responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الأحكام المؤلف : ابن فرحون    الجزء : 1  صفحة : 249
[فَصْلٌ الْإِشْهَادِ فِي الْحُقُوقِ]
فَصْلٌ: وَأَمَّا مَا تَجِبُ فِيهِ فَالْكَلَامُ فِيهِ فِي فَصْلَيْنِ: الْأَوَّلُ فِي حُكْمِ الْإِشْهَادِ فِي الْحُقُوقِ: كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَالسَّلَمِ وَالْقَرْضِ، وَمَا فِي مَعْنَى ذَلِكَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ} [البقرة: 282] وَيَجْرِي مَجْرَى الْمُبَايَعَةِ الْحُقُوقُ عَلَى اخْتِلَافِ أَنْوَاعِهَا، وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي هَذَا الْأَمْرِ فَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: هُوَ عَلَى الْوُجُوبِ وَقَالَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: هُوَ عَلَى النَّدْبِ، وَإِنَّمَا قَالَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - ذَلِكَ إنْ كَانَ مَذْهَبُهُ أَنَّ الْأَمْرَ مَحْمُولٌ عَلَى الْوُجُوبِ، إذَا تَعَرَّى مِنْ الْقَرَائِنِ لِأَدِلَّةٍ قَامَتْ عَلَى ذَلِكَ مِنْهَا قَوْله تَعَالَى: {وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ} [البقرة: 283] ، فَلَمَّا جَازَ أَنْ يُتْرَكَ الرَّهْنَ الَّذِي هُوَ بَدَلُ الشَّهَادَةِ، جَازَ تَرْكُ الْإِشْهَادِ إذْ لَا يُفَرِّقُ الْمُخَالِفُ بَيْنَ تَرْكِ الْإِشْهَادِ وَالرَّهْنِ الَّذِي هُوَ بَدَلُهُ، بَلْ يَقُومُ بِوُجُوبِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، اُنْظُرْ بَاقِيَ الْأَدِلَّةِ فِي الْمُقَدِّمَاتِ.
فَصْلٌ: وَحُكْمُ الدَّيْنِ حُكْمُ الْبَيْعِ، كَمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ مَنْدُوبٌ إلَى الْإِشْهَادِ فِيهِ، فَإِذَا قُلْنَا إنَّهُ غَيْرُ وَاجِبٍ فِيهِمَا، فَإِنَّهُ حَقٌّ لِكُلِّ مَنْ دُعِيَ إلَيْهِ مِنْ الْمُتَبَايِعَيْنِ أَوْ الْمُتَدَايِنَيْنِ، عَلَى صَاحِبِهِ يُقْضَى لَهُ بِهِ عَلَيْهِ إنْ أَبَاهُ؛ لِأَنَّ مِنْ حَقِّهِ أَنْ لَا يَأْتَمِنَهُ، وَلِذَلِكَ وَجَبَ عَلَى مَنْ بَاعَ سِلْعَةً لِغَيْرِهِ، الْإِشْهَادُ عَلَى الْبَيْعِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ ضَمِنَ؛ لِأَنَّ رَبَّ السِّلْعَةِ لَمْ يَرْضَ بِائْتِمَانِهِ، وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا فِيهِ حَقٌّ لِغَائِبٍ الْإِشْهَادُ فِيهِ وَاجِبٌ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي الزَّانِيَيْنِ: {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [النور: 2] ، فَأَمَرَ بِالْإِشْهَادِ لِمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ مِنْ حَقِّ غَيْرِهِ، وَمِنْ ذَلِكَ اللِّعَانُ لَا يَكُونُ إلَّا بِمَحْضَرِ جَمَاعَةٍ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ، لِانْقِطَاعِ نَسَبِ الْوَلَدِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَحْكَامِ.

[فَصْلٌ الْإِشْهَادِ فِي النِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ وَالرَّجْعَةِ]
الثَّانِي: حُكْمُ الْإِشْهَادِ فِي النِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ وَالرَّجْعَةِ، وَالْإِشْهَادُ عَلَى عَقْدِ النِّكَاحِ، لَيْسَ بِوَاجِبٍ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَإِنَّمَا يَجِبُ الْإِشْهَادُ عِنْدَ الدُّخُولِ لِنَفْيِ التُّهْمَةِ وَالْمَظِنَّةِ عَنْ نَفْسِهِ، وَمَعْنَى قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا نِكَاحَ إلَّا بِوَلِيٍّ وَصَدَاقٍ وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ» ، أَيْ لَا يَكُونُ وَطْءُ النِّكَاحِ إلَّا بِاجْتِمَاعِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ حَقِيقَةً إنَّمَا يَقَعُ عَلَى الْوَطْءِ، وَإِنَّمَا سُمِّيَ الْعَقْدُ نِكَاحًا لِأَنَّ النِّكَاحَ الَّذِي هُوَ الْوَطْءُ يَكُونُ بِهِ، فَسُمِّيَ بِاسْمِ مَا قَرُبَ مِنْهُ، وَلَا يَصِحُّ أَنْ يُحْمَلَ الْحَدِيثُ عَلَى الْعَقْدِ؛ لِأَنَّهُ

اسم الکتاب : تبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الأحكام المؤلف : ابن فرحون    الجزء : 1  صفحة : 249
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست