responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الأحكام المؤلف : ابن فرحون    الجزء : 1  صفحة : 242
- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: صَدَقَ فَأَعْطِهِ إيَّاهُ فَأَعْطَانِيهِ، فَبِعْتُ الدِّرْعَ فَاشْتَرَيْت بِهِ مَخْرَفًا فِي بَنِي سَلِمَةَ فَإِنَّهُ لَأَوَّلُ مَالٍ تَأَثَّلْتُهُ فِي الْإِسْلَامِ» .
قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ الْبَاجِيُّ: احْتَجَّ أَصْحَابُنَا بِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَفَعَ السَّلَبَ إلَى أَبِي قَتَادَةَ، بِقَوْلٍ وَاحِدٍ دُونَ يَمِينٍ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ يُقْبَلُ فِيهِ الْوَاحِدُ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَيَكُونُ طَرِيقُهُ الْخَبَرُ لَا الشَّهَادَةُ.
قَالَ الْبَاجِيُّ وَعِنْدِي أَنَّهُ يَجُوزُ فِي ذَلِكَ قَبُولُ الْوَاحِدِ، وَإِلَّا فَظَاهِرُ الْبَيِّنَةِ فِي قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ يَقْتَضِي الشَّهَادَةَ) وَلَا تَكُونُ إلَّا بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ، وَلَكِنْ لَمَّا ظَهَرَ صِدْقُ أَبِي قَتَادَةَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِشَهَادَةِ الرَّجُلِ. وَذَكَرَ الْقِصَّةَ اكْتَفَى بِذَلِكَ، وَمِنْ ذَلِكَ «مَا وَقَعَ فِي غَزْوَةِ بَدْرٍ لِابْنَيْ عَفْرَاءَ، لَمَّا تَدَاعَيَا قَتْلَ أَبِي جَهْلٍ، فَقَالَ لَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: هَلْ مَسَحْتُمَا سَيْفَيْكُمَا؟ فَقَالَا: لَا، فَقَالَ: أَرِيَانِي سَيْفَيْكُمَا فَلَمَّا نَظَرَ إلَيْهِمَا قَالَ: هَذَا قَتَلَهُ، وَقَضَى لَهُ بِسَلَبِهِ» ، فَاعْتَمَدَ عَلَى الْأَثَرِ فِي السَّيْفِ.
وَكَذَلِكَ فِي قِصَّةِ قَتْلِ ابْنِ أَبِي الْحُقَيْقِ، لَمَّا «دَخَلَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي بَيْتِهِ لَيْلًا فَضَرَبُوهُ بِسُيُوفِهِمْ، وَغَرَزَ أَحَدُهُمْ السَّيْفَ فِي بَطْنِهِ حَتَّى خَرَجَ مِنْ ظَهْرِهِ، فَلَمَّا نَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى سُيُوفِهِمْ، وَجَدَ فِي ذَلِكَ السَّيْفِ أَثَرَ الطَّعَامِ فَقَالَ: هَذَا قَتَلَهُ، وَحَكَمَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمُوجِبِ اللَّوْثِ، وَنَزَّلَهُ مَنْزِلَةَ الشَّاهِدِ، وَجَعَلَ لِوُلَاةِ الدَّمِ أَنْ يَحْلِفُوا مَعَهُ» .
وَكَذَلِكَ جَعَلَ مَعْرِفَةَ الْعِفَاصِ وَالْوِكَاءِ قَائِمًا مَقَامَ الْبَيِّنَةِ، وَكَذَلِكَ «حَكَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْقَافَةِ» وَجَعَلَهَا دَلِيلًا عَلَى ثُبُوتِ النَّسَبِ. وَمِنْ ذَلِكَ حَكَمَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِرَجْمِ الْمَرْأَةِ إذَا ظَهَرَ بِهَا حَمَلٌ، وَلَيْسَ لَهَا زَوْجٌ، وَجَعَلَ ذَلِكَ يَقُومُ مَقَامَ الْبَيِّنَةِ فِي أَنَّهَا زَانِيَةٌ، وَكَذَلِكَ إذَا قَاءَ الْخَمْرَ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا يَطُولُ تَعْدَادُهُ، وَقَدْ اسْتَوْعَبْنَاهُ فِي بَابِ الْحُكْمِ بِالْقَرَائِنِ، فَمَتَى ظَهَرَ الْحَقُّ وَأَسْفَرَتْ طَرِيقُ الْعَدْلِ، فَثَمَّ شَرْعُ اللَّهِ وَدِينُهُ، وَلَمَّا كَانَتْ الْبَيِّنَاتُ مُرَتَّبَةً بِحَسَبِ الْحُقُوقِ الْمَشْهُودِ فِيهَا، وَالْمُحْتَاجِ إلَى إقَامَتِهَا، وَمَا هِيَ عَلَيْهِ مِنْ التَّوْسِعَةِ وَالتَّضْيِيقِ وَالتَّثْقِيلِ وَالتَّخْفِيفِ، وَإِمْكَانِ التَّوْثِيقِ

اسم الکتاب : تبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الأحكام المؤلف : ابن فرحون    الجزء : 1  صفحة : 242
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست