responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الأحكام المؤلف : ابن فرحون    الجزء : 1  صفحة : 110
أَنَّ الطَّلَاقَ لِلرِّجَالِ إلَّا مَا وَقَعَ فِيهِ تَخْيِيرٌ أَوْ تَمْلِيكٌ، فَذَلِكَ بِيَدِ الْمَرْأَةِ، بِمَا جَعَلَ الزَّوْجُ إلَيْهَا، أَوْ وَضَعَهُ بِيَدِهَا، وَمَا سِوَى ذَلِكَ مِمَّا فِيهِ حُكْمُ الْحَاكِمِ فَالطَّلَاقُ إلَيْهِ. وَأَجَابَ لِلْغَائِبِ فِيهَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ عَتَّابٍ بِجَوَابٍ يَطُولُ ذِكْرُهُ بِحُرُوفِهِ. مُلَخَّصُهُ: أَنَّ مَنْ قَامَتْ فِي مَغِيبِ زَوْجِهَا بِعَدَمِ النَّفَقَةِ وَنَظَرَ فِي أَمْرِهَا بِمَا يَجِبُ النَّظَرُ لِلْغَائِبِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يُبِيحُ لَهَا أَنْ تُطَلِّقَ نَفْسَهَا طَلْقَةً يَمْلِكُ الْغَائِبُ فِيهَا رَجْعَتَهَا إنْ رَجَعَ مُوسِرًا فِي عِدَّتِهَا، وَنَصَّ عَلَى ذَلِكَ ابْنُ الْعَطَّارِ، قَالَ ابْنُ عَتَّابٍ: وَهُوَ مِنْ الْعُلَمَاءِ الْفُقَهَاءِ الْمَوْثُوقِ بِهِمْ: وَلَا مُخَالِفَ لَهُ فِيمَا أَعْلَمُ.
وَالْحُجَّةُ لَهُ قَائِمَةٌ عَنْ السُّنَّةِ وَهُوَ حَدِيثُ بَرِيرَةَ فَقَدْ قَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنْتِ أَمْلَكُ بِنَفْسِك إنْ شِئْت أَقَمْت مَعَ زَوْجِك، وَإِنْ شِئْت فَارَقْتِيهِ» وَمَعْنَى الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ رَاجِعَةٌ إلَى هَذَا الْأَصْلِ وَمُسْتَنْبَطَةٌ مِنْهُ، فَالْحَاكِمُ يَقُولُ لِلْقَائِمَةِ عِنْدَهُ بِعَدَمِ النَّفَقَةِ بَعْدَ كَمَالِ نَظَرِهِ بِمَا يَجِبُ إنْ شِئْت أَنْ تُطَلِّقِي نَفْسَك، وَإِنْ شِئْت التَّرَبُّصَ عَلَيْهِ، فَإِنْ طَلَّقْت أَشْهَدْت عَلَى ذَلِكَ قَالَ ابْنُ عَتَّابٍ: وَهَذَا وَاضِحٌ إلَّا عِنْدَ مَنْ عَانَدَ السُّنَّةَ وَخَالَفَ الْأَئِمَّةَ، وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى مَا قُلْنَا مَا وَقَعَ فِي الْمُدَوَّنَةِ قِيلَ لِابْنِ الْقَاسِمِ لِمَ جَعَلَ مَالِكٌ خِيَارَ الْأَمَةِ بِطَلْقَةٍ بَائِنَةٍ؟ . قَالَ: لِأَنَّ كُلَّ فُرْقَةٍ مِنْ قِبَلِ السُّلْطَانِ فَهِيَ تَطْلِيقَةٌ بَائِنَةٌ عِنْدَ مَالِكٍ، وَإِنْ لَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهَا مَالٌ. أَلَا تَرَى أَنَّ الزَّوْجَ إذَا لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَمَسَّ امْرَأَتَهُ فَضَرَبَ لَهُ أَجَلَ سَنَةٍ وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا أَنَّهَا تَطْلِيقَةٌ بَائِنَةٌ، وَالْمَعْنَى الْمَقْصُودُ إلَيْهِ مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْمَرْأَةَ هِيَ الْمُفَارِقَةُ وَأَضَافَهُ إلَى السُّلْطَانِ، وَمِثْلُ ذَلِكَ بِالْمُعْتَرِضِ عَنْ امْرَأَتِهِ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى اتِّفَاقِهِمَا فِي الْحُكْمِ، وَمِنْ هَذَا الْمَعْنَى: الْحُرُّ يَتَزَوَّجُ الْأَمَةَ عَلَى الْحُرَّةِ فَلَهَا الْخِيَارُ، وَلَهَا إيقَاعُ الطَّلَاقِ.
وَجُمْلَةُ الْقَوْلِ أَنَّ الْحَقَّ إذَا كَانَ لِلْمَرْأَةِ خَالِصًا فَإِنْفَاذُ الطَّلَاقِ إلَيْهَا مَعَ إبَاحَةِ الْحَاكِمِ لَهَا ذَلِكَ، كَمَا جَاءَ فِي حَدِيثِ بَرِيرَةَ، وَنِسْبَةُ الطَّلَاقِ إلَى الْقَاضِي؛ لِكَوْنِهِ يُنْفِذُهُ وَيَحْكُمُ بِهِ كَمَا يُقَالُ فَرَّقَ السُّلْطَانُ بَيْنَهُمَا، وَكَمَا يُقَالُ قَطَعَ الْأَمِيرُ السَّارِقَ وَرَجَمَ وَجَلَدَ وَهُوَ لَمْ يَفْعَلْ، وَإِنَّمَا أَمَرَ بِهِ، فَمَا جَاءَ مِنْ تَفْرِيقِ السُّلْطَانِ فَهُوَ بِهَذَا الْمَعْنَى، وَلَوْ أَرَادَ السُّلْطَانُ إنْفَاذَ الطَّلَاقِ فِيمَا تَقَدَّمَ وَفِي الْعِنِّينِ وَفِي الْأَمَةِ تُعْتَقُ، وَفِي الْحُرِّ يَتَزَوَّجُ الْأَمَةَ عَلَى الْحُرَّةِ، فَقَالَتْ الْمَرْأَةُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ كُلِّهَا أَنَا أُقِيمُ، وَلَا أُرِيدُ الْفِرَاقَ كَانَ ذَلِكَ لَهَا.
، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي امْرَأَةِ الْمُعْتَرِضِ تَقُولُ لَا تُطَلِّقُونِي وَأَنَا أَصْبِرُ إلَى أَجَلٍ آخَرَ، قَالَ ذَلِكَ لَهَا ثُمَّ تُطَلِّقُ نَفْسَهَا مَتَى شَاءَتْ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ، وَكَذَلِكَ الَّذِي يَحْلِفُ لَيَقْضِيَنَّ فُلَانًا حَقَّهُ أَنَّهُ يُوقَفُ عَنْ امْرَأَتِهِ، فَإِذَا جَاءَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ قِيلَ لَهُ فَيْءٌ، وَإِلَّا طَلَّقْنَا عَلَيْك، فَتَقُولُ امْرَأَتُهُ

اسم الکتاب : تبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الأحكام المؤلف : ابن فرحون    الجزء : 1  صفحة : 110
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست