responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الأحكام المؤلف : ابن فرحون    الجزء : 1  صفحة : 119
أَشْيَاءَ: أَهْلِيَّةَ التَّصَرُّفِ وَصِحَّةَ صِيغَتِهِ، وَكَوْنَ تَصَرُّفِهِ فِي مَحَلِّهِ، وَلِذَلِكَ اُشْتُرِطَ فِيهِ ثُبُوتُ الْمِلْكِ وَالْحِيَازَةُ، وَالْحُكْمُ بِالْمُوجِبِ يَسْتَدْعِي شَيْئَيْنِ، وَهُمَا: أَهْلِيَّةُ التَّصَرُّفِ وَصِحَّةُ صِيغَتِهِ، فَيُحْكَمُ بِمُوجِبِهَا وَهُوَ مُقْتَضَاهَا، وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ إنْ كَانَ مَالِكًا صَحَّ الْحُكْمُ؛ لِأَنَّ مُقْتَضَاهَا وَمُوجِبَهَا ذَلِكَ، وَكَأَنَّهُ حَكَمَ بِصِحَّةِ تِلْكَ الصِّيغَةِ الصَّادِرَةِ مِنْ ذَلِكَ الشَّخْصِ فَلَا يَتَطَرَّقُ إلَيْهِ نَقْضٌ مِنْ ذَلِكَ الْوَجْهِ.
قَالَ: وَلِذَلِكَ أَقُولُ: لَيْسَ حَاكِمٌ آخَرُ يَرَى خِلَافَ ذَلِكَ نَقَضَهُ، وَلَا يُنْقَضُ إلَّا أَنْ يَتَبَيَّنَ عَدَمُ الْمِلْكِ، فَيَكُونُ نَقْضُهُ كَنَقْضِ الْحُكْمِ بِالصِّحَّةِ.
تَنْبِيهٌ: وَإِنَّمَا جَازَ الْحُكْمُ بِالْمُوجِبِ مَعَ عَدَمِ ثُبُوتِ الْمِلْكِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَعْسُرُ إثْبَاتُ الْمِلْكِ، قَالَ: وَلَمْ نَجِدْ هَذِهِ اللَّفْظَةَ وَهِيَ الْحُكْمُ بِالْمُوجِبِ فِي شَيْءٍ مِنْ كُتُبِ الْمَذَاهِبِ، إلَّا فِي كِتَابِ أَصْحَابِنَا.
وَقَدْ تَعَرَّضَ الشَّيْخُ الْعَلَّامَةُ سِرَاجُ الدِّينِ الْبُلْقِينِيُّ لِبَيَانِ حَدِّ اللَّفْظَةِ فَقَالَ مَا مُلَخَّصُهُ: الْحُكْمُ بِالْمُوجِبِ هُوَ قَضَاءُ الْمُتَوَلِّي بِأَمْرٍ ثَبَتَ عِنْدَهُ بِالْإِلْزَامِ بِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ الْأَمْرِ خَاصًّا أَوْ عَامًّا عَلَى الْوَجْهِ الْمُعْتَبَرِ عِنْدَهُ فِي ذَلِكَ شَرْعًا، فَذِكْرُ الْقَضَاءِ يَخْرُجُ بِهِ الثُّبُوتُ، فَإِنَّهُ لَيْسَ بِحُكْمٍ عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا سَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ - تَعَالَى -. وَيُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ " الْمُتَوَلِّي " الْإِمَامُ وَنُوَّابُهُ الَّذِينَ لَهُمْ ذَلِكَ عَلَى مَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي حَدِّ الْحُكْمِ بِالصِّحَّةِ، وَيَجْرِي فِي قَوْلِهِ " ثَبَتَ عِنْدَهُ " مَا تَقَدَّمَ فِي حَدِّ الصِّحَّةِ فِي مَعْنَى ذَلِكَ وَقَوْلُهُ " بِالْإِلْزَامِ " إلَى آخِرِهِ يَعْنِي بِالْإِلْزَامِ بِذَلِكَ الْأَمْرَ الَّذِي ثَبَتَ عِنْدَهُ وَهُوَ صُدُورُ الصِّيغَةِ فِي ذَلِكَ، فَالْحُكْمُ يَتَوَجَّهُ إلَى الْإِلْزَامِ بِذَلِكَ الشَّيْءِ الْخَاصِّ لَا مُطْلَقًا كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي كَلَامِ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ. وَمِنْ هَا هُنَا يَظْهَرُ بَيْنَ الْحُكْمِ بِالصِّحَّةِ وَالْحُكْمِ بِالْمُوجِبِ فُرُوقٌ.
الْأَوَّلُ: أَنَّ الْحُكْمَ بِالصِّحَّةِ مُنْصَبٌّ إلَى نَفَاذِ الْعَقْدِ الصَّادِرِ مِنْ بَيْعٍ أَوْ وَقْفٍ وَنَحْوِهِمَا، وَالْحُكْمُ بِالْمُوجِبِ مُنْصَبٌّ إلَى ثُبُوتِ صُدُورِ ذَلِكَ الشَّيْءِ وَالْحُكْمُ عَلَى مَنْ صَدَرَ مِنْهُ بِمُوجِبِ مَا صَدَرَ مِنْهُ، وَلَا يَسْتَدْعِي ثُبُوتَ أَنَّهُ مَالِكٌ مَثَلًا إلَى حِينِ الْبَيْعِ أَوْ الْوُقُوفِ، وَلَا بَقِيَّةَ مَا تَقَدَّمَ فِيمَا يُعْتَبَرُ فِي الْحُكْمِ بِالصِّحَّةِ، وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْبَائِعِ أَوْ الْوَاقِفِ، إذَا حَكَمَ عَلَيْهِ الْقَاضِي بِمُوجِبِ مَا صَدَرَ مِنْهُ، وَهَذَا غَيْرُ سَالِمٍ مِنْ الِاعْتِرَاضِ وَسَيَأْتِي مَا يَرُدُّ عَلَيْهِ.

اسم الکتاب : تبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الأحكام المؤلف : ابن فرحون    الجزء : 1  صفحة : 119
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست