responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الأحكام المؤلف : ابن فرحون    الجزء : 1  صفحة : 444
قَدْ شَهِدُوا فِي كِتَابِ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ، الَّذِي كَتَبَهُ عَلَى لِسَانِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، فِي مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، أَنَّهُ بِخَطِّ مَرْوَانَ، وَمِنْ ذَلِكَ تَوَلَّدَ عَلَى عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَا تَوَلَّدَ، وَهُوَ أَوَّلُ حَادِثٍ حَدَثَ مِنْ جِهَةِ الشَّهَادَةِ عَلَى الْخَطِّ، فَلَوْ كَانَتْ الشَّهَادَةُ لَا تَجُوزُ عَلَيْهِ، لَمْ يَشْهَدْ بِهَا أَصْحَابُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا سِيَّمَا فِي التَّبَطُّنِ فِي الدِّمَاءِ.
وَمِنْ الْحُجَّةِ أَيْضًا أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، كَتَبَ بِبَيْعَتِهِ إلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ الْخَطُّ كَافِيًا، لَمْ يَكْتَفِ عَبْدُ الْمَلِكِ مِنْ ابْنِ عُمَرَ بِالْخَطِّ فِي هَذَا الْأَمْرِ الْعَظِيمِ، وَقَدْ أَدْخَلَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - بَيْعَةَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ لِعَبْدِ الْمَلِكِ فِي الْمُوَطَّأِ، وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ أَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ، وَفِي أَحْكَامِ ابْن سَهْلٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْن فَرَجٍ مَوْلَى ابْنِ الطَّلَّاعِ، قَالَ: الْأَصْلُ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الْخُطُوطِ قَوْلُ مَالِكٍ، وَأَكْثَرُ أَصْحَابِنَا أَنَّهَا تَجُوزُ فِي الْحُقُوقِ وَالطَّلَاقِ وَالْأَحْبَاسِ وَغَيْرِهَا، إلَّا أَنَّ الَّذِي جَرَى بِهِ الْعَمَلُ عِنْدَ الشُّيُوخِ، أَنَّهَا تَجُوزُ فِي الْأَحْبَاسِ، وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ الَّذِي جَرَى بِهِ الْعَمَلُ فِي وَقْتِنَا، أَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى الْخَطِّ لَا تَجُوزُ إلَّا فِي الْأَحْبَاسِ خَاصَّةً لِمَا اُشْتُهِرَ مِنْ الضَّرْبِ عَلَى الْخُطُوطِ، وَلَا يَشْهَدُ فِي الْأَحْبَاسِ حَتَّى يَشْهَدَ الشُّهُودُ أَنَّهُمْ لَمْ يَزَالُوا يَسْمَعُونَ أَنَّ الَّذِي شَهِدُوا بِهِ حَبْسٌ، وَأَنَّهُ قَدْ كَانَ مُحَازًا بِمَا تُحَازُ بِهِ الْأَحْبَاسُ، قَالَ ابْنُ سَهْلٍ، الصَّحِيحُ عِنْدِي الَّذِي لَا أَقُولُ بِغَيْرِهِ وَلَا أَعْتَقِدُ سِوَاهُ أَنَّهُ لَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ عَلَى الْخَطِّ، وَلَكِنِّي أَذْهَبُ إلَى جَوَازِ ذَلِكَ فِي الْأَحْبَاسِ خَاصَّةً، عَلَى مَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ شُيُوخُنَا - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - إتْبَاعًا لَهُمْ وَاقْتِدَاءً بِهِمْ وَاسْتِحْسَانًا لِمَا دَرَجَتْ عَلَيْهِ جَمَاعَتُهُمْ، وَقَضَى بِهِ قُضَاتُهُمْ وَانْعَقَدَتْ عَلَيْهِ سِجِلَّاتُهُمْ، وَإِنْ كَانَ ابْنُ لُبَابَةَ قَدْ سَاقَ أَصْلَهُ أَنْ لَا تَجُوزَ فِي حَبْسٍ وَلَا غَيْرِهِ، وَقَدْ ذَهَبَ إلَى ذَلِكَ غَيْرُهُ مِمَّنْ لَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ، وَالْجُمْهُورُ أَوْلَى بِالِاتِّبَاعِ، وَمَا أَجْمَعُوا عَلَى ذَلِكَ فِي الْأَحْبَاسِ إلَّا حَيْطَةً عَلَيْهَا وَتَحْصِينًا لَهَا، مِنْ أَنْ تُحَالَ عَنْ أَحْوَالِهَا وَتُغَيَّرَ عَنْ سَبِيلِهَا، وَاتِّبَاعًا لِمَالِكٍ فِي الْمَنْعِ مِنْ بَيْعِهَا وَالْمُنَاقَلَةِ بِهَا وَإِنْ خَرِبَتْ.
وَقَدْ ذَكَرَ بَعْضُ مَنْ تَأَخَّرَ مِنْ الشُّيُوخِ، أَنَّ اخْتِيَارَهُمْ فِي تَجْوِيزِ الشَّهَادَةِ عَلَى الْخُطُوطِ فِي الْأَحْبَاسِ إنَّمَا كَانَ لِأَنَّهَا لَا بُدَّ أَنْ يَقْتَرِنَ بِهَا سَمَاعٌ بِالتَّحْبِيسِ، وَفُشُوٌّ عِنْدَ النَّاسِ فَقَوِيَتْ بِذَلِكَ الشَّهَادَةُ عَلَى الْخَطِّ

اسم الکتاب : تبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الأحكام المؤلف : ابن فرحون    الجزء : 1  صفحة : 444
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست