responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الأحكام المؤلف : ابن فرحون    الجزء : 1  صفحة : 42
وَمِنْهَا: قَالَ مَالِكٌ: لَا يُفْتِي الْقَاضِي فِي مَسَائِلِ الْقُضَاةِ وَأَمَّا فِي غَيْرِ ذَلِكَ فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَكَانَ سَحْنُونٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إذَا أَتَاهُ رَجُلٌ يَسْأَلُهُ عَنْ مَسْأَلَةٍ مِنْ مَسَائِلِ الْأَحْكَامِ لَمْ يُجِبْهُ.
وَقَالَ هَذِهِ مَسْأَلَةُ خُصُومَةٍ مِنْ ابْنِ يُونُسَ. وَمِنْهَا إحْضَارُ الْعُدُولِ فِي مَجْلِسِ قَضَائِهِ. قَالَ الْمَازِرِيُّ: يُؤْمَرُ الْقَاضِي بِذَلِكَ وَيَتَأَكَّدُ الْأَمْرُ بِهِ عَلَى الْقَوْلِ أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَحْكُمُ بِعِلْمِهِ فِيمَا أَقَرَّ بِهِ الْخَصْمُ فِي مَجْلِسِهِ.
وَمِنْهَا أَنَّهُمْ قَالُوا لَا يَقْضِي الْقَاضِي إلَّا بِحَضْرَةِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَمَشُورَتِهِمْ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ لِنَبِيِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - {وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ} [آل عمران: 159] قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُسْتَغْنِيًا عَنْ مُشَاوَرَتِهِمْ، وَلَكِنَّهُ أَرَادَ أَنْ تَصِيرَ سُنَّةً لِلْحُكَّامِ، قَالَ أَشْهَبُ: إلَّا أَنْ يَخَافَ الْمَضَرَّةَ مِنْ جُلُوسِهِمْ وَيَشْتَغِلَ قَلْبُهُ بِهِمْ وَبِالْحَذَرِ مِنْهُمْ حَتَّى يَكُونَ ذَلِكَ نُقْصَانًا فِي فَهْمِهِ، فَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ لَا يَجْلِسُوا إلَيْهِ. قَالَ ابْنُ سَحْنُونٍ عَنْ أَبِيهِ: لَا يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَكُونَ مَعَهُ فِي مَجْلِسِهِ مَنْ يُشْغِلُهُ عَنْ النَّظَرِ كَانُوا أَهْلَ فِقْهٍ أَوْ غَيْرَهُمْ فَإِنَّ ذَلِكَ يُدْخِلُ عَلَيْهِ الْحَصْرَ وَالِاهْتِمَامَ بِمَنْ مَعَهُ.
وَقَالَهُ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ، قَالَا: وَلَكِنْ إذَا ارْتَفَعَ عَنْ مَجْلِسِ الْقَضَاءِ شَاوَرَ. تَنْبِيهٌ إطْلَاقُهُمْ الْمُشَاوِرَةَ ظَاهِرُهُ كَانَ عَالِمًا بِالْحُكْمِ أَوْ جَاهِلًا.
وَفِي " الطُّرَرِ " لِابْنِ عَاتٍ فِي الْجُزْءِ الثَّالِثِ: لَا يَجُوزُ لِلْحَاكِمِ أَنْ يُشَاوِرَ فِيمَا يَحْكُمُ فِيهِ وَهُوَ جَاهِلٌ لَا يُمَيِّزُ الْحَقَّ مِنْ الْبَاطِلِ؛ لِأَنَّهُ إذَا أُشِيرَ عَلَيْهِ وَهُوَ جَاهِلٌ بِالْحُكْمِ لَمْ يَعْلَمْ إنْ كَانَ حَكَمَ بِحَقٍّ أَوْ بِبَاطِلٍ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَحْكُمَ بِمَا لَا يَعْلَمُ أَنَّهُ الْحَقُّ، وَلَا يَحْكُمَ بِقَوْلِ مَنْ أَشَارَ عَلَيْهِ تَقْلِيدًا لَهُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُ الْحَقُّ مِنْ حَيْثُ تَبَيَّنَ لِلَّذِي أَشَارَ عَلَيْهِ بِدَلَالَةٍ تَظْهَرُ لَهُ.
وَفِي شَرْحِ التَّلْقِينِ قَالَ الْمَازِرِيُّ الْقَاضِي مَأْمُورٌ بِالِاسْتِشَارَةِ وَلَوْ كَانَ عَالِمًا؛ لِأَنَّ مَا فَكَّرَ فِيهِ الْفُقَهَاءُ وَبَحَثُوا فِيهِ تَثِقُ النَّفْسُ بِهِ مَا لَا تَثِقُ بِوَاحِدٍ إذَا اسْتَبَدَّ بِرَأْيِهِ، وَلَا يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ كَوْنُهُمْ مُقَلِّدِينَ لِاخْتِلَافِهِمْ فِي الْفَتْوَى فِيمَا لَيْسَ بِمَسْطُورٍ بِحَسَبِ مَا يَظُنُّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَنَّهُ مُقْتَضَى أُصُولِ الْمَذْهَبِ.
وَفِي ابْنِ يُونُسَ قَالَ سَحْنُونٌ: إذَا شَهِدَ الْعَالِمُ عِنْدَ الْقَاضِي فِي شَيْءٍ فَأَعْيَاهُ الْحُكْمُ فِيهِ فَأَرَادَ مَشُورَةَ الْعَالِمِ فِي وَجْهِ الْحُكْمِ فِي ذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَسْتَشِيرَهُ فِيمَا يَشْهَدُ فِيهِ.
وَقَالَ غَيْرُ سَحْنُونٍ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ، وَحَكَاهُ ابْنُ رُشْدٍ، قَالَ الْمَازِرِيُّ: وَوَجْهُ قَوْلِ سَحْنُونٍ أَنَّ التُّهْمَةَ تُتَصَوَّرُ فِي الْفَتْوَى كَمَا تُتَصَوَّرُ فِي الشَّهَادَةِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُتَّهَمُ

اسم الکتاب : تبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الأحكام المؤلف : ابن فرحون    الجزء : 1  صفحة : 42
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست