responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الأحكام المؤلف : ابن فرحون    الجزء : 1  صفحة : 270
السَّبَبُ السَّادِسُ: الْحِرْصُ عَلَى تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ أَوْ أَدَائِهَا أَوْ قَبُولِهَا أَمَّا التَّحَمُّلُ فَهِيَ شَهَادَةُ الْمُخْتَفِي، وَقَدْ ذَكَرْتهَا فِي بَابِ شَهَادَةِ الِاسْتِغْفَالِ، وَأَمَّا الْحِرْصُ عَلَى الْأَدَاءِ فَمِثْلُ أَنْ يَبْدَأَ بِالشَّهَادَةِ قَبْلَ طَلَبِ صَاحِبِهَا وَهُوَ حَاضِرٌ وَالْحَقُّ مَالِيٌّ، فَإِذَا أَدَّاهَا سَقَطَتْ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَعْلَمَ صَاحِبُهَا بِهَا إنْ عَلِمَ أَنَّهُ غَيْرُ عَالَمٍ بِهَا، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَعْضُ هَذَا وَلَوْ كَانَ غَائِبًا، فَفِي وُجُوبِ الْقِيَامِ بِهَا قَوْلَانِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ فِي حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى فَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَا يُسْتَدَامُ فِيهِ التَّحْرِيمُ وَبَيْنَ مَا لَا يُسْتَدَامُ.
وَأَمَّا الْحِرْصُ عَلَى الْقَبُولِ فَهُوَ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى صِحَّةِ شَهَادَتِهِ إذَا أَدَّاهَا وَذَلِكَ قَادِحٌ فِيهَا؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ دَلِيلٌ عَلَى التَّعَصُّبِ وَشِدَّةِ الْحِرْصِ عَلَى نُفُوذِهَا، قَالَ بَعْضُهُمْ: إلَّا أَنْ يَكُونَ الشَّاهِدُ مِنْ جُمْلَةِ الْعَوَامّ فَإِنَّهُمْ يَتَسَامَحُونَ فِي ذَلِكَ، فَيَنْبَغِي أَنْ يُعْذَرُوا مَا لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى التَّعَصُّبِ وَكَذَلِكَ لَوْ خَاصَمَ الشَّاهِدُ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ، فَإِنَّ ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى التَّعَصُّبِ وَذَلِكَ مُوجِبٌ لِافْتِقَارِهِ إلَى مَنْ يَشْهَدُ لَهُ بِصِحَّةِ مَا خَاصَمَ فِيهِ، هَذَا إذَا كَانَ فِي حَقِّ آدَمِيٍّ فَإِنْ كَانَ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فَقَدْ تَقَدَّمَ الْحُكْمُ فِيمَا إذَا كَانَ الشَّاهِدُ هُوَ الْقَائِمَ عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ.

السَّبَبُ السَّابِعُ: الِاسْتِبْعَادُ لِصِحَّةِ وُقُوعِ مَا شَهِدَ بِهِ الشَّاهِدُ، وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْبَدَوِيِّ عَلَى الْقَرَوِيِّ» قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ تَأَوَّلَهُ مَالِكٌ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الشَّهَادَةُ فِي الْحُقُوقِ وَالْأَمْوَالِ، وَلَمْ يُرِدْ الشَّهَادَةَ فِي الدِّمَاءِ وَمَا فِي مَعْنَاهَا مِمَّا تُطْلَبُ بِهِ الْخَلَوَاتُ. فَلِذَلِكَ قُلْنَا لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ الْبَدْوِيِّ عَلَى الْحَضَرِيِّ وَلَا شَهَادَتُهُ لَهُ فِي الْحُقُوقِ الَّتِي يُمْكِنُ الْإِشْهَادُ عَلَيْهَا فِي الْحَضَرِ دُونَ الْجِرَاحِ وَالْقَتْلِ.
وَقَالَ اللَّخْمِيُّ: تَجُوزُ فِي الْقَذْفِ وَالْجِرَاحِ وَالْقَتْلِ وَفِي الْمَالِ وَالنِّكَاحِ، إذَا قَالَ: مَرَرْت بِهِمَا، أَوْ كُنْت جَالِسًا فَسَمِعْتُهُ يُقِرُّ لَهُ بِكَذَا، أَوْ بَاعَ مِنْهُ كَذَا، أَوْ تَنَازَعَا فِي النِّكَاحِ فَأَقَرَّ بِالْعَقْدِ، وَلَا تَجُوزُ فِي الْوَثَائِقِ وَالصَّدَقَاتِ وَلَا فِيمَا يُقْصَدُ فِيهِ الِاهْتِمَامُ بِالشَّهَادَةِ، إلَّا أَنْ يَعْلَمَ مُخَالَطَتَهُ لَهُمَا أَوْ يَجْمَعَهُمْ سَفَرٌ.

اسم الکتاب : تبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الأحكام المؤلف : ابن فرحون    الجزء : 1  صفحة : 270
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست