responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الأحكام المؤلف : ابن فرحون    الجزء : 1  صفحة : 200
وَمِنْهَا شَهَادَاتُ مَنْ يُوَجِّهُهُمْ الْحَاكِمُ إلَى امْتِحَانِ مَا لَا غِنَى بِهِمْ عَنْ امْتِحَانِهِ مِمَّنْ يَثِقُونَ بِهِ كَالْعَبْدِ فِيهِ الْعَيْبُ، فَيَبْعَثُ بِهِ الْحَاكِمُ إلَى مَنْ يَثِقُ بِهِ مِنْ أَهْلِ الْبَصَرِ وَالنَّظَرِ يَشْهَدُونَ عِنْدَهُ بِهِ فَلَيْسَ فِيهِمْ إعْذَارٌ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يُسْأَلُوا الشَّهَادَةَ، وَإِنَّمَا الْقَاضِي اسْتَخْبَرَهُمْ فَأَخْبَرُوهُ، وَالْإِعْذَارُ إنَّمَا هُوَ عَلَى الظُّنُونِ وَالتُّهْمَةِ لِلشُّهُودِ، وَكَذَلِكَ الْإِعْذَارُ فِي الْمُوَجَّهِينَ إلَى حِيَازَةِ مَا شُهِدَ بِهِ عِنْدَهُمْ مِمَّا لَا بُدَّ أَنْ يُحَازُوا إلَى تَنْفِيذِ مَا لَا يُمْكِنُهُمْ إنْفَاذُهُ فِي مَجَالِسِهِمْ لِأَسْبَابٍ يَطُولُ ذِكْرُهَا فَلَا إعْذَارَ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الشَّهَادَاتِ، وَرُبَّمَا اُكْتُفِيَ فِي كَثِيرٍ مِنْهَا بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ، فَهَلْ هَذِهِ كُلُّهَا إلَّا شَهَادَاتٌ، وَهَلْ بَيْنَهَا وَبَيْنَ غَيْرِهَا فَرْقٌ فِي شَيْءٍ.
وَمِنْهَا اسْتِفَاضَةُ الشَّهَادَاتِ الْمَشْهُودِ بِهَا عِنْدَ الْحُكَّامِ فِي الْأَسْبَابِ الْقَدِيمَةِ وَالْحَدِيثَةِ، وَفِي الْمَوْتِ الْقَدِيمِ وَالْحَدِيثِ، وَفِي النِّكَاحَاتِ الْقَدِيمَةِ وَالْحَدِيثَةِ، وَفِي الْوَلَاءِ الْقَدِيمِ، وَفِي الْأَحْبَاسِ الْقَدِيمَةِ وَفِي الضَّرَرِ يَكُونُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ، وَفِي أَشْيَاءَ غَيْرِ هَذَا يَطُولُ ذِكْرُهَا، وَلِهَذِهِ الشَّهَادَاتِ بَابٌ مُسْتَوْعَبٌ يَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ وَالضَّرَرِ مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَسْقُطُ الْإِعْذَارُ فِي الشَّهَادَةِ بِالضَّرَرِ وَكَذَلِكَ يَسْقُطُ الْإِعْذَارُ فِي حُكْمِ الْحَكَمَيْنِ، قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: لِأَنَّهُمَا يَحْكُمَانِ فِي ذَلِكَ بِمَا خَلَصَ إلَيْهِمَا بَعْدَ النَّظَرِ وَالْكَشْفِ وَلَيْسَ حُكْمُهُمَا بِالشَّهَادَةِ الْقَاطِعَةِ، قَالَ أَبُو إبْرَاهِيمَ فَإِلَى هَذِهِ الْأُمُورِ نَزَعْت فِي تَرْكِ الْإِعْذَارِ إلَى هَذَا الْمُلْحِدِ، قَالَ ابْنُ سَهْلٍ: لَقَدْ أَحْسَنَ أَبُو إبْرَاهِيمَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي هَذَا التَّبْيِينِ وَالنُّصْحِ لِلْمُسْلِمِينَ، وَإِنْ كَانَ فِي فُصُولٍ مِنْ كَلَامِهِ اعْتِرَاضٌ عَلَى الْأُصُولِ وَفِي بَعْضِهَا اخْتِلَافٌ.
وَالْحَقُّ الْبَيِّنُ: أَنَّ مَنْ تَظَاهَرَتْ الشَّهَادَاتُ عَلَيْهِ فِي إلْحَادٍ أَوْ غَيْرِهِ هَذَا التَّظَاهُرَ وَكَثُرَتْ الْبَيِّنَةُ الْعَادِلَةُ عَلَيْهِ هَذِهِ الْكَثْرَةَ فَالْإِعْذَارُ إلَيْهِ مَعْدُومُ الْفَائِدَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَطِيعُ تَجْرِيحَ جَمِيعِهِمْ، وَلَا يُمْكِنُهُ الْإِتْيَانُ بِمَا يُسْقِطُ بِهِ شَهَادَتَهُمْ وَمَنْ قَالَ بِالْإِعْذَارِ قَالَ أَصْلُهُ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ وَالْحُكَّامِ فِي لُزُومِ الْإِعْذَارِ فِي الْأَمْوَالِ، وَمَنْ اجْتَهَدَ أَصَابَ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ.

اسم الکتاب : تبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الأحكام المؤلف : ابن فرحون    الجزء : 1  صفحة : 200
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست