responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الأحكام المؤلف : ابن فرحون    الجزء : 1  صفحة : 31
وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ، وَالصُّلْحُ جَائِزٌ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ إلَّا صُلْحًا أَحَلَّ حَرَامًا أَوْ حَرَّمَ حَلَالًا، لَا يَمْنَعُكَ قَضَاءٌ قَضَيْتَهُ بِالْأَمْسِ ثُمَّ رَاجَعْت فِيهِ نَفْسَك وَهُدِيتَ فِيهِ لِرُشْدِك أَنْ تُرَاجِعَ الْحَقَّ فَإِنَّ الْحَقَّ وَمُرَاجَعَتَهُ خَيْرٌ مِنْ الْبَاطِلِ وَالتَّمَادِي فِيهِ، الْفَهْمَ فِيمَا تَلَجْلَجَ فِي صَدْرِكَ مِمَّا لَمْ يَبْلُغْكَ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، اعْرَفْ الْأَمْثَالَ وَالْأَشْبَاهَ وَقِسْ الْأُمُورَ عِنْدَك وَاعْمِدْ إلَى أَحَبِّهَا إلَى اللَّهِ تَعَالَى وَأَشْبَهِهَا بِالْحَقِّ فِيمَا تَرَى، وَاجْعَلْ لِلْمُدَّعِي حَقًّا غَائِبًا أَوْ بَيِّنَةً أَجَلًا يَنْتَهِي إلَيْهِ فَإِنْ أَحْضَرَ بَيِّنَتَهُ أَخَذَ بِحَقِّهِ، وَإِلَّا وَجَّهْت عَلَيْهِ الْقَضَاءَ، فَإِنَّ ذَلِكَ أَجْلَى لِلْعَمَى، وَأَبْلَغُ فِي الْعُذْرِ، وَالْمُسْلِمُونَ عُدُولٌ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إلَّا مَجْلُودًا فِي حَدٍّ أَوْ مُجَرَّبًا عَلَيْهِ شَهَادَةُ الزُّورِ أَوْ ظِنِّينًا فِي وَلَاءٍ أَوْ نَسَبٍ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى تَوَلَّى مِنْكُمْ السَّرَائِرَ وَدَرَأَ عَنْكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَالْأَيْمَانِ، وَإِيَّاكَ وَالْقَلَقَ وَالضَّجَرَ وَالتَّأَذِّي بِالنَّاسِ وَالتَّنَكُّرَ لِلْخُصُومِ فِي مَوَاطِنِ الْحَقِّ الَّتِي يُوجِبُ اللَّهُ بِهَا الْأَجْرَ وَيُحْسِنُ بِهَا الذُّخْرَ، فَإِنَّهُ مَنْ يُصْلِحُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ وَلَوْ عَلَى نَفْسِهِ يَكْفِهِ اللَّهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ، وَمَنْ تَزَيَّنَ لِلنَّاسِ بِغَيْرِ مَا يَعْلَمُ اللَّهُ مِنْهُ شَانَهُ اللَّهُ، فَمَا ظَنُّك بِثَوَابِ اللَّهِ تَعَالَى فِي عَاجِلِ رِزْقِهِ وَخَزَائِنِ رَحْمَتِهِ وَالسَّلَامُ.
تَنْبِيهٌ قَالَ ابْنُ سَهْلٍ وَقَوْلُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي هَذِهِ الرِّسَالَةِ " الْمُؤْمِنُونَ عُدُولٌ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ " رَجَعَ عُمَرُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَنْ ذَلِكَ بِمَا رَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ، قَالَ رَبِيعَةُ قَدِمَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَقَالَ قَدْ جِئْتُك بِأَمْرٍ لَا رَأْسَ لَهُ وَلَا ذَنَبَ فَقَالَ عُمَرُ وَمَا هُوَ فَقَالَ: شَهَادَاتُ الزُّورِ ظَهَرَتْ بِأَرْضِنَا، فَقَالَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَا يُؤْسَرُ رَجُلٌ فِي الْإِسْلَامِ بِغَيْرِ الْعُدُولِ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى رُجُوعِهِ عَمَّا فِي هَذِهِ الرِّسَالَةِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ نَقَلَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَذُكِرَ عَنْ الْحَسَنِ وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ مِنْ التَّابِعِينَ الْأَخْذُ بِمَا فِي هَذِهِ الرِّسَالَةِ فِي أَمْرِ الشُّهُودِ، وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى خِلَافِهِ بِدَلِيلِ قَوْله تَعَالَى {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: 2] وقَوْله تَعَالَى {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} [البقرة: 282] .

[فَصْلٌ فِيمَا يَلْزَمُ الْقَاضِي مِنْ خَاصَّةِ نَفْسِهِ]
فَصْلٌ: فِيمَا يَلْزَمُهُ مِنْ خَاصَّةِ نَفْسِهِ قَالَ ابْنُ الْمُنَاصِفِ فِي " تَنْبِيهِ الْحُكَّامِ " وَاعْلَمْ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى مَنْ تَوَلَّى الْقَضَاءَ أَنْ يُعَالِجَ نَفْسَهُ وَيَجْتَهِدَ فِي صَلَاحِ حَالِهِ، وَيَكُونَ ذَلِكَ مِنْ أَهَمِّ مَا يَجْعَلُهُ مِنْ بَالِهِ فَيَحْمِلُ نَفْسَهُ عَلَى أَدَبِ الشَّرْعِ وَحِفْظِ الْمُرُوءَةِ وَعُلُوِّ الْهِمَّةِ

اسم الکتاب : تبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الأحكام المؤلف : ابن فرحون    الجزء : 1  صفحة : 31
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست