْحَابِنَا الْمَالِكِيَّةِ عَلَى مَا حَكَى عَنْهُمْ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: إنَّمَا ذَلِكَ فِي الْأَمْوَالِ خَاصَّةً.
فَلَوْ أَنَّ رَجُلَيْنِ تَعَمَّدَا الشَّهَادَةَ بِالزُّورِ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ فَقَبِلَ الْقَاضِي شَهَادَتَهُمَا لِظَاهِرِ عَدَالَتِهِمَا، وَهُمَا قَدْ تَعَمَّدَا الْكَذِبَ أَوْ غَلِطَا، فَفَرَّقَ الْقَاضِي بِشَهَادَتِهِمَا بَيْنَ الرَّجُلِ وَامْرَأَتِهِ ثُمَّ اعْتَدَّتْ الْمَرْأَةُ فَإِنَّهُ جَائِزٌ لِأَحَدِ الشَّاهِدَيْنِ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا، وَهُوَ عَالِمٌ بِأَنَّهُ كَاذِبٌ فِي شَهَادَتِهِ قَالُوا؛ لِأَنَّهَا لَمَّا حَلَّتْ لِلْأَزْوَاجِ بِالْحُكْمِ الظَّاهِرِ فَالشَّاهِدُ وَغَيْرُهُ سَوَاءٌ؛ لِأَنَّ قَضَاءَ الْقَاضِي وَحُكْمَهُ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَقَطَعَ الْعِصْمَةَ، وَلَوْلَا ذَلِكَ مَا حَلَّتْ لِزَوْجٍ غَيْرِهِ، وَاحْتَجُّوا بِحُكْمِ اللِّعَانِ، وَقَالُوا: مَعْلُومٌ أَنَّ الزَّوْجَةَ إنَّمَا وَصَلَتْ إلَى فِرَاقِ زَوْجِهَا بِاللِّعَانِ الْكَاذِبِ الَّذِي لَوْ عَلِمَ الْحَاكِمُ كَذِبَهَا فِيهِ مَا فَرَّقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَوْجِهَا. قَالُوا، وَكُلُّ مَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ بِالنِّكَاحِ أَوْ بِالطَّلَاقِ وَقَضَى عَلَيْهِ بِذَلِكَ لَمْ يُمْكِنْهُ الِامْتِنَاعُ مِنْهُ، وَلَزِمَ الْحُكْمُ

اسم الکتاب : تبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الأحكام المؤلف : ابن فرحون    الجزء : 1  صفحة : 84
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست