responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الأحكام المؤلف : ابن فرحون    الجزء : 1  صفحة : 147
الشَّرْطُ الثَّالِثُ: مِنْ شُرُوطِ سَمَاعِ الدَّعْوَى أَنْ تَكُونَ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِهَا حُكْمٌ أَوْ غَرَضٌ صَحِيحٌ، فَمِثَالُ مَا يَتَعَلَّقُ بِهَا حُكْمٌ أَنْ يَدَّعِيَ رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ بِدَيْنٍ وَيُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ وَعَدَلَتْ الْبَيِّنَةُ، فَقَالَ الْمَطْلُوبُ لِلْقَاضِي: اسْتَحْلِفْ لِي الطَّالِبَ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ كَوْنَ شُهُودِهِ مَجْرُوحِينَ، فَإِنَّ هَذَا مِمَّا اخْتَلَفَ فِيهِ الْعُلَمَاءُ، هَلْ تَجِبُ فِيهِ الْيَمِينُ أَوْ لَا تَجِبُ؟ فَمَنْ لَمْ يُوجِبْهَا اعْتَلَّ بِأَنَّ حَقِيقَةَ الدَّعْوَى أَنْ تَكُونَ مُتَعَلِّقَةً بِاسْتِحْقَاقِ أَمْرٍ يُسْتَخْرَجُ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَهَا هُنَا لَا يُطْلَبُ مِنْ الْقَاضِي اسْتِخْرَاجُ شَيْءٍ مِنْ الَّذِي شَهِدَتْ لَهُ الْبَيِّنَةُ بِحَقِّهِ. وَكَذَلِكَ اخْتَلَفُوا فِي الْمُدَّعِي إذَا طَالَبَ يَمِينَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ الْمَطْلُوبُ: كُنْت اسْتَحْلَفْتَنِي، فَاحْلِفْ لِي أَنَّك لَمْ تَسْتَحْلِفْنِي فَمَنْ ذَهَبَ إلَى اسْتِحْلَافِهِ رَأَى أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي هَذَا الْأَصْلِ أَنْ تَكُونَ الدَّعْوَى لَوْ أَقَرَّ بِهَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَا تَنْفَعُ الْمُدَّعِي بِإِقْرَارِهِ، فَيَجِبُ عَلَى هَذَا أَنْ يَحْلِفَ مَنْ أَقَامَ بَيِّنَةً وَعَدَلَتْ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ بِفِسْقِهِمْ وَلَا اطَّلَعَ عَلَيْهِ إذَا قَالَ لَهُ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ: أَنَا أَعْلَمُ بِعِلْمِك بِفِسْقِ شُهُودِك، وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ لَهُ احْلِفْ لِي أَنَّك لَمْ تَسْتَحْلِفْنِي عَلَى هَذَا الْحَقِّ فِيمَا مَضَى، لَمْ يَكُنْ لِلْمُدَّعِي أَنْ يُحَلِّفَهُ يَمِينًا ثَانِيَةً حَتَّى يَحْلِفَ، وَبِهَذَا مَضَى الْقَضَاءُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَالْفُتْيَا عِنْدَنَا أَنْ يَلْزَمَ الْمُدَّعِيَ الْيَمِينُ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ مَا اسْتَحْلَفَهُ قَبْلَ ذَلِكَ أَوْ يَرُدَّ عَلَيْهِ الْيَمِينَ أَنَّهُ قَدْ اسْتَحْلَفَهُ عَلَى هَذِهِ الدَّعْوَى ثُمَّ لَا يُحَلِّفُهُ مَرَّةً أُخْرَى. وَقَاعِدَةُ الْمَذْهَبِ: أَنَّ كُلَّ دَعْوَى لَوْ أَقَرَّ بِهَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَا تَنْفَعُ الْمُدَّعِيَ بِإِقْرَارِهِ، فَإِنَّهُ إذَا لَمْ يُقِرَّ وَأَنْكَرَ تَعَلَّقَتْ عَلَيْهِ الْيَمِينُ عَلَى الْجُمْلَةِ مَا لَمْ يُحَرِّمْ بِذَلِكَ أَصْلًا مِنْ قَوَاعِدِ الشَّرْعِ، مِثْلَ أَنْ يَطْلُبَ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ الْقَاضِيَ بِالْيَمِينِ أَنَّهُ مَا جَارَ عَلَيْهِ، أَوْ يَطْلُبَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ يَمِينَ الشُّهُودِ أَنَّهُمْ لَمْ يَكْذِبُوا فِي شَهَادَتِهِمْ، فَإِنَّ هَذَا لَا يَخْتَلِفُ فِي سُقُوطِ الدَّعْوَى وَكَوْنِهَا لَا يُلْتَفَتُ إلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا تُفْسِدُ قَوَاعِدَ الشَّرْعِ فِي الْأَحْكَامِ، وَلَا شَاءَ أَحَدٌ أَنْ يَحُطَّ مَنْزِلَةَ الْقَاضِي أَوْ الشُّهُودِ إلَّا وَادَّعَى مِثْلَ ذَلِكَ حَتَّى يُؤَدِّيَ ذَلِكَ إلَى الْوُقُوفِ عَنْ الْقَضَاءِ وَالشَّهَادَةِ. وَأَمَّا تَحْلِيفُ الْقَاضِي لِلشُّهُودِ فَلَيْسَ مِنْ هَذَا الْبَابِ، وَسَيَأْتِي ذِكْرُهُ فِي قِسْمِ السِّيَاسَةِ.

مَسْأَلَةٌ: وَتُسْتَثْنَى مِنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ أَيْضًا دَعْوَى الْمَرْأَةِ عَلَى زَوْجِهَا أَنَّهُ طَلَّقَهَا، وَدَعْوَى الْعَبْدِ عَلَى سَيِّدِهِ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ، فَإِنَّ عِنْدَنَا لَا تَتَعَلَّقُ الْيَمِينُ بِهَذِهِ الدَّعْوَى الْمُجَرَّدَةِ لِأَجْلِ أَنَّ ذَلِكَ لَوْ فُتِحَ فِيهِ الْبَابُ لَمْ تَشَأْ امْرَأَةٌ أَنْ تَسْتَحْلِفَ زَوْجَهَا كُلَّ يَوْمٍ مِرَارًا إلَّا وَفَعَلَتْ، وَكَذَا الْعَبْدُ مَعَ سَيِّدِهِ إذَا ادَّعَى عَلَيْهِ الْعِتْقَ فَسَقَطَتْ هَذِهِ الدَّعْوَى مَعَ كَوْنِهَا مُفِيدَةً لَوْ أَقَرَّ بِهَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ،

اسم الکتاب : تبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الأحكام المؤلف : ابن فرحون    الجزء : 1  صفحة : 147
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست