اسم الکتاب : النظام القضائي في الفقه الإسلامي المؤلف : محمد رأفت عثمان الجزء : 1 صفحة : 418
رجل منهم فيدفع برمته" [1]. فقالوا: أمر لم نشهده كيف نحلف؟ قال: "فتبرئكم يهود بأيمان خمسين منهم"، قالوا: يا رسول الله، قوم كفار؟.
وفي لفظ لأحمد: فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "تسمون قاتلكم، ثم تحلفون عليه خمسين يمينا، ثم نسلمه".
وفي رواية متفق عليها: "فقال لهم: تأتون بالبينة على من قتله"، قالوا: ما لنا من بينة، قال: "فيحلفون"، قالوا: لا نرضى بأيمان اليهود، فكره رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يبطل دمه، فوداه[2] بمائة من إبل الصدقة[3].
فهذه الأحاديث الشريفة دليل على مشروعية القسامة، وإلى هذا ذهب جمهور الصحابة، والتابعين، والعلماء من الحجاز، والكوفة، والشام، ومن هؤلاء مالك، والشافعي، وأبو حنيفة، وأحمد، وسفيان الثوري، وداود، وأصحابهم، وغير ذلك من فقهاء الأمصار. وقد اتفق هؤلاء على مشروعية القسامة في الجملة، لكنهم مختلفون في التفاصيل.
فإذا وجد شخص مقتولا في محلة قوم[4]، أو بلدة صغيرة لأعدائه، لا يسكنها غيرهم، ولا يعرف قاتله، ولا توجد بينة بقتله، وادعى وليه القتل على أهل [1] الرمة: الحبل الذي يربط به من عليه القصاص. المغني، ج8، ص77، وقال في المصباح: "والرمة بالضم: القطعة من الحبل، وبه كني ذو الرمة، وأخذت الشيء برمته أي: جميعه، وأصله أن رجلا باع بعيرا وفي عنقه حبل، فقيل: ادفعه برمته، ثم صار كالمثل في كل ما لا ينقص ولا يؤخذ منه شيء" المصباح المنير، مادة: رمم. [2] فوداه أي: دفع ديته، وإنما وداه الرسول -صلى الله عليه وسلم- قطعا للنزاع، وإصلاحا لذات البين، فإن أهل القتيل -كما قال النووي- لا يستحقون إلا أن يحلفوا أو يستحلفوا المدعى عليهم، وقد امتنعوا من الأمرين، وهم مكسورون بقتل صاحبهم فأراد الرسول جبرهم وقطع المنازعة. [3] نيل الأوطار، ج7، ص183، 184. [4] محلة القوم، المكان الذي ينزله القوم.
اسم الکتاب : النظام القضائي في الفقه الإسلامي المؤلف : محمد رأفت عثمان الجزء : 1 صفحة : 418