responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الأحكام المؤلف : ابن فرحون    الجزء : 1  صفحة : 440
[الْبَابُ الرَّابِعُ وَالثَّلَاثُونَ فِي الْقَضَاءِ بِالشَّهَادَةِ عَلَى الْخَطِّ]
وَفِي الطُّرَرِ لِابْنِ عَاتٍ الْخَطُّ عِنْدَنَا شَخْصٌ قَائِمٌ، وَمِثَالٌ مُمَاثِلٌ تَقَعُ الْعَيْنُ عَلَيْهِ، وَيُمَيِّزُهُ الْعَقْلُ كَمَا يُمَيِّزُ سَائِرَ الْأَشْخَاصِ وَالصُّوَرِ، فَالشَّهَادَةُ عَلَى الْخَطِّ جَائِزَةٌ لِمَا ذَكَرْنَاهُ، وَكَذَلِكَ حَكَى الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ فِي كِتَابِهِ عَنْ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ مِنْ أَصْحَابِهِ، أَنَّ الْخَطَّ شَخْصٌ يُمَيِّزُهُ الْعَقْلُ كَمَا يُمَيِّزُ الْأَشْخَاصَ، مَعَ جَوَازِ الِاشْتِبَاهِ فِيهَا، فَلِذَلِكَ تَجُوز فِي الْخُطُوطِ، وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ اعْتِبَارُ الشَّبَهِ فِي الْقَافَةِ وَإِلْحَاقُ النَّسَبِ بِسَبَبِ الشَّبَهِ وَالْحُكْمُ بِذَلِكَ، فَالْخَطُّ مِنْ هَذَا الْبَابِ، قَالَ الْأَبْهَرِيُّ تَجُوزُ الشَّهَادَةُ عَلَى الصُّوَرِ، وَإِنْ كَانَ يُشْبِهُ بَعْضُهَا بَعْضًا، وَلَيْسَ لَك الْأَغْلَبُ يَعْنِي الِاشْتِبَاهَ، وَكَذَلِكَ الْخُطُوطُ تَجُوزُ الشَّهَادَةُ عَلَيْهَا، وَإِنْ كَانَ يُشْبِهُ بَعْضُهَا بَعْضًا إذْ الِاخْتِلَافُ فِيهَا أَغْلَبُ.
وَقَالَ ابْنُ رَاشِدٍ الشَّهَادَةُ عَلَى الْخَطِّ حَصَلَ فِيهَا حَاسَّةُ الْبَصَرِ وَحَاسَّةُ الْعَقْلِ، فَالْبَصَرُ رَأَى خَطًّا فَانْطَبَعَ فِي الْحَاسَّةِ الْخَيَالِيَّةِ، وَالْعَقْلُ قَابَلَ صُورَتَهُ بِصُورَةِ ذَلِكَ الْخَطِّ، يَعْنِي خَطَّ الرَّجُلِ الَّذِي رَآهُ يَكْتُبُ غَيْرَ مَرَّةٍ، حَتَّى انْطَبَعَتْ صُورَةُ خَطِّهِ فِي مِرْآتِهِ، فَإِذَا قَابَلَ الْعَقْلُ تِلْكَ الصُّورَةِ بِالصُّورَةِ الَّتِي رَآهُ يَكْتُبُهَا، قَالَ هَذَا خَطُّ فُلَانٍ، بَقِيَ النَّظَرُ هَا هُنَا، هَلْ يُقَالُ إنَّ الْخُطُوطَ تَشَابَهُ؟ فَيَحْصُلُ الْغَلَطُ لِلْعُقَلَاءِ، وَيُقَالُ التَّشَابُهُ نَادِرٌ وَالِاعْتِمَادُ عَلَى مَا يَحْصُلُ عِنْدَ الْعَقْلِ، فَهَذَا هُوَ سَبَبُ الْخِلَافِ، فَيَخْرُجُ مِنْ هَذَا قَوْلَانِ بِالْجَوَازِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ الْمَعْمُولُ بِهِ لِمَا قُلْنَاهُ، وَالْمَنْعُ خَوْفَ التَّشَابُهِ.
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: مَنْ عَرَفَ خَطَّ الشَّاهِدِ بِكَثْرَةِ رُؤْيَتِهِ لِكِتَابَتِهِ، ثُمَّ أَتَى بِشَيْءٍ مِمَّا كَتَبَهُ ذَلِكَ الْإِنْسَانُ لِيَشْهَدَ بِأَنَّهُ خَطُّهُ، فَالشَّاهِدُ لَمْ يَرَ هَذَا الْخَطَّ حِينَ كَتَبَهُ كَاتِبُهُ، فَاعْتِمَادُهُ فِي الشَّهَادَةِ إنَّمَا هُوَ عَلَى ظَنٍّ حَصَلَ فِي ذِهْنِهِ، أَنَّ الَّذِي رَآهُ الْآنَ هُوَ مِنْ نَوْعِ الَّذِي كَانَ رَأَى ذَلِكَ الْكَاتِبَ يَكْتُبُهُ، وَجَعَلَ هَذَا مُدْرِكًا لِلشَّهَادَةِ فِي غَايَةِ الضَّعْفِ، وَأَحْرَى إذَا شَهِدَ عَلَى خَطِّ مَنْ لَمْ يَرَهُ يَكْتُبُ وَلَمْ يَجْمَعُهُ وَإِيَّاهُ زَمَانٌ وَلَا مَكَانٌ مُعْتَمِدًا عَلَى كَثْرَةِ مَا رَأَى مِنْ خَطِّهِ، الَّذِي يُنْسَبُ إلَيْهِ، وَالصَّحِيحُ مَا تَقَدَّمَ، وَتَقَدَّمَ فِي بَابِ الشَّهَادَةِ عَلَى السَّمَاعِ أَنَّ شَهَادَةَ السَّمَاعِ فِي خُطُوطِ الشُّهُودِ الْأَمْوَاتِ جَائِزَةٌ فَانْظُرْهُ،

اسم الکتاب : تبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الأحكام المؤلف : ابن فرحون    الجزء : 1  صفحة : 440
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست