اسم الکتاب : الشبهات وأثرها في العقوبة الجنائية في الفقه الإسلامي مقارنا بالقانون المؤلف : الحفناوي، منصور الجزء : 1 صفحة : 73
أما ما لزمه من حدود أخرى، فإن بعض فقهاء الشافعية، والحنابلة قد قالوا بأن توبة المحارب قبل القدرة عليه يترتب عليها إسقاط كل ما لزمه من حدود، وقع الاعتداء على حق من حقوق الله سبحانه وتعالى.
وقد أجاب الإمام الشافعي على ما يمكن أن يثار من أن الآية الكريمة إنما تتكلم عن الحرابة، وهذه قرينة على أن أثر التوبة قاصر على التأثير في الحرابة فقط، فقال بعد أن ذكر أن الحد حدان، حد الله تعالى وحد للآدميين: "فأما أصل حد الله تبارك وتعالى في كتبه، فقوله عز وجل: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} ، إلى قوله {رَحِيم} ، فأخبر الله تبارك اسمه بما عليهم من الحد إلا أن يتوبوا من قبل أن يقدر عليهم، ثم ذكر حد الزنا والسرقة، ولم يذكر فيما استثنى، فاحتمل ذلك أن لا يكون الاستثناء إلا حيث جعل في المحارب خاصة، واحتمل أن يكون كل حد لله عز وجل، فتاب صاحبه قبل أن يقدر عليه سقط عنه، كما احتمل حين قال النبي -صلى الله عليه وسلم- في حد الزنا في ماعز "ألا تركتموه" أن يكون كذلك عند أهل العلم، السارق إذا اعترف بالسرقة، والشارب إذا اعترف بالشرب، ثم رجع عنه قبل أن يقام عليه الحد، سقط عنه.
ومن قال هذا: قاله في كل حد لله عز وجل، فتاب صاحبه قبل أن يقدر عليه سقط عنه حد الله تبارك وتعالى في الدنيا، وأخذ بحقوق الآدميين، واحتج بالمرتد عن الإسلام، ثم رجع إلى الإسلام، فيسقط عند القتل[1].
وما دام إطلاق الآية الكريمة قد احتمل أن يكون أثر التوبة مسقطًا لكل حد لله عز وجل، فلم يضيق الأمر إذا. [1] الأم ج7 ص51ط دار الشعب نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج ج8 ص6 القرطبي ج3 ص2155 دار الشعب.
اسم الکتاب : الشبهات وأثرها في العقوبة الجنائية في الفقه الإسلامي مقارنا بالقانون المؤلف : الحفناوي، منصور الجزء : 1 صفحة : 73