responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الأحكام المؤلف : ابن فرحون    الجزء : 1  صفحة : 131
بِالتَّصْرِيحِ بِأَنَّهُ حُكْمٌ، هَذَا فِي الصُّوَرِ الْمُتَنَازَعِ فِيهَا الَّتِي حَكَمَ الْحَاكِمُ فِيهَا بِطَرِيقِ الْإِنْشَاءِ.
أَمَّا الصُّوَرُ الْمُجْمَعُ عَلَيْهَا كَثُبُوتِ الْقِيمَةِ فِي الْإِتْلَافِ، وَالْقَتْلِ لِلْقِصَاصِ وَثُبُوتِ الدَّيْنِ عِنْدَهُ فِي الذِّمَّةِ، وَعَقْدِ الْقِرَاضِ، وَثُبُوتِ السَّرِقَةِ لِلْقَطْعِ، فَالثُّبُوتُ الْكَامِلُ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ جَمِيعِهَا لَا يَسْتَلْزِمُ إنْشَاءَ حُكْمٍ مِنْ جِهَةِ الْحَاكِمِ، بَلْ أَحْكَامُ هَذِهِ الصُّوَرِ مُتَقَرِّرَةٌ فِي أَصْلِ الشَّرِيعَةِ إجْمَاعًا، وَوَظِيفَةُ الْحُكَّامِ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ إنَّمَا هِيَ التَّنْفِيذُ وَسَيَأْتِي بَيَانُ مَعْنَاهُ. وَأَمَّا فِيمَا عَدَا التَّنْفِيذَ فَالْحَاكِمُ وَالْمُفْتِي فِيهِ سَوَاءٌ، وَلَيْسَ هَا هُنَا حُكْمٌ اسْتَنَابَ صَاحِبُ الشَّرْعِ فِيهِ الْحَاكِمَ أَصْلًا أَلْبَتَّةَ، بَلْ هَذِهِ أَحْكَامٌ تَتْبَعُ أَسْبَابَهَا كَانَ ثَمَّ حَاكِمٌ أَمْ لَا، نَعَمْ الَّذِي يَقِفُ عَلَى الْحَاكِمِ التَّنْفِيذُ مَعَ أَنَّهُ غَيْرُ مُخْتَصٍّ بِهِ فِي الدَّيْنِ وَشِبْهِهِ، فَأَوْدَعَ الْمُتْلِفُ الْقِيمَةَ وَالْمَدِينُ الدَّيْنَ وَسَلَّمَ الْبَائِعُ الْبَيْعَ اسْتَغْنَى عَنْ مُنَفِّذٍ مِنْ حَاكِمٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَإِنَّمَا يَحْتَاجُ إلَى الْحَاكِمِ فِي الصُّوَرِ الْمُجْمَعِ عَلَيْهَا إذَا كَانَتْ تَفْتَقِرُ إلَى نَظَرٍ وَاجْتِهَادٍ وَتَحْرِيرِ أَسْبَابٍ، كَفَسْخِ الْأَنْكِحَةِ، أَوْ كَانَ تَفْوِيضُهَا لِلنَّاسِ يُؤَدِّي إلَى التَّهَارُجِ وَالْقِتَالِ كَالْحُدُودِ وَالتَّعَازِيرِ، مَعَ أَنَّ التَّعَازِيرَ مِنْ الْقِسْمِ الَّذِي يَفْتَقِرُ إلَى نَظَرٍ وَاجْتِهَادٍ فِي تَقْدِيرِ التَّعْزِيرِ بِقَدْرِ الْجِنَايَةِ وَالْجَانِي وَالْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، فَظَهَرَ أَنَّ الثُّبُوتَ غَيْرُ الْحُكْمِ قَطْعًا، وَقَدْ يَسْتَلْزِمُ الْحُكْمَ وَقَدْ لَا يَسْتَلْزِمُهُ، وَقَدْ تَكُونُ الصُّورَةُ قَابِلَةً لِاسْتِلْزَامِ الْحُكْمِ وَقَدْ لَا تَكُونُ قَابِلَةً كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي صُوَرِ الْإِجْمَاعِ.
وَإِنَّ الْقَوْلَ بِأَنَّ الثُّبُوتَ حُكْمٌ فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ خَطَأٌ قَطْعًا، وَأَنَّهُ يَتَعَيَّنُ تَخْصِيصُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ، وَتَأْوِيلُ كَلَامِ الْعُلَمَاءِ، وَحَمْلُهُ عَلَى مَعْنًى صَحِيحٍ.
وَقَالَ أَيْضًا فِي الْقَوَاعِدِ فِي (الْفَرْقِ الْخَامِسِ وَالْعِشْرِينَ وَالْمِائَتَيْنِ) اُخْتُلِفَ فِي الْحُكْمِ وَالثُّبُوتِ هَلْ هُمَا مَعْنًى وَاحِدٌ أَوْ الثُّبُوتُ غَيْرُ الْحُكْمِ؟ . وَالْعَجَبُ أَنَّ الثُّبُوتَ يُوجَدُ فِي الْعِبَادَاتِ وَالْمَوَاطِنِ الَّتِي لَا حُكْمَ فِيهَا بِالضَّرُورَةِ إجْمَاعًا فَيَثْبُتُ عِنْدَ الْحَاكِمِ هِلَالُ رَمَضَانَ وَهِلَالُ شَوَّالٍ، وَتَثْبُتُ طَهَارَةُ الْمَاءِ وَنَجَاسَتُهُ، وَيَثْبُتُ عِنْدَ الْحَاكِمِ التَّحْرِيمُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ بِسَبَبِ الرَّضَاعِ، وَيَثْبُتُ التَّحْلِيلُ بِسَبَبِ الْعَقْدِ، وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ مِنْ الْحُكْمِ، وَإِذَا وُجِدَ الثُّبُوتُ بِدُونِ الْحُكْمِ كَانَ أَعَمَّ مِنْ الْحُكْمِ، وَالْأَعَمُّ مِنْ الشَّيْءِ غَيْرُهُ بِالضَّرُورَةِ، ثُمَّ الَّذِي يُفْهَمُ مِنْ الثُّبُوتِ هُوَ مَفْهُومٌ مِنْ الْحُجَّةِ كَالْبَيِّنَةِ وَغَيْرِهَا السَّالِمَةِ مِنْ الْمَطَاعِنِ فَمَتَى وُجِدَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُقَالُ فِي عُرْفِ الِاسْتِعْمَالِ ثَبَتَ عِنْدَ

اسم الکتاب : تبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الأحكام المؤلف : ابن فرحون    الجزء : 1  صفحة : 131
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست