responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الأحكام المؤلف : ابن فرحون    الجزء : 1  صفحة : 259
مُجَرَّدِ الْإِسْلَامِ، قُلْنَا لَمْ يُعَوَّلْ فِي هَذَا إذَا قِيلَ بِقَبُولِ شَهَادَتِهِ عَلَى مُجَرَّدِ الْإِسْلَامِ، لَكِنْ عَلَى الْعِلْمِ بِأَنَّهُ لَمْ يَعْصِ وَلَمْ يَفْسُقْ بَلْ جَبَّ إسْلَامُهُ عَنْهُ الْآثَامَ، فَصَارَ عِنْدَ الْإِسْلَامِ كَمَنْ قُطِعَ بِطَهَارَتِهِ وَلَمْ يَرَ ابْنُ الْقَصَّارِ قَبُولَ شَهَادَتِهِ، بَلْ ذَهَبَ إلَى التَّوَقُّفِ عَنْ قَبُولِهَا، حَتَّى يُعْلَمَ مَا يَبْدُو مِنْهُ، بَعْدَ إسْلَامِهِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ مُصِرًّا بِقَلْبِهِ عَلَى مَعْصِيَةٍ، أَوْ اعْتِقَادٍ فَاسِدٍ، فَلِهَذَا قَيَّدَ فِي كِتَابِ آدَابِ الشَّهَادَةِ بِكَوْنِهِ كَانَ عَدْلًا قَبْلَ إسْلَامِهِ، فَأَمَّا الْبُلُوغُ؛ فَلِأَنَّ التَّكْلِيفَ شَرْطٌ فِي الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ، فَلِذَلِكَ اشْتَرَطَ الْبُلُوغَ وَاسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ شَهَادَةَ الصِّبْيَانِ عَلَى شُرُوطٍ يَأْتِي ذِكْرُهَا، وَكَذَلِكَ الْعَقْلُ شَرْطٌ فِي التَّكْلِيفِ، وَاشْتُرِطَتْ الْحُرِّيَّةُ لِظَوَاهِرِ آيَاتٍ مِنْ الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، يَطُولُ ذِكْرُ الِاسْتِدْلَالِ مِنْهَا، وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ مِنْهَا مَا فِيهِ كِفَايَةٌ، وَأَمَّا اشْتِرَاطُ الْإِسْلَامِ فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} [البقرة: 282] ، وَالْكَافِرُ غَيْرُ مَرْضِيٍّ.

وَأَمَّا الْعَدَالَةُ فَقَالَ ابْنُ رَاشِدٍ: اُخْتُلِفَ فِي حَدِّ الْعَدَالَةِ وَالرِّضَا، الَّذِي تَجُوزُ بِهِ شَهَادَةُ الشَّاهِدِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا، وَأَحْسَنُ مَا قِيلَ فِي ذَلِكَ عِنْدِي: أَنَّهُ الشَّاهِدُ الَّذِي يَجْتَنِبُ الْكَبَائِرَ وَيَتَوَقَّى الصَّغَائِرَ، عَلَى أَنْ لَا صَغِيرَةَ عَلَى الْإِطْلَاقِ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَا عُصِيَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ فَهُوَ كَبِيرَةٌ، وَإِنَّمَا يُقَالُ لَهَا صَغَائِرُ بِإِضَافَتِهَا إلَى الْكَبَائِرِ، قَالَ ابْنُ رَاشِدٍ: وَالْعَدَالَةُ هَيْئَةٌ رَاسِخَةٌ فِي النَّفْسِ، تَحُثُّ عَلَى مُلَازَمَةِ التَّقْوَى بِاجْتِنَابِ الْكَبَائِرِ وَتَوَقِّي الصَّغَائِرِ، وَالتَّحَاشِي عَنْ الرَّذَائِلِ الْمُبَاحَةِ.
وَقَالَ ابْنُ شَاسٍ: الْمُرَادُ بِهَا الِاعْتِدَالُ وَالِاسْتِوَاءُ فِي الْأَحْوَالِ الدِّينِيَّةِ، وَذَلِكَ أَنْ يَكُونَ ظَاهِرَ الْأَمَانَةِ، عَفِيفًا عَنْ الْمَحَارِمِ، مُتَوَقِّيًا لِلْمَآثِمِ بَعِيدًا مِنْ الرِّيَبِ، مَأْمُونًا فِي الرِّضَا وَالْغَضَبِ، قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا لَيْسَتْ الْعَدَالَةُ أَنْ يُمْحِضَ الرَّجُلُ الطَّاعَةَ حَتَّى لَا تَشُوبَهَا مَعْصِيَةٌ، وَذَلِكَ مُتَعَذِّرٌ إلَّا فِي الْأَوْلِيَاءِ وَالصِّدِّيقِينَ، وَلَكِنْ مَنْ كَانَتْ أَكْثَرُ حَالِهِ الطَّاعَةَ وَهِيَ الْغَالِبُ مِنْ أَحْوَالِهِ، وَهُوَ مُجْتَنِبٌ لِلْكَبَائِرِ مُحَافِظٌ عَلَى تَرْكِ الصَّغَائِرِ. فَهُوَ الْعَدْلُ.

وَأَمَّا الْمُرُوءَةُ، فَقَالَ ابْنُ رَاشِدٍ: لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ مَنْ لَمْ يُحَافِظْ عَلَى مُرُوءَتِهِ، قَالَ ابْنُ مُحْرِزٍ: لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْمُرُوءَةِ نَظَافَةَ الثَّوْبِ وَلَا فَرَاهَةَ الْمَرْكُوبِ وَجَوْدَةَ الْآلَةِ وَحُسْنَ الشَّارَةِ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ بِهَا: التَّصَوُّنُ وَالسَّمْتُ الْحَسَنُ، وَحِفْظُ اللِّسَانِ، وَتَجَنُّبُ مُخَالَطَةِ الْأَرَاذِلِ، وَتَرْكُ الْإِكْثَارِ مِنْ الْمُدَاعَبَةِ وَالْفُحْشِ وَكَثْرَةِ الْمُجُونِ، وَتَجَنُّبُ السُّخْفِ، وَالِارْتِفَاعُ عَنْ كُلِّ خُلُقٍ

اسم الکتاب : تبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الأحكام المؤلف : ابن فرحون    الجزء : 1  صفحة : 259
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست